قبل نحو عامين .. ركضت وراء زميل مقبل من المنطقة الشرقية للقاء الأديب والكاتب القدير عابد خزندار، جلست بآذان عطشى لمعرفة تفاصيل الحديث الذي دار مع المفكر والمثقف الطليعي، تحدث زميلي بسخاء عن فرحته وزميل آخر كان يرافقه، ولم يغادرني حتى أغرقني بسيل من المعلومات عن الرجل وحفاوته، وقطعت عهداً من يومها أن أسعى للقائه في أقرب فرصة. ولم أشك يوما في أن صاحب القلم الممزوج بالثقافة الفرنكفونية المعروفة باحترامها الرفيع لحق الإنسان وعدم التمييز بين ألوان البشر وأعراقهم وأديانهم، أن يشتم أحد رائحة العنصرية منه تجاه أبناء وطنه أياً كان انتماؤهم الجغرافي. إلا أن المفاجأة التي ما زلت أعيش هولها، عندما تحدث خزندار بصوت عال عن مشكلات جدة في عموده الشهير في الصحيفة العريقة «الرياض»، قائلا: «كل مصائب جدة وكوارثها تأتي من هجرة أهالي المناطق الساحلية». وخصص خزندار القنفذة باسمها، ورغم تطرقه لجملة من الحلول وتثمين الدور التاريخي لتلك المدينة التي كانت منطقة إدارية مستقلة يوما ما، إلا أن قذفه بكرة اللهب وتحديد المسؤولية على البسطاء المهاجرين من قراهم إلى نعيم جدة حيث فرص التوظيف والخدمات المتكاملة، بأن استيطانهم أحياء شرق جدة هو السبب الرئيس في فاجعة جدة. مهلا يا استاذنا القدير .. ربما لم تراجع قوائم الموتى، ولم تقرأ الصحف فلم يكن بينهم من أهل تلك الأرض إلا واحدا فقط، ولا يسكن تلك القطعة من جدة إلا النزر اليسير فمعظمهم من أهل جدة الأصليين جداً وحتى وإن لم تكن دماؤهم جداوية فتأكد أنها سعودية بامتياز لكن ظروفهم المادية أجبرتهم على أن يختاروا ذلك الجزء الذي أصبح مخططا بصكوك شرعية .. ولكن تحت أي غطاء لا يعلمون؟ لا يمكن أن يسأل صحافي بسيط مثلي كاتبا عتيقا من أهل جدة من المسؤول الحقيقي ف «ليس المسؤول بأعلم من السائل»، ولكن العجب في أن تكرس صورة ذهنية خاطئة عن هذه المحافظة المهمة في منطقة مكةالمكرمة. إن القنفذة يا سيدي الكريم قدمت ما يزيد على 30 طبيبا وجراحا يضمدون جراح أهل جدة، وما يزيد على 10 من أساتذة جامعة الملك عبد العزيز. اسأل يا سيدي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية عن عدد الموهوبين الذي اختارتهم وابتعثتهم من القنفذة، اسأل قيادات الجيش كم منهم من بندر القنفذة، شم رائحة معارك الجنوب ستعرف كم شهيداً عطر الجبال دمه. اسأل باقي جامعات المملكة وشركتي آرامكو وسابك، ومجلس الشورى، فتش في قوائم الإرهابيين فلن تجد وجها واحدا من القنفذة وكلي ثقة فيما أقول. يا سيدي ما تحتاجه القنفذة وقفة صادقة تنتشلها من غياهب النسيان، وتطوير لمينائها، وتسريع في إخراج مطارها، وزيادة عدد كلياتهم بدل أن تسجن بناتها في إسكان الطالبات وسط أحياء جدةومكة برسم الدراسة. ذلك البندر المثقل بالعقول النيرة والقلوب الوطنية الصادقة يحتاج يقضة ورؤية اقتصادية تمكنه من أن يعطى ميزة نسبية تحرك كنوز بحره، وتنعش سهول جباله وأوديته. وصدقني وهذا عهد أن التنمية عندما تصبح عملا حقيقيا هناك ستجدني أول الراحلين تلبية ل «رغبتك» ومقترحك؟. رجائي أن نكتب ما يقربنا أكثر لوطننا لا أن نرجع إلى الخلف ونتحدث عن تهم مناطقية، كيلا نصل إلى مرحلة إنقاذ للوطنية من بين أيدي من يعول عليهم أن يكونوا رموزا للتنوير والنهوض بالوطن وتعزيز قيم الانتماء والولاء. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة