انطلاق الأنشطة الثقافية اعتبارا من اليوم برعاية ملكية كريمة في مهرجان الجنادرية يعني تجدد التناغم بين عصرنة كبيرة وعظيمة تعيشها مملكتنا المتطلعة دوما إلى أن يكون لها مكانتها في العالم المتحضر، وبين عبق ثقافي وتأريخي كبير يربطنا بماض له جذوره الضاربة في عمق التاريخ، وهي دلالة واضحة في أن المجد صنو لنا على الدوام طالما ارتبطنا بإرثنا الجميل والغني، الذي يحدد شخصية المكان والزمان اللذين نقف على أعتابهما دائما متطلعين إلى ما هو أسمى .. وإلى ما نحن جديرون به من مكانة بين الأمم. ما سيلتقي به هذا المشاهد أو زائر الجنادرية هذا المساء في استهلال من نوع مختلف والمتمثل بأوبريت «وحدة وطن» للشاعر ساري ومن ألحان ماجد المهندس وناصر الصالح وهو عمل كبير تواصل به اللجنة المنظمة رعاية وتقديم فنون المتميزين من أبناء الوطن من أهل الفن والثقافة والإبداع للدرجة التي تجعلنا نجدد معها ترديد الشاعر الجميل غازي القصيبي «شافاه الله وأعاده للوطن معافى» من خلال حنجرة منشد ومغني الوطن محمد عبده «أجل نحن الحجاز .. ونحن نجد .. هنا مجد لنا .. وهناك مجد». أما ما يكمل هذا العرس الثقافي الكبير من وجهة نظر متواضعة، هو عودة منح جائزة الدولة التقديرية لمستحقيها إلى الحياة مجددا بعد أن كانت ردة فعل وإيجابية ولادتها في الدورتين الأولى لها في عامي 1404/1405، إذ أن ارتباط إعادة المخاض وولادة هذه الجائزة لتكون إحدى ركائز هذا المهرجان الأساسية يعتبر إضافة للمهرجان أفضل بكثير مما كانت عليه منفصلة في السابق إلى جانب اعتماد جائزة دولة تشجيعية للأدباء المليئة بهم بلادنا وأصحاب الفكر النير الذين يزاحمون أرباب الفكر والأدب والرواية في مهرجانات ومسابقات العالم ثقافيا، ودليلنا على ذلك ما تأتينا به ردة فعل عطاء أبناء الأدب السعودي في العالم وآخرهم عبده خال الذي أعطى عمره وكل فكره وإبداعه للأدب الذي أوصله إلى جائزة البوكر العالمية للرواية العربية. أعتقد أن منح الجائزة أرفع مكانة من مجرد التكريم للرواد في الأدب في هذه المناسبة، فالتكريم هو ملاقاة خادم الحرمين الشريفين أطال الله عمره والاحتفاظ بجائزة الدولة المهداة من يده الكريمة، وهو الأمل الذي طالما تحقق لأهل الفن وظل أهل الكلمة والأدب في انتظاره طويلا. فاصلة ثلاثية اقتطاف من حنجرة طلال: روحي وما ملكت يداي فداه وطني الحبيب وهل أحب سواه وطني الذي قد عشت تحت سمائه وهو الذي قد عشت فوق ثراه منذ الطفولة قد عشقت ربوعه في ظل حام عطرت ذكراه