حظي العام 2009 بعدد وافر من الألبومات الغنائية لنجوم الأغنية الخليجية والعربية، وتنوع النجاح والرضا الجماهيري بين هذه الألبومات فمنها ما كان مقبولاً وحقق درجات عالية من التميز ومنها ما كان عادياً يراوح مكانه ومنها ما أخفق وجنى حسرات محبيه، ومن خلال هذا الرصد الفني المتابع لأصداء هذه الألبومات تحاول "الرياض" تقديم رأي نقدي يقف على أبرز مزايا/عيوب كل ألبوم على حده بشكل مختصر ودقيق، وبالتأكيد سيتفق الكثير من القراء على ما يأتي في هذا التقرير كما سيختلف الكثير معه، وستكون الذائقة الفنية هي الفيصل الأخير، وإن كان في مجمل ألبومات هذا العام اتفاق من جميع المطربين على البحث عن الموازنة في الألوان الغنائية وفي الاعتدال في توجه الأغنية، بالإضافة للعودة الواضحة للأغنية الشعبية الخليجية والابتعاد عن الأشكال الموسيقية (الإستايلات) غير الخليجية، كما يلاحظ التركيز على الحداثة والإبهار في التوزيع الموسيقي. ومن هنا ستكون البداية: ألبوم (وحدك) لفنان العرب محمد عبده جاء الألبوم جيداً وإن كان على غير ما توقعه محبو الفنان الكبير لما احتواه من أغانٍ ذات ألحان شبابية خفيفة قد لا تناسب مرحلة العمر/النضج التي وصل إليها، وجاءت أغاني الألبوم مقبولة في مجملها ولم تعلق في أذهان المستمعين سوى أغنية (واحشني زمانك) للشاعرة ثريا قابيل التي أعادت الوهج للأغنية الحجازية القديمة. الألبوم احتوى على ثمانية أغانٍ من بينها خمس كتب كلماتها الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن هي (وحدك، الله العالم، القلوب أصحاب، بحر العيون، سلّم) وأغنية (البارحة) للأمير الشاعر سعود بن عبدالله وأغنية (شخبارك) للشاعر النديم إضافة لأغنية (واحشني زمانك) للشاعرة ثريا قابل. ورغم تميز الكلمات إلا أن اللحن لم يكن موفقاً وجاء خفيفاً ذا روح شبابية، فهل يعني هذا أن فنان العرب لم يقتنع بأن الأغنية المكبلهة والطربية هي فقط ما يبحث عنه الجمهور بصوته المميّز؟. خاصة أن ذكرى "الأماكن" وما سبقها من أغانٍ جميلة مثل (شبيه الريح، البرواز، الرسايل، المعازيم) لا تزال عالقة في أذهانهم؟. أم أن رغبة المنافسة مع الأجيال التي جاءت بعده ما زالت قائمة؟. ألبوم (نور عيني) للفنان راشد الماجد جاء الألبوم متوهجاً في كل شيء وقد اعتمد الماجد في أدائه على غناء طربي بسيط غير متكلف اعتمد توصيل الجملة اللحنية بسهولة، وفي أغانٍ أخرى كان بارعاً في استخدام طبقة صوته المستعار للتعبير كما في أغنية (أسمعك)، وكان في شخصية جديدة في تقمصه الغناء العدني في أغنية (سقاني)، كما أن تعامله مع الملحن سهم كان نقطة تحول مما جعله يتجه لموزعين آخرين مثل عصام الشرايطي وخالد عز وهاني فرحات ويعود باستحياء مع طارق عاكف بأغنية وحيدة، مُعتمداً في التنفيذ الموسيقي على الموزع المميز سيروس بشكل كبير في معظم أعماله. هذا وحاول الماجد التقرب أكثر من الأغنية السعودية مع الحفاظ على وجود الأغنية الخليجية بإيقاعها الإماراتي، فكانت حصيلة ذلك ألبوم متوازن بين السعودي والخليجي بعد أن ابتعد عن الأغنية السعودية في ألبومه السابق (سلامات). ألبوم (أذكريني) للفنان ماجد المهندس دخل ماجد المهندس في هذا الألبوم وهو مقتنع وواثق من نجاحه ووصوله العربي فاعتمد على ذوقه في اختيار أغنيات الألبوم راغباً في تحقيق هدفه الدائم وهو أن يعبّر عن شخصيته العراقية بوضوح مع التقرب من الأغنية الخليجية العاطفية الأنيقة إضافة إلى تقديمه لأعمال يغازل فيها الجمهور المصري والشامي مثل (كل كلمة) و(حبيبي صباح الخير). في هذا الألبوم اقتحم المهندس الأغنية الطربية السعودية من بابها الواسع من خلال أغنية "اذكريني" التي كتب كلماتها الشاعر ساري ولحنها الفنان محمد عبده، إضافة إلى أنه انتقى أغاني عراقية من القديم والجديد بإيقاع خلط به اللون الخبيتي، كما قدم للجمهور العراقي موالاً جميلاً يؤكد من خلاله عدم نسيانه لهم. هذا وكان حفل تدشين ألبومه الضخم في بيروت نافذة كبيرة لتسويق الألبوم. وفي المجمل كان مستوى الأداء الغنائي لديه ثابتاً ومتطوراً بحيث يتضح للمستمع بشكل واضح أنه جوهرة غنائية تستطيع أن تبقى لامعة لأوقات قادمة أطول. ألبوم (نوال 2009) للفنانة نوال الكويتية جاء ألبوم نوال الكويتية تحت إدارة مخلصة من سهم وتركي ومشعل العروج وكونوا من خلاله فريق عمل متميز (حتى وإن لم يكن باتفاق منهم) أجاد في تقديمها بصورة جميلة أمام الجمهور، فقدم هذا الفريق أعمالاً ممتازة من بين الخمسة عشر أغنية التي احتواها الألبوم، ورغم الثناء النقدي الذي حصلت عليه إلا أنها كانت متعالية على ذوق المستمع البسيط، وحصدت تجربتها في أغنية الديو مع زوجها مشعل العروج صدى جيداً، ويشكر لنوال منحها الفرصة للملحن ماجد المخيني في أغنية "مشتاق قالوا لي" على اعتبار أنه ملحن أكاديمي شاب، أما ما يحسب على نوال فهو عدم استغلالها للطاقات الكبيرة للملحن أحمد الهرمي باعتباره أقرب لإحساسها، كما أن غياب الملحن ناصر الصالح قد ترك أثره في هذا الألبوم نظراً لأنه يعتبر عرّاب نوال في ما يخص الأغاني الطربية. ألبوم (الجسمي 2010) للفنان حسين الجسمي قبيل نهاية العام 2009 قدم حسين الجسمي ألبومه الجديد فكان مُلاحظاً عليه أنه اعتمد على خلطة فنية قدمها سابقاً في ألبوماته ويعتقد أنها ساحرة، وذلك بدمجه الأغنية الإماراتية والعربية وهو على حق إلى حد ما، لأن جمهوره أحبه كمطرب إماراتي يقدم الأغنية العربية، وفي هذا الألبوم قدم أغاني إماراتية أصيلة وأغاني فلكلورية مطورة انتقاها بعناية لمعرفته بوقعها على أذن المستمع الخليجي مثل (بحر الشوق) و(التاج) و(وجد قلبي) و(سكره)، كما استمر في مغامراته الجميلة في تقديم أعمال عربية حيث استغل بذكاء تقديم أغنية (ستة الصبح) خفيفة الظل والتي تلقى الرواج الكبير في مصر الآن، كما تقرب لجمهور الراي الجزائري والمغربي بتقمص شديد عبر أغنية (راحت عليك) ولم ينس أن يقدم للجمهور التونسي أغنيتهم القديمة الرائعة (يا خليله) بتوزيع عربي عالمي جديد، فضلاً عن تحيته لجمهور الأغنية العدنية من خلال أغنية (الفائدة) للمبدع صالح الشهري والتي بالغ في تقديم توزيعها لدرجة أنه كاد يفقدها جمالها. أما ما يعاب على الجسمي حذره وخوفه الشديد من أن يسلم نفسه لملحنين