قرأت مقال أخي غانم محمد الحمر المنشور في «عكاظ» في العدد رقم 15893 الصادر في 16/3/1431ه تحت عنوان «موظفة في اليد أمان من الفقر»، وقد تأثرت كثيرا حينما قرأت موضوعه الشيق؛ لأنني لم أتوقع من رجل ذي فكر متفتح أن يترك أنامله تسترسل في نقش أفكار مجحفة في حق المرأة دون أن يستوقفها ليستوضح منها سبب لجوئنا كمجتمع للوم تلك المرأة التي هي الأم والأخت والبنت وإحدى ركائز مجتمعكم الذكوري، في حين أن كلماتك ككاتب كان أحرى بها أن تضيء ظلمة ليل قد خيم على عقول الكثيرين وتسعى وراء الحقيقة، عجبا أصبحت العنوسة هي ذنب نلقيه على عاتق المرأة بدلا من أن نتشاركه معها. إن ما تسميه العنوسة هو شيء من ابتكار المجتمع لا دخل لنا فيه، وإلا لماذا لا يكون للمرأة حق في أن تخطب هي الرجل وتتزوجه ما دامت هي المذنبة في النهاية؟ ولكنني لا أعلم ما هو سن العنوسة في نظرك إذا اعترفنا بها في وقتنا الحاضر نظرا لظروف شباب مجتمعنا؟ حينما ذكرت أن القطار قد فات الفتيات لانشغالهن بالدراسة، لماذا ؟ كم سيكون عمر الفتاة حين تكمل دراستها الجامعية؟ ستكون في ال 22 أو ال 23! فلنقل إن أغلب الفتيات أكملن الماجستير كم سيكون عمرهن؟ وهذا غير وارد لأنهن لسن الأغلبية ستصل إلى ال 27 أو ال 28 .. فلا تتحجج بالدراسة سيدي .. ثم أكملت حديثك قائلا: (ولعل مما زاد من انتشار العنوسة، ترفع السيدات الموظفات عن الاقتران بالعاطلين أو أشباه العاطلين (أصحاب الوظائف فئة ألفين فما دون) .. إن كلمة زواج أو ارتباط مسؤولية غير سهلة إطلاقا، فنحن لن نجمع بين تحفتين ونضعهما على أحد رفوف المنزل، نحن نؤسس حياة كاملة من جديد لأفراد مستقلين لا يصنفون من ضمن الجمادات .. وكرامة الرجل كرجل حقيقي لا تجعله يرضى أن تصرف عليه امرأة إن كان عاطلا، فشرعا (الرجال قوامون على النساء وليس العكس) .. وصاحب الراتب المتدني وراءه مهر وبيت وكهرباء وما إلى ذلك من مسؤوليات.. تكبر يوما بعد يوم حينما يرزقهم الله بالذرية، فالذرية قصة أخرى حدث ولا حرج فتلك مصاريف أخرى لا يقوى عليها صاحب الألف والألفين .. فماذا سيكون مصيرهما في رأيك؟ لم يعد هناك منزل أو عائلة إلا ونال شبابها من البطالة نصيبا حتى أجبرهم واقعهم بالعزوف عن الزواج فمن هو المسؤول عن ذلك؟ وهل نطلق عليهم هم أيضا مسمى (العانسون)؟ فلنكن واقعيين، العنوسة لم تعد موجودة في هذا العصر إلا في مخيلتنا، فقد ألغتها ظروف الحياة، فلنترك شماعة الأخطاء المسماة المرأة ولننظر للحياة بواقعية أكثر، فالذنب لم يعد ذنب امرأة أو رجل فقد أصبح ذنبا يتشاطره مجتمع كامل. عائشة البكري