«ها هي المحاضرة قد شارفت على الانتهاء، والمكان يعمه الصمت، ما عدا صوت تلك الداعية التي تقف على الطاولة التي وضعت وفجأة وبدون سابق إنذار يثور الجميع ضاحكا، لأن الداعية لم تستطع أن تقوم بنطق كلمة (الفيس بوك) بالشكل الصحيح» هذه إحدى القصص التي حكتها لنا الفتاة وسام مبارك، والتي بينت بأن هذا الأمر يحدث بسبب عدم مواكبة بعض الداعيات للعصر الذي نعيشه، وتوقفهن عند ما قدم لهن سابقا. ماروته وسام هي إحدى القصص التي تتكرر مع الفتيات بشكل دائم في المحاضرات اللاتي يحضرنها أو تفرض عليهن في المدارس أو الجامعات أو خلافه. فالداعيات بعيدات عن الواقع في طرحهن وجافات في خطابهم كما تصف أغلب الفتيات وخطابهن ترهيبهي أكثر من كونه ترغيبيا، مشيرين إلى أن هذه الصفات توجد لدى مجموعة ليست بالبسيطة منهن. وهو ما يؤثر على الفتاة سلبا ويصرفها للاتجاه إلى وسائل أخرى تستقي منها المعلومات التي تبحث عنها، وبالتالي يتأثر جيل بأكمله. «عكاظ» حاولت تلمس حاجات الفتيات، وماذا يريدنه من الداعيات، وهل ما يقدم لهن يلائم واقعهن، من خلال استطلاع ميداني، ووجهت هذه الاتهامات والقصور للداعيات، فكانت الإجابات في سياق السطور التالية: أوضحت مشاعل فلاته (24عاما) أن الفتيات يعانين كثيرا في سبيل التواصل مع الداعيات، لأن الداعيات يعتبرن أن النزول إلى عقول الفتيات فيه نوع من الانتقاص من هيبتهن، مبينة أن بعضهن لا تهتم إلا بمن لديها معرفة بأهلها أو أحد أقاربها، وأضافت: «لا تتواصل بعض الداعيات معنا بشكل جيد، وذلك لأنها تخاف على هيبتها من السقوط أمام الفتيات، وإذا ما تواصلت معك فإن عليك أن تكون لديك واسطة، فمثلا تكون تعرف إحدى قريباتك أو والدتك أو لها علاقة بإحدى أخواتك. وأرى بأن هذا الأمر يشكل عنصرية كبيرة بيننا نحن الفتيات، وتترتب عليه أضرار كبيرة جدا، وأتمنى أن أن نجد حلا لهذا الأمر». وتتحدث وسام مبارك (24عاما)، قائلة: «يوجد هناك تواصل ولكنه محدود ومقنن، ولا يشمل كافة شرائح الفتيات، وذلك يعود لأن هذا الأمر لا يعد وظيفة لهن، فلا يقمن بالاهتمام به»، موضحة أن المواضيع التي يقمن بطرحها لا تمس الواقع الذي نعيشه، وكذلك افتقارهن لاستخدام وسائل التكنولوجيا. برامج اتهام ولفتت وسام إلى أن البرامج المقدمة لا تعدو سوى نسخ مكرورة ولا تواكب عصر الفتاة، ونمط حياتها اليومي. وأكدت يسرى الطويري (23عاما)، كلام زميلاتها، واصفة خطاب الداعيات بأنه «روتيني وممل، ولا يواكب العصر الذي نعيش فيه، ويفتقر كثيرا للتطبيق، ولا تهتم الداعيات بحاجات الفتاة بل تميل كثيرا إلى تعليم الفتاة لواجباتها، ولا تبين لها حقوقها أبدا، ودائما ما تضع تلك البرامج في خطابها أن الفتاة هي المقصرة في كل الأمور، وتجعل من حولها كأنهم ملاك طاهر، وبطريقة توبيخية/تخويفية». وطالبت يسرى بأن تجدد هذه البرامج بأخرى تواكب العصر الحالي. ووافقتها الرأي فاطمة اليوسف(25عاما)، قائلة : «تفتقر بعض الداعيات إلى تقديم الجديد في البرامج المقدمة للفتيات، فلا نجدها جديدة ممتعة أو متطورة»، وأضافت: «لا نجد أن هذه البرامج تركز على البرامج التي تهم الفتاة، كبرامج التواصل والمهارات، وتطوير الذات، والمواضيع الطبية والاجتماعية». ستايل بيتي واعتبرت الفتيات أن الأسلوب الذي تتعامل به بعض الداعيات قديم وتقليدي ولا يليق بحياة عصرنا الذي تغيرت فيه المفاهيم والأفكار، حيث انتقدت سارة المطيري (26عاما) بقولها: «بعض الداعيات ينتهجن أسلوب التشديد والتخويف، فلا نجد منهن سوى (محرم، منكر، غير مباح)، وإلقاء الانتقادات منذ بداية محاضراتها، فتجعل الفتاة تنفر من مما تقوم به، لأن المحاضرة قد افقدت إلى الأسلوب الجميل الرائع الذي يحاكي الفتاة الذي تغير كثيرا عن سابق إنتاج المواد التي تقدمها بعض الداعيات»، وأضافت: «تعاني البعض منهن من الزهد في لباسها، فنجد أنها تحضر المحاضرة أو الندوة، وهي بلباس وكأنها في منزلها، وليست في مناسبة تحضرها المئات، ولا نجدها تضع أي روائح جميلة». كما رأت أن معظم الفتيات يتقربن إلى الداعية من خلال لباسها ومظهرها، وقالت: «يجب أن يجعل هذا الأمر من الداعيات أن يقمن بالاهتمام بأنفسهن، لكي تجد الداعية من يستمع لحديثها»، وبينت أن سبب هذا الأمر يعود لاقتناع معظمهن بالأفكار القديمة والتي لا تمت إلى الواقع بصلة، فتقول: «تعاني الداعيات من هذا الأمر جراء اقتناعهن بالأفكار التقليدية القديمة، ومنها: أن لديهن أفكار ومعتقدات جاهلة وراسخة منذ القدم، وكذلك اعتقادهن بأن الاعتناء بالمظهر الخارجي من لبس ورائحة، هو أمر أتى من الكفار، ويضر بالصحة، وأعتقد أن هذه الأسباب تافهة». ووافقتها الرأي ثريا سندابي (خريجة دراسات إسلامية جامعة الملك عبد العزيز) وذلك، بقولها: «تعاني بعض الداعيات من الكثير من السلبيات التي تجعل من طريقة تواصلها بالمستحيلة مع فتيات المجتمع، فنجدها تارة تتحدث بالألغاز، وأخرى ترى أنها ستفقد هيبتها عندما تتقرب إلى عقلية الفتاة، وكذلك استخدام أسلوب التوبيخ وتوجيه أصابع الاتهام إليها دوما، والاقتناع بأفكارهن فلا يقمن بفتح المجال للفتاة لكي تتحدث عن نفسها وتعرض بعض همومها»، وبينت أن هذا الأمر ينعكس سلبا على الفتاة. أكاديمية متخصصة واقترحت سندابي، إنشاء أكاديمية متخصصة تقوم بتعليم الداعيات أسس وأصول الدعوة التي تتواكب مع العصر الحاضر، بقولها: «لكي نتفادى ما يحدث حاليا من نقص في التواصل بين الداعيات وفتيات المجتمع، يجب أن نقوم بإنشاء أكاديمية متخصصة تعنى بهذا الأمر تقوم على تعليم الداعيات أسس وأصول الدعوة التي تتواكب مع العصر الحاضر، والتي من خلالها يمكن أن تصل إلى أكبر شريحة من فتيات المجتمع، وكذلك التواكب مع كافة الفئات، وبعد ذلك تقوم على تخرجهن، حتى يصبحن على قدر كاف من المسؤولية الملقاة على عاتقهن».. وأضافت: «ستقوم الأكاديمية بتصحيح كافة الأخطاء التي تقع فيها الداعية حاليا، من الافتقار إلى مهارات التواصل، وإيصال المعلومة بالشكل الذي يحبب الفتيات في طريقة تواصلهن لأجل مزيد من المعرفة. وكذلك تستطيع الداعية أن تواكب عقلية الفتاة مهما كان عمرها أو بيئتها، وينعكس ذلك إيجابا على بقية الداعيات للاقتداء بها».