متمكنين، نظراً لقلة خبرته نسبياً واعتقاده أنه قادر على فهم مساحات صوته بنفسه، لذلك قدم في ألبومه الجديد خمسة ألحان، كما يعاب عليه وهذا ملاحظ من ألبومات سابقة عدم تركيزه في اختيار أغنية متميزة ذات إيقاع خبيتي سعودي، لأنه اتكأ على فكرة أغنية (الحريم) ككلمة ولم يتميز بها لحنياً وهو ما فعله في السابق من خلال أغنية (محمل الشام)، لكن في النهاية الألبوم حقق للجسمي النجاح الذي خطط له بالتقدم خطوة كان هو يريدها ولا يريد أكثر منها، وبالرغم من نزول نصف وزنه مما يؤكد علمياً أن صوته يفقد بعض قوته إلا أنه تجاوز ذلك بحرفنته في الأداء. ألبوم (هذا أنا) للفنانة أحلام يتضح بشكل كبير رغبة الفنانة الإماراتية أحلام في الوصول إلى هدنة مع جماهيرها في ألبومها الجديد الذي اختارت فيه أفكاراً جيدة لعبدالله القعود ومحمد بو دله، وخاضت التجربة لأول مرة مع الملحن سهم وكانت حاضرة بألوان الأغنية الخبيتية حضوراً قوياً كالعادة، وقدمت بها أعمالاً جيدة مثل (آخر الأخبار) و(ويلك) و(طبعي كذا)، ولم تسعفها خبرات الملحنين في تقديم أغنية عاطفية كلاسيكية مثل ما قدمته سابقاً في ألحان ناصر الصالح وعارف الزياني اللذين كانا يفصلان اللحن وفق صوتها بمهارة عالية. وتستمر أحلام بثقة في اعتمادها على الموزع الموسيقي طارق عاكف في تنفيذ محتوى الألبوم مثل ما فعلت في ألبوماتها الأخيرة رغم تجربة موزعين آخرين في ألحان سهم، إلا أنه يتضح أن الموزع طارق عاكف هو الأجدر لتقديم ألوان أحلام الغنائية. محاولة أحلام لتقديم أغنية تعبيرية متميزة كأغنية (هذا أنا) كانت محاولة غير موفقة لعدم تناسب شخصية صوتها مع هذه الألوان، ورغم جودة الأغنية إلا أن أحلام كانت بعيدة عنها ولا ذنب لها في ذلك، حيث لم يكن صوتها بذلك الحضور المتألق كما فعلت في أغنية (عساك بخير) أو أغنية (مابه جديد)، كما انتقد الكثير من المتابعين استنزاف أحلام للملحن الشاب محمد بو دله في هذا الألبوم مُتسائلين عن سر غياب ناصر الصالح والذي اتضح بعد بفترة من طرح الألبوم أنه يعود لخلاف بينهما، كما تساءل المتابعون عن توقف التعاون بينها والشاعر منصور الشادي، ويعاب على أحلام عدم التركيز على تطوير أدائها الغنائي في هذا الألبوم وارتجاليتها في بعض الأغنيات ولا نعلم هل ذلك بسبب ثقتها الزائدة بنفسها أم لقناعة الملحنين بأدائها. ألبوم (شي ثاني) للفنان راشد الفارس تعود المتابعون من الفنان راشد الفارس أن يقدم ألبومات متنوعة في ألوانها ومغامراتها الفنية والتجارب المتميزة في اختيار الألوان والإيقاعات والأساليب، في هذا الألبوم يغامر الفارس على جناح سهم فقط مقتنعاً ببراعته وقدرته على صنع الجديد له، ورغم أنهما بذلا جهداً كبيراًَ في إنتقاء أغنيات جيدة وبذلا جهداً أكبر في ابتكار أفكار توزيعية موسيقية مدهشة، إلا أنه أتضح بشكل جلي أن محبي الفارس ينتظرون منه الجملة اللحنية السهلة ذات التنفيذ الموسيقي الجميل والمقنع فقط وبدون أي استعراض، (شي ثاني) و(أبوك في الجنة) و(لا أوصيك) و(لا حظت شي) و(الشوك) أغنيات حصدت الإعجاب كما نالت (مواعيد وحبايب) و(روح) للأستاذ صالح الشهري