لو دخلت قصرا فاخرا تتألق في كل زواياه التحف النادرة ثم توقفت فجأة أمام مساحة صغيرة بشعة غير مبلطة في منتصف القصر، فإنك ستقبل أي تبرير لهذا الأمر باستثناء أن يقال لك إن هذه المساحة أهملت توفيرا للنفقات لأنك سوف تقول: «يا أخي كان كملتم جميلكم .. أو خفضتوا من بعض النفقات الأخرى ولا خربتوا شغلكم كله بإهمال هذه المساحة». هذا ما يحدث أحيانا في برنامج الابتعاث وفي الجامعات المحلية، فالأموال التي يتم إنفاقها على التعليم تؤكد حرص الدولة ممثلة بوزارة التعليم العالي على التعليم، ولكن هذا الإنفاق الكبير يتوقف فجأة عند قضايا بسيطة توفيرا للنفقات رغم أن تكلفتها الحقيقية لا تشكل شيئا يذكر قياسا بالفاتورة الكاملة، وسوف نستعرض ثلاثة أمثلة تتعلق برسوم الانتساب وقضية الطلبة السعوديين في الأردن وسكن طالبات الكليات الصحية في جامعة أم القرى لنرى كيف أن المساحة غير المبلطة لا تشكل قيمة تذكر قياسا بفاتورة إنشاء القصر الكبير. فحين نتأمل استيفاء بعض الجامعات لرسوم من طلبة الانتساب تتراوح بين 2500 ريال و3000 ريال مقابل كل فصل دراسي رغم إدراك هذه الجامعات أن أغلبية هؤلاء الطلبة لا يستطيعون تدبير قيمة الرسوم بسهولة، نجد أن هذه الرسوم ليست رمزية كي نقول إنها وضعت لتنظيم المسألة كما أن قيمتها لا تجعل منها مشروعا استثماريا للجامعات، فهي في حالتها هذه ترهق الطالب ولا تفيد الجامعة، لذلك: (كملوا جميلكم) وخفضوا هذه الرسوم إلى النصف أو الربع تعميما للفائدة. أما قضية الطلبة السعوديين في الأردن فهي تعد أيضا مساحة غير مبلطة في برنامج الابتعاث، فهؤلاء الطلبة لم يجدوا سبيلا للالتحاق بقوافل المبتعثين (بعضهم يقول إنه وجد سبيلا لكن ولم يجد واسطة!)، وبعد أن أرهقتهم تكلفة الدراسة صدرت توجيهات عليا بضم الطلبة السعوديين الذين يدرسون في جامعات عربية إلى برنامج الابتعاث، إلا أنهم ما زالوا حتى هذه اللحظة يعانون من تبعات الدراسة على نفقتهم الخاصة، وهم يشتكون من تجاهل الملحقية الثقافية في الأردن لمشكلاتهم، وبما أن برنامج الابتعاث قد أرسل عشرات الآلاف من الطلبة إلى كافة بقاع الأرض نقول لهم: «كملوا جميلكم» وضموا طلبتنا في الأردن إلى هذا البرنامج. وحين نتأمل مشكلة طالبات الكليات الصحية في جامعة أم القرى واللواتي يقمن في سكن حي أم الزاهر نكتشف فورا المساحة غير المبطلة في هذه الجامعة، حيث تتكدس أكثر من مائة طالبة مغتربة عن أهلها في سكن مزدحم بواقع ثلاث أو أربع طالبات في الغرفة الواحدة، ويعانين من تردي أحوال النظافة والخدمات بالإضافة إلى تعنت المشرفات وأزعاجهن الدائم ورغم التكلفة العالية لتعليم طبيبات وصيدليات وفنيات المستقبل إلا أن أحوال السكن الرديئة لا تساعدهن إطلاقا على التحصيل العلمي، وقد اشتكين كثيرا لإدارة الجامعة حول الأوضاع الخانقة للسكن ولكنهن لم يجدن آذانا صاغية، وليس أمامنا سوى إعادة النداء ذاته لجامعة أم القرى: «الله يخليكم .. كملوا جميلكم .. وأعدوا لهن سكنا يتناسب مع التكلفة الباهظة لتدريسهن»!. بالمناسبة لقد وضعت وزارة التعليم العالي جدولا زمنيا في موقعها الإلكتروني يتضمن كل معارض الكتب المقامة هذا العام في كل مكان في العالم باستثناء معرض الرياض للكتاب «يعني نبي نطول وحنا نقول كملوا جميلكم»!!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة