أوضح مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة نجران أحمد صالح بللحمر أن ستر رجال الحسبة للنساء المضبوطات في قضايا أخلاقية ينبع من كونه درءا لمفسدة تعرضهن إلى مواقف جائرة من المجتمع تقضي على مستقبلهن. وأكد في حوار مع «عكاظ» أن معظم القضايا المضبوطة من قبل هيئة نجران تستوجب الستر للمحافظة على القيمة الاجتماعية والنفسية للمتهم ولأفراد المجتمع لكيلا تتحول القضايا إلى فعل متفق عليه من قبل الجميع. وأبان بللحمر أن الهيئة باتت جهة ضبط ولم تعد قادرة على اتخاذ إجراءات ضد المخالفين.. إلى تفاصيل الحوار: • كيف ترى عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الآن؟ هناك جهد وحراك تطويري غير اعتيادي في عمل الهيئة وهو يرتكز على إحداث نقلة نوعية في واقعها كما أن مشروع تدشين الخطة الاستراتيجية يعد جانبا مشرقا ورياديا لاعتماد خطة لمدة 30 سنة ستنظم أعمال الرئاسة كما أن الرئاسة وضعت رؤية لتحقيق قصب السبق في الجانب التقني والتحول إلى إدارة إليكترونية لا ورقية والوصول إلى أعلى المستويات في ذلك، أما الجانب التنظيمي والهيكلي فالرئاسة لها حراك كبير في تحقيق إتقان العمل من خلال الجودة الشاملة، و الرئاسة تحرص على ضرورة تحقيق مبدأ التطوير وتحسين جودة العمل والمخرج النهائي للواقع والمجتمع بحيث يحقق رضى جميع شرائح المجتمع التي يتعامل رجل الحسبة معهم. • عادة ما تداهمون مواقع فهل يتطلب ذلك تواجد جهة أمنية لمرافقة عناصر الهيئة في الضبط؟ القضايا التي تدخل في اختصاص الهيئة نضبطها بغض النظر عن وجود أي جهة أمنية أما إذا كانت القضية المراد ضبطها مشتركة أو مختلطة فيتطلب ذلك اشتراكا بين جهتين وكل يضبط المخالفة التي تخصه، لكن الأصل في عمل رجال الهيئة أنه عمل يخصهم فيما نص النظام على أنه داخل اختصاصهم. • البعض يرى أن الأطر الشرعية التي كفلها الإسلام كفيلة بإيصال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعيدا عن وجود تنفيذيين من قبلكم لتوصيل ذلك كيف ترد؟ الدور الشرعي لرجل الهيئة لا يخرجه عن كونه رجل ضبط جنائيا وما يذكر عن وجود عنف من قبل رجال الحسبة غير موجود، وهناك من يحاول أن يصور دور رجل الهيئة على أنه مقترن بهذه الصورة النمطية وهذا الأمر يحتاج إلى دليل عملي من الواقع وإذا تحدثنا عن واقع الهيئة اليوم ومستوى الرضى الموجود ومستوى المخالفات التي يمكن أن توجه لها لوجدنا أنه يكاد يصل إلى درجة عيوب «صفرية» في العمل الميداني، لكن أن يكون هناك من يحاول أن يظهر رجال الحسبة بصورة المخطئ فهذا أمر لانملك أن نؤثر على الآخرين فيه، أو أن نجبرهم على أن يقتنعوا أن واقعنا واقع حسن أو ليس فيه عيوب، لكن في الجملةجهاز الرئاسة من أقل الأجهزة في الأخطاء التي ترصد ضده، وهو قريب جدا من تحقيق الجودة والرضا الكامل وهذا المقياس مقياس موضوعي يمكن رصده من خلال القضايا التي يصدر فيها إدانة أو أحكام من قبل الجهات الرسمية ضد الرئاسة. • لماذا تمارسون تعتيما على بعض القضايا المضبوطة؟ السبب في ذلك يعود إلى أن معظم القضايا التي نتعامل معها ذات طبيعة تستوجب الستر،وهنا لايسعنا أن نحيل القضية أو يطلع عليها الرأي العام أو نشرها عبر وسائل الإعلام وذلك حرصا منا في المحافظة على القيمة الاجتماعية والنفسية للمتهم ولأفراد المجتمع بعدم نشر مثل هذه الصور التي تكسر هذا الحاجز النفسي لديه، بحيث يشعر الناس أن المجتمع مجتمع يمارس ممارسة ظاهرة متفق عليها وهذا ما نرمي إلى ترسيخ أنه غير صحيح عبر الستر والحقيقة أن مجتمعنا في نجران نقي ويحمل في داخله عوامل إصلاح ذاتية، يقاوم عوامل الفساد وينفي الأفراد المفسدين. • ولكن هناك من يطالب بنشر القضايا الأخلاقية التي تضبطونها من أجل تنبيه المجتمع خاصة تلك المتعلقة بالتحرش بالأطفال أو ابتزاز الفتيات ماذا تقول في ذلك؟ أنا أؤيد هذه المطالب ونحن نجتهد في تحديد القضايا ذات الطبيعة الخاصة التي ينتج عنها وعي مقابل لدى المجتمع، والواقع الذي نعيش فيه لكي يحذروا من الوقوع في هذا الفخ ونحن نبادر إلى نشر قضايا من ذلك النوع وفق اتفاق مع ضابط الستر من رجال الهيئة والهدف من عملنا ذلك هو توعية المجتمع. • ولكنكم على مايبدو تتعرضون إلى ضغوط و شفاعات حيال بعض القضايا خاصة القضايا الأخلاقية أليس كذلك؟ أؤكد لك أن هامش الشفاعات بالنسبة للهيئة غير متاح ولو أردناه فالمرأة تستر ما لم يستجوب جرمها الإحالة بارتكابها لما لابد من إحالتها به ونحن لا نسأل لماذا سترت بقدر لماذا لم تستر فهنا الأصل في قضايا المرأة الستر، أيضا نحن الآن لم نعد جهة قادرة على اتخاذ إجراء تجاه المخالف نحن جهة ضبط ينتهي دورنا عند التسليم من الميدان فهناك الجهة المخولة بإكمال الإجراء التي تستقبل المتهمين، وهي الشرطة وهيئة التحقيق والادعاء العام صاحبة الصلاحية وليس هناك مجال لنا في المجاملة، ولو أردنا المجاملة فلن نجامل لأن الحدود ضيقه جدا ولا نجامل أو نحابي أحدا وهو نظام وشرعي. • ولماذا لاتتم إحالة الطرفين من الرجل والمرأة في قضايا متعلقة بهما بدلا من تحميل الرجل المسؤولية وحده؟ نحن نراعي في قضية المرأة الأصل لاستواء الشرعي في قضية إحالة الرجل والمرأة، وفي حقيقة الأمر قضية المرأة تستر فيما لا حد فيه كما في قوله تعالى «والزانية والزاني...الآية» فلو أن رجال الهيئة اطلعوا على قضية زنا صريحة وبشهادة أربعة منهم فهنا لايجوز ستر الطرفين، لكن في الأمور المظنونة التي تكون فيها خلوة غير شرعية وليست مظنة فاحشة وليست المرأة معروفة بالفحش والسوء وليس لها سابقة جرم هنا يكون جانب الستر هو المغلب بالنسبة لنا في واقع المرأة، وهذا الأمر مستند إلى موقف شرعي لأننا نعرف أن المرأة ليست مثل الرجل في الإحالة للقضايا الأخلاقية. فالمجتمع عندما يعلم أن المرأة قد أخطأت وزلت بها القدم في جانب انحراف أخلاقي ينظر لها نظرة جائرة وظالمة بخلاف الرجل الذي قد يتحمل قضية الإحالة ولايترتب عليها أي عقاب اجتماعي ظالم جائر، بينما المرأة تتحمل أضعاف هذا الأمر وينهار مستقبلها وقد لاتتمكن أن تكون أما في المستقبل، ولا تتمكن أن تتخلص من السمعة السيئة التي تلحقها أو تلحق أسرتها وذويها وهذا منهج شرعي في دفع هذه المفسدة التي قد تترتب على إحالة مثل هذه المرأة، وترفع القضية للمحكمة للحكم على الرجل حسب الدعوى المقامة ضده. • كيف تتعاملون مع المقبوض عليهم في قضايا أخلاقية إذن؟ نحن حريصون على القيمة النفسية للمتهم ودائما ما نشعر المتهم بضرورة تنمية الرقابة الداخلية لديه، ونشعره بأن الخطأ والمخالفة إنما كان نزوة مخالفة في ظروف معينة نسعى إلى عدم تكرار ما ارتكبه، وكثير من الإجراءات في حدها الأدنى قد لاتكون كفيلة بإحداث ما نطمح إليه من عملية الإصلاح وإحياء هذه الرقابة الذاتية والاستصلاح لهذا الفرد؛ فنلجأ إلى وسائل مساعدة من مشايخ الشمل والقبائل ووجهاء وأعيان، الذين لديهم القدرة على مساعدتنا في نصح وإرشاد الشاب أو المتهم فنقوم بربط المتهم بهذه الشخصية القبلية بعد إنهاء قضيته من قبلنا وأخذ التعهد عليه لتولي مناصحته وإرشاده ومساعدته على تجاوز مشكلته التي يضبط بها لعدم تكرار المسألة مستقبلا، وقد تحققت نتائج جيدة بدعم وتفاعل رجال الإصلاح من مشايخ الشمل والأعيان وهي تجربة ناجحة تحتاج إلى تقييم شامل ووضعها في إطار يحكمها بحيث لاتبقى في صورتها الاجتهادية بعد أن توقفت أخيرا لاعتبارات خاصة، والتجربة برمتها تستحق التقييم وأن يستفاد منها بطريقة مدروسة للحد من الإحالات التي تستوجب إصلاح شبابنا بعيدا عن السجون أو العقاب الشديد الذي قد يؤدي إلى ردة فعل أكبر. • هناك من يرى أنكم تعمدون إلى إخفاء أخطاء رجال الحسبة حينما ترتكب ما ردك حيال ذلك؟ هناك جهة مخولة بمعاقبة رجال الهيئة والرقابة على أعمالهم وهم خاضعون للأنظمة المتعلقة بهيئة الرقابة والتحقيق. • وهل تلتزمون بتطبيق آلية أنطمة وزارة الداخلية ومنها عدم التحقيق مع المتهم المضبوط؟ الهيئة ليست جهة تحقيق، بل جهة ضبط كبقية جهات الأمن دورها ينتهي عند ضبط الجرم والمتهم والقبض عليه في حالة تلبس أو حالة ملحقة بالتلبس ثم تتم إحالته مباشرة للجهات الأمنية بعد كتابة المحضر الذي يبين ملابسات الحادث فهذا هو دور الهيئة وليس لها دور آخر كتوجيه الادعاء أو التحقيق. • لوحظ في الآونة الأخيرة تفتيش رجال الحسبة في نجران للمشاغل النسائية، والتحقق من رخصة المحل ألا ترى أن ذلك قد يؤخذ عليكم من حيث نظامية الإجراءات؟ رجال الحسبة هم من رجال السلطة العامة واختصاصهم يتطرق إلى ما كل ما يتعلق بحفظ أخلاق وقيم المجتمع، والمشاغل النسائية من المواقع التي ترتادها بناتنا ونساؤنا وتحتاج أن تطبق عليها الضوابط والأنظمة والتعليمات المنظمة لها كنشاط وبحكم أنها أقسام نسائية مغلقة وبعيدة عن الرقابة فتحتاج إلى متابعة من قبلنا للتأكد من خلوها من المخالفات النظامية والشرعية وهناك توقيت للدخول إلى تلك المشاغل وحددنا ذلك في الصباح. • هل ستتم مستقبلا الاستعانة بعنصر نسائي إلى جانب الهيئة في الرقابة على المحلات أو غيرها؟ إذا احتجنا للعنصر النسائي لمثل هذه الأمور فهناك عنصر نسائي تابع لهيئة الرقابة وقد نستعين بهن إذا اقتضت الحاجة.