أخيرا كسر الشعر الغنائي وشعراؤه حاجز التكريم في مهرجان التراث والثقافة بالجنادرية بعد أن تقرر أن يكون الشاعر الكبير إبراهيم خفاجي هو الشخصية الثقافية المكرمة في الدورة القادمة التي ستنطلق في السادس عشر من ربيع الأول الجاري، حيث سيتشرف شاعر الوطن إبراهيم بن عبدالرحمن خفاجي بالسلام على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وتسلم وسام التكريم. وهو الخبر الذي أعلنته اللجنة الثقافية في إدارة المهرجان ظهر أمس الأحد وهو التكريم الذي يأتي بعد عدد من الشخصيات الأدبية والبحثية الكبيرة التي كرمها المهرجان العام الماضي وما قبله مثل الشيخ عبدالوهاب أبو سليمان، عبدالله بن إدريس، وحسين عرب وقبلهم الكثير. نحن في «عكاظ» كنا أول من نقل الخبر التقديري الكبير من الدولة لشاعرنا إبراهيم خفاجي الذي سبق أن كتب الأوبريت الافتتاحي للدورة الحادية عشرة من مهرجان الجنادرية، والذي قال: بادئ ذي بدء أحب أن أتقدم بشكري الكبير إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز القائم على مهرجان الجنادرية بوصفه رئيسا للحرس الوطني. وشخصيا لا تسعني الفرحة الآن لأترجم ما يختلجني من مشاعر وأنا أشعر بأن في هذه الخطوة أكرم ومعي كل الأسرة الفنية العاملة في الوسط الفني وهي تسعى إلى صناعة وصياغة وجدان الناس والأمة بكل ما هو ملامس للوجدان، خاصة في موضوع الشعر الغنائي الذي ظللت أغوص فيه منذ عمر الثانية عشرة «وأنا اليوم في الثامنة والثمانين من عمري» وأنا أحاول إخراج درره من أصداف البحر ومحاره وأحيانا أخطفها من صرير الرياح وقوالب الطبيعة. أنا وزملائي في عالم الموسيقى والغناء محمد عبده ومحمد شفيق رحمه الله الذي كان أكثر المتعاملين مع أوبريتات الجنادرية. • هل نعرف أن هناك عودة لك كشاعر للوطن في أوبريت افتتاحي لمهرجانات الجنادرية مرة أخرى بعد أوبريت عرائس المملكة في الدورة الحادية عشرة؟ • لا هذا موضوع وأنت تتحدث عن آخر، أخال التكريم هنا غير مرتبط بحدث بعينه فإذا كان الأمر كذلك فالحدث الأولى بالتكريم هو كتابتي للسلام الملكي السعودي «سارعي للمجد والعلياء»، الذي أراه الآن أنني سعيد لا توازي سعادتي أشياء وليس شيئا واحدا.. دعني أفرح اليوم بما أكرمني به الله وما أكرمتني به القيادة من مكانة رفيعة إلى جانب أمر هام هو أن الحدث في مجمله تكريم لكل المشاعر الجميلة التي تغنت بالوطن.. عاطفة وحماسا ووصفا وغير ذلك الكثير من التعاطي مع الجمال من خلال الفن والموسيقى والشعر الغنائي. • كيف تهيئ نفسك للمناسبة؟ • القيادة والوطن هما من خلع علي رداء الحدث العظيم، وهنا أحب أن أنوه وأشير إلى ابن مكة البار مصطفى فؤاد علي رضا الذي رعى ومول كتابا موسوعيا صدر هذا الأسبوع عن حياتي الخاصة والإبداعية مع الشعر في نفس الوقت وكأنه يعلم أن هناك حدثا كبيرا ستشهده منصة مهرجان الجنادرية في السادس عشر من ربيع الحالي. وهو الكتاب الذي ستغمرني السعادة وأنا أراه بين يدي ضيوف الجنادرية هذا الموسم. ومن ناحيته قال فنان العرب الذي وصل جدة فجر أمس الأحد قادما من باريس للاستعداد لتسجيل الأوبريت الافتتاحي الذي لحنه الملحن خالد العليان من أشعار الراحلة مستورة الأحمدي: التكريم هذه المرة مختلف لأستاذنا الخفاجي الرجل الذي نقول إن الوطن والقيادة أعطياه التكريم المناسب، كيف لا وهو سيحظى بشرف السلام على خادم الحرمين الشريفين متسلما تكريم أول أديب وشاعر أغنية سعودي يخطف الجائزة من الأدباء غير المنتسبين للأغنية. ومن ناحيته يقول رئيس اللجنة الثقافية في المهرجان حسن خليل: أستاذ كبير هو هذا الطود العظيم في هيكل كتابة الأغنية السعودية، ويستحق الخفاجي هذا الشرف العظيم. وجابر القرني يقول: إن تكريم الخفاجي بهذا الحجم الكبير من المكانة المتمثلة في وسام يتلقاه من خادم الحرمين الشريفين أعتبره تتويجا لعطاء الأستاذ ولفن كتابة الأغنية السعودية بشكل عام، وبحكم أنني كنت من قدم قراءة وتوثيق أوبريت الخفاجي في الدورة الحادية عشرة استطيع القول إنني أشعر بالفرح كما الخفاجي نفسه. إبراهيم خفاجي في سطور إبراهيم بن عبدالرحمن بن حسين بن أحمد بن عثمان خفاجي. ولد في مكة عام 1926م في سوق الليل. يتصل نسبه إلى خفاجة بن عقيل من هوازن، وأسرته تتمتع بالأدب والثقافة والفن. بدأ حياته التعليمية بمدارس الفلاح في مكةالمكرمة ثم انتقل إلى مدرسة دار العلوم الدينية، ثم انقطع عن الدراسة المنتظمة والتحق بأول مدرسة لاسلكي في مكة وتخرج منها عام 1364ه، في الوقت الذي يتابع تعليمه العام في حلقات الدروس في الحرم المكي، حيث تتلمذ على أيدي نخبة من العلماء، وفي عام 1972 التحق بمعهد الإدارة في القاهرة على دبلوم في إدارة الأعمال والإدارة المالية. كتب النشيد الوطني واستغرق منه أكثر من ستة أشهر، وغنى له الكثير من نجوم العرب، وفازت الكثير من أغانيه بجوائز عالمية، منها أغنية «شعره ذهب» التي حصلت على جائزة هيئة الإذاعة البريطانية كأفضل أغنية في أوائل السبعينات الميلادية. كان آخر إنتاج فني له قبل ابتعاده عن الساحة لأسباب مرضية، أوبريت «عرائس المملكة» في مهرجان الجنادرية عام 1416ه، الذي استغرق في كتابته ثمانية أشهرة، وزار لإنجازه مناطق المملكة كلها، وتنقل بين مدنها وقراها والتقى بقدمائها وكبار السن ومثقفيها، بهدف جمع المفردات لتناسب حال الواقع والمعاش والثقافية المناطقية. أما حياته العلمية والمهنية، فقد بدأها كمأمور سنترال لاسلكي عام 1364ه (1944م) في إدارة البرق والبريد والهاتف لمدة 11 عاما، انتقل بعدها إلى قسم الأخبار النيابة العام، ثم عمل في وزارة الصحة في وظيفة محاسب ورئيسا لقسم المحاسبة، ومفتشا مركزيا في وزارة الزراعة والمياه في المنطقة الغربية، وتنقل في كثير من مدن المملكة مثل الرياض وجازان وصبيا التي استلهم الكثير من موضوعات أغانيه منها، وظل في هذا المنصب حتى إحالته للتقاعد عام 1389ه بناء على طلبه.