الاحترام من المتلقي. هذا وقدم موزعو الألبوم مباراة فنية كبيرة شارك في كل أشواطها الإيقاعي الفنان أحمد العنوه بتميز وابتكار واجتهد الفارس بشكل كبير في تقديم أدائه الفني عبر الأغنيات واختيار طبقات الصوت المتعددة، وكانت تجربة تركيب الصوت على الأغنيات في العاصمة البريطانية لمدة شهرين تجربة أثبتت أن التركيز في تركيب صوت الفنان على الأغنية بهدوء وبتقنيات عالية يحقق نتائج مميزة، وقد لاحظ المتابعون أن الإبهار الموسيقي في التنفيذ واستخدام مساحات تسجيلية (تركات) بشكل موسع ساهم في عدم ألفة أذن المستمع مع بعض الأغنيات وإحساسه بالمبالغة، ويقدر للفارس تقديمه نصوصاً متميزة لشعراء قديرين مثل ساري، فيصل السديري، إبراهيم بن سواد، سعود البابطين، العالية ومعتزة، إلا أنهم افتقدوا وجود إبداعات سعد الخريجي وأسير الشوق. ألبوم (نصي الثاني) للفنان أصيل أبو بكر حاول أصيل أبو بكر في هذا الألبوم أن يعيد أمجاد نجاح ألبوم (تاج راسي) من خلال التركيز على الأغنيات السعودية والخليجية مبتعداً عن الأغنية العدنية، ومن الملاحظ أنه اعتمد على التعاون وبشكل كبير مع موزعين موسيقيين يتعاون معهم لأول مرة مثل هاني فرحات، حاتم تومه، عصام الشرايطي، محمد صالح، طارق عاكف، عمرو عبدالعزيز والتركي زافير، واعتمد في تعاوناته على الملحنين الشباب من الخليج ممن حققوا نجاحات ملفتة مثل أحمد الهرمي ووليد الشامي وعبدالله الجاسم ومحمد بو دله وخالد ناصر وعادل المسيليم ونواف عبدالله وعلي منصور، كما نوع في اختيار النصوص الشعرية ما بين السعودية والإمارات والكويت، وفي العموم فقد وفق أصيل في اختيار الأسماء وحاول أن ينتقي منها ما يناسبه من أغنيات إلا أن التجربة أثبتت أن جمهوره ينتظر منه الأغنية العدنية أولاً وهو ما لم يلتفت له في هذا الألبوم، ويحسب لأصيل انتقاؤه لنصوص شعرية جيدة من الشعراء علي الخوار وبدر المليحي وأحمد علوي وسعد المسلم، إلا أنه لم ينتق ما يناسب شخصية صوته من ألحان رغم براعة الملحنين، يبدو أن أصيل كان يريد أن يخوض مغامرة الشباب بذوقه هو لا بذوقهم فكانت هناك حلقة مفقودة في الألبوم، وسيتذكر النقاد الفنيون بكل تقدير تجربته الكلاسيكية الراقية في الألبوم عبر أغنية (أم أولادي) رغم أنها لم تنل حظها من الانتباه. وبالنظر للأداء الفني للفنان أصيل فقد كان مركزاً ويتضح من تقديمه لألوان مختلفة ومتعددة رغبته الحقيقية في حفظ جمهور إضافي غير جماهيره المحبة له والتي تنادي بعودته لتقديم الأغنية العدنية الحديثة التي يجيد تقديمها. ألبوم (أوفى الخلق) للفنان عبادي الجوهر بروحه الطربية الجميلة قدم الفنان عبادي الجوهر ألبومه الأخير (أوفى الخلق) في أبريل الماضي محتوياً على ست أغاني تعاون فيها مع نجوم الكلمة الشعرية. وقام عبادي بتلحين خمس أغاني هي (أوفى الخلق) للشاعر الأمير عبدالرحمن بن مساعد, و(أول ليلة) و(هذا يكفيني) للشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن, و(تغيب الناس) للشاعرة بنت العطا, و(وش فرق) للشاعر المعنى, فيما لحن الأغنية السادسة (ماخذ على خاطري) الملحن الكبير طلال باغر.