«من فيض».. من دواخل الأسماء التي يستضيفها هذا الفضاء، نحاول مقاربة جوانب مخزونها الثقافي المعرفي، واستكناه بواطنها لتمطر، ثم تقديمها إلى الناس، مصطحبين تجاربهم، ذكرياتهم، ورؤاهم في الحياة ومن حولهم، وذلك على شاكلة أسئلة قصيرة وخفيفة في آن معا. عرف منذ أن مسك بالقلم وتعلم فن الكلم واستعان بريشة الفنان وميكروفون الإذاعي الهمام، بالأسلوب الساخر، حيث يوظف قلمه ويطوع ريشته ويلقي عبر ذبذبات الصوت، ما يعالج قضايانا ويرسي في دواخلنا تلك الثوابت المتجذرة في إنسان جدة البسيط. يحيى محمد باجنيد عبر فضفضته هذه، وصف معاركه مع خصومه إبان رئاسته لتحرير مجلة اقرأ، أشبه ما تكون بتمارين لنمو العضلات، وأنها انتهت بذهاب كرسي رئاسة التحرير، كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة بالمساواة بين الكاتب واللاعب في الدول النامية، بلغة ساخرة كعادته. • من أنت ؟ أنا.. عاشق ليالي الصبر مداح القمر. • ماذا تفعل كل يوم، ومتى تخلد للنوم؟ أرسم لنفسي.. وأكتب لمن أحبهم.. وأنام على سطر وأترك سطرا، لأن فرحي بالحياة يسرق من عيني النوم. • إلى أي مدى تستطيع أن تصل إلى نفسك الأمارة بالسوء؟ مقاييس السوء تختلف من إنسان لآخر.. عموما أنا أتبادل مع نفسي الحب والتعب والعتب، إننا نتصالح، فلا تقلق. • متى ينام ضميرك ؟ يعني ما بقي إلا ضميري تسأل عنه ؟! خليك شفيق يا راجل. • من من أبنائك يسير على خطى دربك؟ إنهم أصدقائي. أيمن الكاتب الجميل الذي لم تخطبه الصحافة. وإيمان وأمجد وأحمد.. جميعهم أخذوا حسناتي وتركوا لي شطحاتي.. كلنا نوسع الأرض ركضا.. ونوسع التعب حبا.. لكننا نلتقي في النهاية.. فنضحك «للمراية» حتى تدمع عيوننا. • متى يبدأ شهرك ؟ حينما يكتمل القمر ويصير بدرا. • ما رأيك في رحلة إلى القمر؟ أنا لا أنتظر الرحلة.. إنني أرحل إليه كل يوم. • ما الجانب الآخر من شخصيتك، الذي لا تشرق عليه الشمس؟ قطعة «الزبدة». • إذا نظرنا إليك.. فماذا يخيل إلينا؟ يخيل إليك أنني عاقل. • السلطة الرابعة «الصحافة».. في ظل النظام العالمي الجديد، ماذا يمكن لنا تسميتها؟ «السلطة» الرابعة حينا «بالضمة» وأحيانا «بالفتحة» . • الصحافة والإذاعة.. أيهما أكثر قربا لقلبك؟ عينان في رأس.. الصحافة بيتي.. فيها أكتب وآكل وأشرب.. والإذاعة شبابي وعذابي.. عشقي وحبي، لكنه حب من طرف واحد.. وليس بالحب وحده يعيش الإنسان. • لو أردنا منك تحضير «خبطة صحافية» .. ما هي مقاديرها؟ خبطة عن خبطة تفرق.. وخبطتين في الراس توجع يا صاحبي. • كم بلغت درجة حرارة «الوطيس» بينك وبين خصومك إبان رئاسة التحرير ؟ «بيت انهد العام، إيش جاب غباره السنة» . • هل انتهت معاركك بمجرد تركك لمنصب رئاسة التحرير؟ لماذا تسميها معارك.. كانت مجرد تمرينات لنمو العضلات.. وعلى كل حال ذهب «الكرسي» وبقي «يحيى» .. انتهى الدرس، وكان يمكن أن يحدث العكس. • ما سر طغيان طابع السخرية على قلمك ككاتب وريشتك كرسام؟ لا طغيان ولا هم يحزنون.. الكتابة الساخرة ليست تهريجا ولا فضفضة مجالس.. إنها روح وفكر وهوية.. أنا لا أتعمد السخرية.. إنني أنظر حولي بعيوني أنا فأضحك.. ولكنه ضحك كالبكاء. • كيف ترى خط التماس بين كتاباتك وقارئ اليوم؟ الكاتب روح وفكر.. له في الناس شبيهها، ينجذب إليه حسا ونبضا ومشاعر.. وفي النهاية تتكون رابطة احترام متبادل، وحب وصداقة.. لقد أحببت قرائي وتعلمت منهم الكثير. ترى ما قيمة أي كاتب بلا قراء.. إن الكاتب الذي لا يجلب للصحيفة قراء يستحق أن يقول له رئيس التحرير: «ورينا عرض أكتافك». • هل تتعبك «الفلسفة» ؟ أحيانا تتعبني الراحة.. ويريحني التعب.. وأفلسفها لأعيش.. أحب حياتي على علاتها.. وحينما تقسو علي أقول لها: «تعبك راحة». • ما هو همك الآن؟ الكتابة.. والسهر.. وما تيسر من السفر. • لماذا يكتب الصحفي ليومه ولا يكتب للتاريخ؟ حتى لو كتبنا للتاريخ يجوا إللي بعدنا يشطبوه.. وعلى إيه التعب. إجابات إضافية أخيرة • ما الداعي لتحمس بعض الرجال لقضايا المرأة أكثر من المرأة نفسها؟ يبدو أن ضميرهم وجعهم أخيرا. • متى تنصح كتاب الأعمدة الصحافية بزيارة العيادات النفسية ؟ كلما نكد عليهم إخوانهم (العقلاء). • هل تؤيد تنقل الصحفيين من صحيفة إلى أخرى على غرار لاعبي كرة القدم؟ أؤيد.. وأؤكد.. وأشدد.. وأقترح أن يكون لهم عقد احترافي ومدير أعمال وسمسار يخاف الله تعالى ولا يأكل أموال اليتامى. • ما خلاصة تجاربك في الحياة ؟ حياتي «ما خلصت».. إذا خلصت أقول لك «الخلاصة». • «الفن والرياضة»، اغتالا «الأدب والثقافة» في وضح النهار، كيف يمكن انتشالهما من براثن الجمود؟ من أجل «توازن القوى»، دلوني على الأمين العام للأمم المتحدة.. إنني أطالب «بالمساواة» بين الكاتب واللاعب في الدول «النامية». • «وراء كل رجل عظيم امرأة» لماذا هي «وراء» دائما ولا تأتي إلى الأمام؟ بالله.. إيش تبغاني أقول لك. نحن مرة نقدمها ومرة نأخرها.. مرة نكتبها ومرة نشطبها.. في يد قلم رصاص، وفي التانية «محاية».. هي إيش الحكاية؟. • قلم يضيرك جفافه؟ قلم الإثارة الذي «يكش التراب» ويوزع السباب . • هل أنت مع نظرية «الصمت أبلغ من الكلام»؟ من مخاض الصمت تتولد قوافل الكلمات.. إن بعض الصمت قصيدة.. وبعض النطق عصيدة.. ولكل طبقه المفضل . • حين يعتريك الحزن.. أين تدفن أحزانك؟ في صدر الليل تحت عيون النجوم. • وحين الكتمان.. من تستودع أسرارك؟ القفص الصدري.. إنه لن يضيق بها، «ولكن أخلاق الرجال تضيق». • خمس رسائل .. لمن توجهها وماذا تقول فيها؟ * وزير الثقافة والإعلام د. عبد العزيز خوجة: ليس ذنبك أننا كلما رأيناك تحسسنا مواجعنا.. فأنت ابن هذه الوزارة قبل أن تصبح أباها، وتعرف «البير وغطاها». أعانك الله علينا، وأعاننا على «بعضنا». تعبنا من الكتابة للإذاعة.. وجع ساعة ولا كل ساعة. بطلنا لهم في «الدراما» والحمد لله على السلامة. * إبراهيم الصقعوب وكيل الوزارة لشؤون الإذاعة: هل تتذكر هذه الأغنية الجميلة: يا سعد لو تشوف الشيب ما ني بشايب مكافآت الإذاعة يا سعد شيبني * ثامر الميمان. معقول يا ثامر تكتب عن «برحة الطفران» وتنسى شارع «الكحيان» وزقاق «النتفان»؟!. * د. سعيد فالح الغامدي. من قائل هذا البيت: يا ناس من بعد الشتا حريت لا بارك الله فيك يا جاكيت !. * الرسالة الأخيرة أوجهها ليحيى باجنيد: خليك في حالك.. خليك في حاالك.
يحيى محمد باجنيد
• ولد في مدينة جدة (حارة الشام) عام 1368ه / 1949م واستمد ذائقته الشعبية من هذا الحي العريق، و(حي البغدادية) الذي اشتهر بألوان تراثه الذي يجمع بين الحاضرة والبادية. • عمل في الحقل الصحفي متدرجا من محرر إلى أن عين نائبا لرئيس تحرير جريدة المدينة ثم اختير رئيسا لتحرير مجلة اقرأ. • شهد العديد من الفعاليات وشارك في المهرجانات الوطنية والتراثية. • يكتب منذ أكثر من ثلاثة عقود في جميع الصحف والمجلات السعودية. • كتب في مجلة كاريكاتير وجريدة الجمهورية المصرية. • رسم الكاريكاتير اليومي منذ عام 90 هجرية. • ابتعث لدراسة الفنون التشكيلية في إيطاليا وظل خلال فترة دراسته مراسلا لصحيفة «عكاظ». • تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في مدينة فلورنسا. • منح شهادة الريادة ودرع الاستحقاق في (مهرجان الكاريكاتير العربي الأول) في المملكة العربية السعودية. • له العديد من الكتابات الساخرة والقصص القصيرة والزجل الشعبي والحكايات الشعبية. • قدم العديد من البرامج الإذاعية الثقافية والفنية. واشتهر في مجال الدراما الإذاعية في برنامجه (كلام على قد الكلام)، وكذلك البرنامج الرومانسي (مساحة للراحة). • شارك بأمسيات ثقافية في نادي جدة الأدبي ومركز التجديد الثقافي و(أكاديمية صدى الذات للتدريب عن بعد). • صدر له (راجل ونص) و(راجل نكد) و(هذا زمن العقل). و(حسبنا الله) و(البازان وسيل البغدادية)، وكذلك العمل التسجيلي (رضية وحسن النية). • له تحت الطبع كتاب (تفاحة آدم وثلاجة الخواجات)، وهي كتابات ساخرة عن رحلته إلى إيطاليا.