تعالت الأصوات ضجرا وسخطا مما يجري داخل أسوار المدارس. آباء أثقلت كاهلهم أعباء الحياة وزادتهن المعلمات وهنا على وهن.. سلسلة طلبات متصلة لا تنتهي، وأمور لا يبتغى منها شيء إلا المنافسة اللا محمودة وحفلات متكررة تهدر فيها أموال البسطاء بكل بساطة وهي التي لا تأتيهم إلا بعد خروج الروح.. كل هذا قد عهدناه سلفا وصمتنا.. لم نكن نملك خيارا إلا الصمت. أما اليوم ونحن نعيش عصر الانفتاح والشفافية تحت مظلة ملك عادل لا يرضى أن يمس الظلم والسوء أحدا من رعيته فكيف وقد ظلم خلق كثير في كل أرجاء الوطن. القصة غريبة ولا تكاد تصدق.. معلمات جعلن التعليم تجارة فامتطين جواد هوامير السوق يسابقن الأثرياء بما يجمعنه من أموال بطرق شتى والضحية طالبة وأسرة ومجتمع ثم دولة. تفاصيل هذه القصة الجديدة طلبات عصرية حديثة حولت بها المعلمات الفصول إلى قاعات محاضرات أو بالأصح ممالك خاصة كما هي بعض الكليات لدينا بالتجربة وبالدليل برهان وإثبات. هؤلاء المعلمات يمارسن فرد العضلات.. ولا أحد يجرؤ أن يتكلم أو ينطق بحرف خوفا على مستقبل ابنته الدراسي وجهلا منه بما وصل إليه الوطن من منجزات. تجارتهن هي تدوير المنهج الدراسي الذي تقوم بطباعته الوزارة تحت بند مالي مخصص لهذا الأمر وتسمى عملية التدوير هذه بالملخص أو الملزمة. وكل معلمة مادة في كل مدرسة تؤلف ملخصا دراسيا خاصا بها.. وتتعاقد أو شبه تتعاقد مع مكتبة معينة للنسخ والطباعة والتصوير والتسويق والأرباح بالنسبة. وعندما يذهب ولي أمر الطالبة لمكتبة أخرى غير تلك سوف لن يجد الملخص الخاص لابنته وإن اشتراه فستعيده له ابنته في اليوم التالي بأمر المعلمة ليشتري ملخصها الخاص من المكتبة الشريكة مما يرفع من سعر أسهمها وبالتالي زيادة الأرباح. ولو أجرينا عملية رياضية بسيطة بعد الاستعانة بملخص مادة الحساب لحساب عدد الملخصات في منطقة جازان فقط حيث أسكن فستكون النتيجة عددا هائلا ولربما اعتقدت المعلمات أنهن بذلك يساهمن في انتعاش الاقتصاد الوطني، وبالتالي يجب توجيه الشكر والتقدير والتبجيل لهن يدلا من اللوم والعتاب؛ لمساهمتهن الفعالة في زيادة الإنتاج الوطني وعلى أولياء الأمور الكف عن التذمر وتقبل الأمر بروح رياضية وعليهم أن يقدسوا وطنية المعلمات! إن قرارات وزارة التربية والتعليم تنص على عدم تكليف الطالبات وأسرهن بأعباء مالية أبدا. فإذا كانت الوزارة عاجزة عن إخراج قراراتها التي لا تعد ولا تحصى إلى حيز التطبيق والتفعيل والتنفيذ فعليها إما أن تعلن عن ذلك أمام الناس أجمعين لتبرئ ذمتها وتنأى بنفسها عن اللوم، أو أن تبارك وتهلل وترحب وتعترف بحسن صنيع المعلمات وتقوم على الفور بإلغاء البند المالي الخاص بطباعة المناهج والكتب المدرسية وتوجيهه لغرض آخر أكثر نفعا لا يجدن فيه المعلمات ثغرة ولا مسلكا يسلكنه. السادة مسؤولي الوزارة قد لا يعرف أكثركم الحقائق عن وضع أسر مكلومة محرومة.. أسر لا يستطيع بعض أربابها تأمين المصروف اليومي لبناتهن.. أسر تجد حرجا كبيرا في الوفاء بواجباتها اليومية، فكيف بما يحدث في مدارس البنات. وللعلم.. هناك أسر لجأت لسحب بناتها من المدارس بعد أن عجزت عن المساهمة في عمارة ممالك المعلمات. بقي أن أقول على الوزارة التحرك عاجلا لتدارك الموقف وإنقاذ المجتمع من سطوة المعلمات والمعلمين قبل أن يخرج الأمر عن نطاق التحكم والسيطرة. محسن موسى طوهري جازان