لفظ رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، مبدأ الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع الجانب الإسرائيلي قبل أن تتوقف عمليات الاستيطان التي تضطلع بها الدولة العبرية في القدس، واعتبر أن المدينة المتنازع عليها أمانة وضعها الله في أعناق القادة والشعوب العربية لإنقاذها من التهويد والاستيطان. ورأى عباس، في كلمة خلال القمة العربية أمس، أنه لا معنى لدولة فلسطين دون أن تكون القدس عاصمة لها، متحدثا عن نوايا إسرائيلية لفصل القدس عن الضفة بالاستيطان. وحض الإدارة الأمريكية على التحرك بسرعة لإيجاد آليات لإلزام إسرائيل بالمطالب الدولية، ووضع حد لاستهتار حكومتها بالأمن والسلام في المنطقة، واتخاذ خطوات ملموسة لدفعها إلى وقف الاستيطان. وأسهب مقرا أنه يواصل العمل بجهد صادق، لإنهاء الانقسام الذي فرضته حماس، واستعادة وحدة الوطن وإنهاء الحصار الجائر لغزة، مؤطرا ذلك بالجهد المخلص للقاهرة والذي توج بالورقة المصرية للمصالحة، وقد وقعت عليها حركة فتح وقدمت كل ما يمكن له أن يزيل العوائق، مطالبا حماس التوقيع عليها. وأوضح عباس: «إننا نعيش في ظروف استثنائية غير مسبوقة وبالغة الخطورة، ظروف ستشكل منعطفا حاسما في تاريخنا كله. وأصبح المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، هدفا ثابتا لحملة الاحتلال وللمتطرفين الإسرائيليين». واستنفر رئيس السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي، خاصة مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي وكذلك المنظمات الدولية، لعدم الاعتراف بأي إجراءات أحادية تقوم بها إسرائيل في القدس، وأهمية أن تتقدم المجموعة العربية في نيويورك بطلب عقد جلسة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة، لإدانة الإجراءات التعسفية في القدس». واستدعت كلمة عباس ردا من الزعيم الليبي معمر القذافي، الذي قال إن الشعب الفلسطيني قد يقول كلمته المختلفة عن ما يقرره القادة العرب أو حتى القيادة الفلسطينية. وتلى عباس الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الذي هاجم الحوثيين، ووصفهم بأنهم قوى تريد تشظي الوطن والعودة به إلى عهد الرجعية ما قبل الثورة واليمن الموحد الديمقراطي. واعتبر صالح أن المعارضة الجنوبية، هي نتاج تضخيم إعلامي، مبينا: «أنتم تسمعون عما يسمى بالحراك في بعض محافظات الجنوب، هناك تضخيم إعلامي للقضية التي تمثل ارتدادا عن الوحدة التي انبثقت وفق استفتاء شعبي. الأوضاع في اليمن ليست كما يصورها الإعلام، وقد عالجنا أوضاع الشمال في صعدة، وهناك اتصال مع الإخوة في الجنوب، لمعالجة إرث حرب 1994، والعناصر التي تؤجج الخلافات في الداخل، وهي عناصر استعمارية مدسوسة». وكان الزعيم الليبي معمر القذافي، قد افتتح أمس أعمال القمة العربية العادية الثانية والعشرين، بالدعوة إلى إتخاذ قرارات تتجاوز الأقوال إلى الأفعال فيما يتعلق بفلسطين وغيرها، في حضور زعماء وقادة 14 دولة عربية وغياب ثمانية، ومشاركة لرئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلسكوني بصفته رئيسا لمجموعة الثمانية. وعقب كلمة الافتتاح للرئيس الليبي، تحدث الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، عن إنجاز العام السابق، ثم تناول التحديات التي تواجه الأمة العربية في الوقت الراهن والمستقبل. وتستضيف مدينة سرت الليبية أعمال مؤتمر القمة العربية، وتضم على رأس أجندتها ملف القدس والاستيطان الإسرائيلي في القدسالشرقية والأراضي الفلسطينية، إلى جانب ملفات أخرى عديدة. ويأتي انعقاد القمة العربية هذه المرة أيضا، كسابقاتها، وسط تطورات خطيرة تتعلق بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها تواصل أعمال البناء في مستوطنات في الضفة الغربية وفي مناطق داخل القدسالشرقية، وكأنها تكمل القمة السابقة التي جاءت على خلفية الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة بعملية عسكرية حملت اسم «الرصاص المصبوب». ويمثل ملف القدس الأولوية في هذه القمة، إلى جانب مبادرة السلام العربية، نظرا للارتباط الوثيق بينهما بحكم علاقتهما بملف عملية السلام في الشرق الأوسط. وتنصب اهتمامات الزعماء العرب على اتخاذ موقف من قضية القدس ووضع آلية عربية لإنقاذها، خاصة أن هذا الملف نال اهتماما كبيرا خلال مناقشات وزراء الخارجية العرب، إلى حد أن الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، اقترح تأسيس مفوضية لشؤون القدس في مقر الجامعة العربية. إلى جانب هذه المحاور، هناك ملفات أخرى حاضرة، لعل أهمها ملف المصالحات العربية، ومحاولة حل الخلافات بين الدول الأعضاء. وهناك الخلاف المصري الجزائري، الذي نشأ على خلفية مباراة كرة القدم بين منتخبي البلدين خلال التصفيات المؤهلة لبطولة كأس العالم المقبلة. وهناك خلافات أخرى، كالخلاف السوري العراقي والجزائري المغربي، وغيرها رغم تفاوت حدتها.