استعاد الفنان خالد عبدالرحمن أبرز محطات حياته الفنية، متوقفا عند بداياته مع الشعر قبل ولوجه عالم الغناء والتلحين. وقال عبدالرحمن ل«عكاظ»: البداية كانت مع أغنيتي «صارحيني»، وعبرها كانت فكرة طرح أول البوم، حيث اضطررت إلى بيع سيارتي والاقتراض من الأصدقاء من أجل تسجيله. وجاء الحديث مع عبدالرحمن في بيروت، بعد أن استضافته الفنانة أروى في برنامجها «آخر من يعلم» في حلقة جديدة بثت البارحة الأولى، وإطلاق ألبومه الغنائي الجديد. وفيما يلي تفاصيل الحوار: • حملت كأي هاو أشعارك إلى بعض مشرفي الصفحات الشعبية في صحف سعودية لتنشرها.. وكان أن جوبهت بالإهمال وعدم الاهتمام بعطائك، وقيل إن غضبك من ذلك دعاك إلى الاتجاه للتلحين والغناء. هل هذه القصة صحيحة أم أنها محاولة من محبيك لصناعة قصة دخولك للساحة؟ هذا حصل فعلا، فلقد عرضت موهبتي وإنتاجي الشعري الشعبي، حيث إن رغبتي في دخول مجال الإعلام كانت بصفتي شاعرا، فتحولت مغنيا أذيع أشعاري، وأنشرها للناس عبر هذه الصفة، ووفقت وقدمت نفسي وموهبتي بشكل جيد. شاعر وموسيقي • هل كانت هذه الخطوة الشرارة التي ولدت الملحن في دواخلك؟ نعم، إلى جانب أنه من المتعارف عليه أن الشاعر الجيد في الأصل، موسيقي جيد، ويعرف البحور والأوزان الموسيقية، وإذا لم يكن كذلك فهو ليس بذلك الشاعر المتمكن من أدواته. • البداية كانت مع أغنيتك «صارحيني»، التي يقول عنها أصدقاؤك إنك كنت تغنيها في كل مجلس، ومن خلالها كانت فكرة طرح أول البوم، حيث اضطررت إلى بيع سيارتك والاقتراض من الأصدقاء من أجل تسجيله.. ما هي القصة؟ ليس هناك قصة بالمعنى المفهوم للقصة، لكن تشجيع أصدقاء جلساتي الفنية لي كهاو صنع التحدي والإصرار على طرح أول البوم لي باقتراض واجتهاد وصل إلى بيع سيارتي. لكن ما دعاني لذلك هو شعوري بصدق الموهبة في داخلي في الغناء كما هو في الشعر. شراكة فنية • متى تعرفت على شريكك في الإنتاج علي سعد؟ وما هي أول الخطوات التي صنعت النجاح بينكما؟ تعرفت إلى سعد مبكرا، منذ خطواتي الأولى في الحياة الفنية، بدأنا شراكة فنية مبنية على الصدق وعدم التجاوز أو الخداع، لذلك كانت شراكتنا ولا زالت طويلة، فكانت صداقة وتجارة ناجحة. • الذين أحبوا خالد عبدالرحمن بماذا يصفونه، بمعنى آخر ماذا أحبوا فيه؟ أوصاف وألقاب كثيرة أطلقها علي جمهوري، ومحبو فني، وأنا أتقبل كل الأوصاف. • هل يزعجك أن يصنفك النقاد شعبيا؟ لا، ولماذا يضايقني ذلك، فالشعبية هنا تعني الجماهيرية الأكثر، وهل في هذا ما يزعج.. بل أنا أكثر سعادة به. • كيف تصف لنا تأثير الموسيقى على الشعر، وأنت كشاعر هل درست بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي، أم أنك تزاوله وتتعاطاه كهاو؟ أنا في الأصل محب وعاشق للفن والشعر، لكن ليس معنى هذا أنني لا أمت للفراهيدي بصلة، فالشعر الشعبي وتحديدا النبطي ابن عم الفصيح، ويخضع للموسيقى والبحور. • بعد أن حققت النجومية في دنيا الفن، إن جاز التعبير، هل حاولت أخذ حقك ممن لم يهتموا بموهبتك، أي هل عاقبتهم عبر عدم التعامل معهم وأنت نجم؟ لا، ولا يمكن، هل لهذه الدرجة ترى أني أعيش الاحتقان والحقد!. أبدا، هم الآن أصدقاء لي، بل إن معظمهم نادمون على عدم خدمتهم لموهبة جديدة قادمة للساحة. سر النجاح • بعد نجاحك جماهيريا، ظل السؤال مطروحا: ما سر نجاح خالد عبدالرحمن، وحالة العشق والوله بينه وجمهوره، هل وصلك هذا الشعور حتى لو لم يكن على شكل سؤال مباشر؟ هذا الحب والإعجاب متبادل، فأنا أحب جمهوري الذي صنع لي مجدا كبيرا في الساحة الفنية، ومعجب بحماس هذا الجمهور، وحبه لألواني الغنائية بشكل غير محدود يجدد الثقة في داخلي. طفولة وترحال • طفولتك في منطقة الخرج، وتحديدا «نساح»، و«الهياثم»، ثم «الدلم» قبل أن تستقر في «السويدي» في الرياض، لا بد أن هذا التنقل صنع في دواخلك ما صنع.. احكي لنا قصة مزاولتك الري والزراعة ورعي الأغنام وما علاقتها بالفن والشعر؟ ألم تسمع أن التنقل والترحال سبب الإبداع، وهناك المثل العربي الذي يقول «فاقد الشيء لا يعطيه»، فأنت في ترحالك تتعرف إلى ألوان وأنماط حياتية مختلفة بين المظهر والمأكل والمشرب والتلقي والتعامل الأدبي وغيرها، فهذا الترحال وعدم الاستقرار الذي أعيشه حتى الآن بين المخيمات والبراري في كل يوم، يضيف لي جديدا. • لكن كيف كنت توفق بين كل هذه المهام والدراسة التي تركتها مبكرا وممارسة قرض الشعر؟ الشعر والتعامل معه كذلك الفن، لا يحتاجان إلى وقت خاص للتعامل معهما، هما في كل وقت وكل حين مع ممارستك لحياتك العامة والخاصة موجودان معك. • ألم تندم يوما على تركك الدراسة مبكرا؟ من أين كان التعويض المعرفي الذي صنع منك خالد عبدالرحمن الشاعر والفنان؟ كل منا يود لو أكمل دراسته، لولا ظروفه، ولكل منا ظروفه الخاصة، وأنا واحد من الناس، لكن ليس هناك ندم، فالله أكرمني كثيرا وأعطاني البديل الذي فتح لي آفاقا أوسع للتعامل الفكري والأدبي مع الناس. منعطفات إنسانية • أحداث ومنعطفات إنسانية وشخصية عاشها خالد أثرت في حياته كثيرا، منها ما هو في مقام التراجيديا مثل رحيل أخوك الأكبر بندر في حادث سيارة، وهو لم يزل في الثامنة عشرة، ثم رحيل الوالد وأيضا في سن مبكرة. هل جعلت منك حوادث الدنيا ذلك الشخص «المعود على الصدمات» على قول كاظم الساهر؟ يقول الإمام الشافعي: «وما لحوادث الدنيا بقاء» كل الدنيا فانية، ولا يعلم أحدنا قبل من أو بعد من هي منيته، فكلنا أيتام، وبعض أمهاتنا ثكالى، والحقيقة أن من يصيبه الله بمثل هذا الفقد في الغالب هي أحداث تقويه، وتصنع له كينونة جديدة تتساوى مع الأيام، وعني شخصيا استفدت كثيرا من صروف الدهر، واستطعت تكوين شخصية تتناسب والعصر الذي نعيشه. • ماذا عن خالد عبدالرحمن التلميذ؟ لم أكن شقيا بالمعنى الذي يستحق الوصف، أو الذي يبقى في الذاكرة. نعم، استفدت كثيرا من الرحلات المدرسية، والتنقلات، وهي مفيدة لكل الطلبة الذين يقومون بها. • معظم أغنياتك من ألحانك، هل هي عدم ثقة بجودة ما يعرضه عليك الملحنون أم أنها ثقة زائدة بالنفس؟ لا الأمور لا تفهم هكذا، إذا عرض علي لحن أجد فيه نفسي وإمكاناتي لا أتردد في طلبه من صاحبه قبل أن يعرضه علي إذا صادف أن سمعته. • قليلون هم الذين تغنيت بألحانهم، لكن هناك من ركزت أكثر في التعامل معه مثل خالد البراك الذي شدوت بكثير من ألحانه.. لماذا البراك وجد مساحة كبيرة في صوتك دون غيره من الملحنين؟ هذا صحيح، غنيت لكثيرين من أساتذة الموسيقى، وأنت نسيت أحد أجمل أعمالي من الموسيقار محمد شفيق «شافاه الله»، من أشعار بدر بن عبدالمحسن «عقد وسوار».