الزائر لسوق الكندرة الشعبية التي كانت واحدة من أشهر أسواق جدة، سيقف مذهولا أمام الحال المزرية التي وصلت إليها السوق. وخلافا لصد الزبائن عن ارتيادها مع انتشار المولات والأسواق المركزية الكبرى، ترزح السوق تحت وطأة العشوائية والإهمال، فلا خدمات ولا شوارع نظيفة ولا طرق مسفلتة ولا حتى حاويات كافية يرمي فيها المتسوقون مخلفاتهم. سوق الكندرة التي كانت يوما ملتقى الأدباء والمفكرين والمثقفين ورجالات جدة ممن كانوا يجدون في زواياها متعة مزاولة التجارة والتبضع والحديث عن الذكريات بعيدا عن الضجيج، أصبحت اليوم مجرد اسم في ذاكرة جدة وزيارتها بالنسبة للبعض مخجلة أو تكاد تكون ضربا من الخيال، كما يقول أحد تجارها. يؤكد هذا التاجر الذي رفض البوح باسمه وتصويره، أن هذه السوق هي التي أدخلته عالم الملايين، لكن أهالي جدة تنكروا لها ولم تعد تعني لهم شيئا، «أصبحت أكذب مقولة قديمك نديمك لو الجديد أغناك». وعلى طرف آخر من السوق، يتربع محمد القوزي داخل محله التجاري الصغير، ويبدو أنه كان ينتظر مثل هذه الزيارة ليفتح قلبه شاكيا أحوال السوق وخدماتها، «صرنا في هذا المكان نتخوف من انتشار الأمراض بيننا مع وجود كميات المياه الراكدة في جنبات السوق وأمام المحال التجارية، فالبلدية تزيل المياه، لكنها سرعان ما تعود مرة أخرى، لذلك نطالب بوضع حل جذري لهذه المشكلة». ويشير عبد الصمد علوي إلى أن حركة البيع والشراء في السوق تأثرت بتواضع الخدمات فيها، «السوق تنفر الزبائن وهذا الأمر أرهقنا كثيرا»، ويرى أن المشكلة تكمن في فتحات غرف الصرف الصحي المنتشرة في شوارع السوق التي تطفح بين وقت وآخر وتسبب تجمعات مائية وتشققات في طبقات الأسفلت وروائح كريهة. وفيما يطالب نصور حبوري بإعادة النظر في أوضاع السوق من الناحية البلدية وتوفير مواقف سيارات خاصة للمتسوقين، يؤكد صالح الشدوي أن السوق تحتاج إلى تكثيف عمليات النظافة في كل مرافقها، «وضع سوق الكندرة لا يسر رغم أنه علامة فارقة في تاريخ المدينة التجاري ويحوي بضائع لا تتوفر في أرقى أسواق جدة».