صدر قبل خمس سنوات كتاب للعالم المصري الأصل الأمريكي الجنسية الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء أحمد زويل، أطلق عليه اسم «عصر العلم» وقد قرأت الكتاب في طبعته التاسعة، وفي ذلك مؤشر على وجود اهتمام بقراءة الكتب الجادة عندما يكون مؤلفوها في مستوى يؤهلهم لكسب ثقة القراء وتطلعهم لمعرفة ما يدور في خلد الرجال العظماء من أفكار بديعة، وقد جاء أسلوب الكتاب راقيا سهلا على الرغم من التخصص العلمي الدقيق لمؤلفه وتلك براعة إضافية لما يتمتع به هذا العالم الجهبذ من قدرات خارقة أهلته ليصبح نجما لامعا في سماء العالمية.. وقد تحدث أحمد زويل عن حياته البسيطة في مصر وما تعلمه من والديه اللذين كان تعليمهما محدودا ولكنه مع ذلك استفاد منهما ولم يزل يتمسك بما تعلمه من حكمة حتى بعد أن أصبح أسطورة في العلم والجوائز العالمية، وذكر أنه تعلم من والده بأنه لا تناقض بين العمل والإنتاج وبين القدرة على الاستمتاع بالحياة وقضاء أوقات سعيدة مع من حول الإنسان من الأحياء، وذلك بعد أن لمس الجدية الطاغية على ابنه أحمد وانغماسه في الدراسة ليل نهار. أما والدته المرأة المؤمنة فقد تأثر بما رآه فيها من تعبد وصلوات ويقين ورجاء لما عند الله وكان اسمها «روحية» فرأى أن لها من اسمها نصيبا فلم يزل ذلك التأثير حيا في قلبه حتى بعد أن أصبح بعيدا عنها آلاف الأميال! أما الفتى أحمد زويل المولود عام 1946م فقد عن له وهو في العاشرة إرسال رسالة إلى جمال عبد الناصر قائد ثورة 1956 وكانت مفاجأته عظيمة وسعادته لا توصف عندما تلقى رسالة بخط يد عبد الناصر لم يزل يحتفظ بها حتى الآن بدأت بعبارة «ابني العزيز أحمد»! ولما شب زويل عن الطوق أدخله خاله جامعة الإسكندرية بعد أن أقنع والديه أن بعده النسبي عنهما في مصلحته وكان اسم الجامعة قبل الثورة «جامعة فاروق الأول» ثم أصبح اسمها الإسكندرية وكان عدد طلابها ألف طالب فأصبح حاليا مائة ألف طالب، ولكن هل بينهم الآن أحمد زويل آخر؟ أرجو ذلك! ولما حصل على منحة دراسية مجانية من جامعة بنسلفانيا جاء ليقابل مدير الجامعة فشاهده موظف بريد الجامعة وعلم أنه يريد مقابلة المدير فطلب منه حمل كيس البريد مقابل تسهيل دخوله ففعل وقابل المدير الذي وافق على الإذن له بالحصول على المنحة وتفحصه بنظرة ثاقبة ثم قال له: أتوقع أنك لن تعود ثانية.. وهذا ما حصل بعد ذلك! وفي أمريكا عاش أحمد زويل حياة العلم والجدية والفرص المتاحة للمجتهدين ولا شيء غير المجتهدين فلا هدايا ولا واسطات لنيل الدرجات حتى حصل على درجة الدكتوراه وأصبح عالما في مجاله تتخاطفه الجامعات الأمريكية ولم يزل اسمه يلمع وتجاربه تزهو حتى حصل على جائزة نوبل وعلى جائزة الملك فيصل التي بلغه بالحصول عليها مدير جامعة «كالتك» وقال له: إن جائزة الملك فيصل العالمية جائزة محترمة وسوف تحتفل الجامعة بك بعد عودتك من السعودية، وفي الرياض رتبت له الأقدار زواجه الثاني من ابنة الدكتور شاكر الفحام سوري الجنسية الذي فاز بجائزة الملك فيصل في السنة نفسها وكانت ترافقه ابنته الدكتورة ديمة فعلقت الشباك وعقد عليها ومرا في طريق العودة على مصر لإتمام الفرح وتوزيع «الشربات»، وكان قد تزوج من قبل بإحدى قريباته ولكن التوفيق لم يحالفهما كثيرا.. وأكتفي بهذا القدر من الجوانب الإنسانية من الكتاب. أما أهم ما دعا إليه العالم أحمد زويل فهو أن هذا العصر هو عصر العلم وأن على الأمة العربية أن تتدارك نفسها عن طريق الاهتمام بالعلم إن أرادت أن يكون لها شأن في هذا العالم!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة