(المغش)، (الحيسية)، (الخمير) وأسماء أخرى لمأكولات تربعت منذ زمن في الذاكرة الجازانية، كانت حاضرة في قرية جازان التراثية التي تقام حاليا، وذلك بعد أن منح القائمون على القرية زوار المنطقة فرصة للتعرف إليها ومعايشة تجربتها واكتشاف مساحة اللذة في هذه المأكولات التي يعتبرها الجازانيون فواصل مهمة في حياتهم. ثماني نساء جازانيات أبين إلا أن يقدمن تجربتهن الفريدة بعد أن حالفها النجاح في مشروع دشن قبل أشهر، ولكن التجربة هذه المرة جاءت في صورة أخرى تكاملت مع أجزاء اللوحة البانورامية التي تشكلها زوايا وأركان القرية التراثية لزوارها هذا العام. ومن خلال ركن المطعم النسائي الشعبي في القرية، تباشر النسوة إعداد وطهي الوجبات الشعبية بأنواعها وأشكالها، ويمكن لأي زائر أن يتذوقها كما هي على حقيقتها طعما وشكلا ورائحة. وتشرف على المطعم حصة سرور مع سبع سعوديات متمكنات من الطهي، انطلقن يتحدين الصعاب فشققن طريق النجاح بكل اقتدار، ويمكن وأنت تتجول في المكان أن تقرأ سعادتهن في أحداق عيونهن وفي تزاحم الزائرين صغارا وكبارا على المساحة التي منحنها لتقديم أنشطتهن. تقول المشرفة على المطعم النسائي إن تجربتهن هذا العام أتاحت للزوار فرصة التعرف إلى مفردات المطبخ الجازاني القديم، زوار المطعم من المنطقة وخارجها ومن جنسيات مختلفة مصرية وهندية وباكستانية والطلبات التي نستلمها مشجعة جدا ودافعة لمزيد من التطوير وتقديم الأفضل». فنحن -والحديث للسيدة حصة- نقدم أهم وأشهر الوجبات الشعبية وبنفس طرق التحضير والمواد المكونة لها، فهناك المغش بأنواعه اللحم والسمك، وهناك العيش الحامض (الخمير) واللحم الحنيذ، وأقراص الدقيق والبر والسمن والعسل، والإدامات كالملوخية والباميا وأطباق أخرى تصنف من المطبخ الجازاني القديم، كل ذلك يقوم على تجهيزه وإعداده عاملات سعوديات من بنات المنطقة يعملن في تناغم وتنسيق كبيرين. وعن أسعار تلك الأطباق تؤكد أنها مرضية تماما، «تعمدنا أن تكون بأسعار ممكنة للجميع للتعريف بفكرة المطعم وإتاحة الفرصة أمام الزوار؛ كي يستمتعوا ويتعرفوا إلى وجباتنا الشعبية»، وتضيف «المطعم له هدفان؛ الأول وهو الأهم، التعريف بالمطبخ الجازاني على حقيقته من خلال فريق عمل نسائي بالكامل والمتخصص، والهدف الثاني كان التعريف بمشروع بدأناه قبل أكثر من شهر هو المطعم النسائي الذي تقوم فكرته على تأكيد مقدرة المرأة السعودية والفتاة الجازانية على وجه الخصوص على خوض غمار العمل واستغلال كل إمكاناتها». وعن الصعوبات التي تواجهها والعاملات معها تقول حصة، «لا صعوبات أو معوقات حتى الآن، غير أننا نطمح في منحنا مساحة أكبر للعمل وتوفير أماكن للجلوس حتى يتمكن الزوار من تناول الوجبات في ذات المكان الذي يتم فيه الإعداد وبشكل يوفر خصوصية تامة؛ كون المرتادين للمطعم في الغالب من النساء، لذا ينبغي أن يكون ذا خصوصية عالية»، مشيرة إلى أن هذه التجربة الأولى وكانت فعلا مشجعة لخوضها مرة أخرى في الأعوام المقبلة وبشكل أفضل. يذكر أن فكرة المطعم النسائي الشعبي تنفذ للمرة الأولى بهذه الآلية والشكل، الأمر الذي أمتع الزوار وأتاح لهم فرصة التعرف بعوالم المطبخ الجازاني الشعبي وما يتميز به من قيمة غذائية خاصة.