أنا طالبة مبتعثة أدرس في الخارج أنا وزوجي، وما زلت في مرحلة اللغة، وفي السنة المقبلة سوف أبدأ مرحلة الماجستير، لدي ولد يبلغ من العمر سنتين أتعبني لدرجة كبيرة، وصرت أعيش تحت ضغط دراسي ونفسي لا يعلمه إلا الله، وأفكر جديا بترك ولدي عند أهلي في المملكة لعدة أسباب، أولها انشغالي أنا وزوجي الدائم عنه بالدراسة، وحتى نبتعد عن مصاريف التكلفة العالية لوضعه في الحضانة والتي في بعض الأحيان تصيبه بعدوى الأمراض حتى أننا أصبحنا نتركه عند صديقتي التي أشعر معها بحرج شديد، ولا أخفيكم أنني حين أتركه لوحده أرى الحزن في عينيه، ويشعرني ذلك بالذنب، مع حرصي على الخروج معه والذهاب به إلى مراكز الترفيه، وقد صرنا أنا وزوجي في حالة سيئة نتيجة هذه المشاعر التي نعاني منها بسبب التقصير في رعاية ولدنا، وقد سجلته في نادٍ للأطفال يذهب إليه مرة في الأسبوع، ولكنني أرى أن ذلك غير كاف، وفكرنا أن الحل الوحيد هو تركه في المملكة عند أهلي، وبالمقابل كلما تصورت أنه سيكون بعيدا عني أبدأ بالبكاء بشدة لأنني متعلقة به جدا، وهو كذلك، ولا أستطيع العيش بدونه، فصرت بين نارين: نار تركه معنا مع كل التقصير الذي أشعر به تجاهه، ونار الابتعاد عني وعن أبيه، فما القرار الصائب؟ أم إياد لندن ولدك أمانة في عنقك، ورعايته والإحسان إليه فرض عين عليك، وليس على أمك أو أختك أو عمته أو جدته، والله سيسألك عنه، أما دراستك فلا أعتقد أنك ستأثمين لو أنك لم تكمليها، ومع ذلك دعينا نفكر جديا في تحصيل «الحسنيين»، تربية ولدك ورعايته وتحصيلك العلمي وإكمال بعثتك، أنت وزوجك، فإذا كان وجوده في حضانة سيكلفكم ماديا أكثر مما تستطيعون فينبغي التفكير في اختصار العديد من جوانب الإنفاق والكماليات، والاقتصار على الأساسيات في سبيل توفير مبلغ من المال يكفي لتغطية احتياجات الروضة، وإلا فينبغي التفكير جديا في دفع مبلغ من المال للسيدة التي ترعاه لكم، أو تقديم هدايا لها تساوي مبلغا معقولا تستطيعون به تغطية تكاليف وجوده عندها، إضافة إلى ضرورة إعادة النظر في توزيع المهام بينك وبين زوجك، وإن أمكن إعادة النظر في جدولك الدراسي وجدول زوجك بحيث يكون طفلك موجودا في المنزل مع أحدكما، أو تأجيل فصل لوالده بحيث يرعاه في الوقت الذي تكونين فيه في الجامعة تنهين فيه اللغة وتعلمها، ثم إذا انتهيت من ذلك تؤجلين فصلا ويتابع زوجك دراسته، أو يكون أحدكما في معهد اللغة في الفترة الصباحية والآخر في الفترة المسائية، أو تتواجد والدتك معك لفصل، ثم تتواجد والدته معكم في الفصل الذي يليه، المهم أن يبقى ولدك معك لترعيه وتتابعيه ويكون مطمئنا لوجودك معه، وكذلك تطمئنين أنت بدورك لوجوده معك، مع ملاحظة أنني قد مرت بي حالات تركت فيها الأم طفلها لأسباب مماثلة، وقد مضى على الواقعة سنوات طويلة جدا، ولا يزال الطفل يحمل والدته إثم تركها له، ويعاتبها ويتهمها بأنها أهملته؛ لذا، وباختصار حاولي أن تجدي حلا من جملة الحلول التي طرحت قبل قليل بحيث يتواجد ولدك معك لحسن تربيته ونموه النفسي، وكذلك لراحتك أنت مع تمنياتي لك ولزوجك بالتوفيق والنجاح وراحة البال.