لم يشأ القاص فهد الخليوي أن يجعل من نفسه بطلا، أو ضحية، بل شاء ببساطة أن يكون إنسانا طبيعيا. الخليوي الجالس للمرة الأولى على منصة نادي جدة الأدبي بعد نحو 40 عاما من الكتابة و35 عاما من تأسيس النادي، خرج من الاستثناء وبقي عاديا ومتواضعا في أجوبته على أسئلة الحاضرات والحضور في أمسية جمعته البارحة الأولى مع الكاتبة والحقوقية فوزية العيوني في النادي. فقال الخليوي ردا على أسئلة: هل ابتعدت عن الكتابة 15 عاما لاعتراضك على الواقع الثقافي؟ أم شعورك بالهزيمة؟ أم التعب؟.. «ابتعدت لظروف خاصة، ولأهتم بعائلتي». ولم يوضح أكثر من ذلك، بل ذهب بعيدا، عندما أعلن أنه اكتشف أن لديه نحو 60 نصا قصصيا لم ينشرها بعد، مشيرا إلى أن مجموعته القصصية الثانية ستصدر قريبا. الأمسية القصصية التي أدارتها من القسم النسائي نورة القحطاني، ومن القسم الرجالي عبده خال، شهدت عودة مبدعين ومثقفين لهم بصمتهم في المشهد الثقافي، منهم: فايز أبا، ثامر الميمان، محمود تراوري.. كما رفرفت في أجوائها الأبعاد الحقوقية، إن كان عبر مضمون قصص الضيفين، أو عبر مداخلات الحضور، لاسيما أن العيوني تعد من العاملين في المجال الحقوقي والتربوي. وأشار إلى ذلك الكاتب هاشم الجحدلي في مداخلته، التي ركز فيها على المحور الإنساني للنصوص، وقيم المجتمع والتسامح والتصالح.. منتقدا في الوقت نفسه نادي جدة الذي يستضيف الخليوي على منبره بعد 40 عاما من الكتابة. أما الدكتور يوسف العارف فسأل العيوني: «لماذا يغيب الإبداع النسائي السعودي عن المناهج؟»، فقالت: تطوير المناهج لم يكن جاد بل شكليا، وذكرت أنهن اشتغلن نحو سنتين لتعديل المناهج وإعادة إنتاجها لا تطويرها. وأقرت العيوني أن مسألة الحقوق الإنسانية تطغى في نصوصها. وردا على مداخلات الدكتور سامي المرزوقي عن غياب الفرح في نصوصهما، وهل شرط لمن يكتب القصة أن يتناول الجوانب السلبية؟ قال الخليوي: «هذا هو الواقع.. لا أفتعل أن أكتب قصة قصيرة.. لا يمكن أكتب عن الفرح ولا يوجد فرح».. أما العيوني فأجابت: «لا تستطيع أن تحصل على الدفء من الثلج، والبرد من النار». بدت هذه الإجابات مدخلا لأبواب أخرى من القصص، التي تنوعت بين القصيرة والقصيرة جدا، وقد أجاد الخليوي في تكثيف الحالة الإبداعية لتأتي عبر رمزيتها وافرة بالدلالات والإيحاءات، في حين اعترفت العيوني أنها لا تعتني بنصوصها لاشتغالها بالهمين الاجتماعي والحقوقي.