كنت أتغنى بجدة طيلة الأعوام التي كنت أعمل فيها خارج عروس البحر الأحمر، تنقلت من جنوب الوطن إلى شماله واستقررت في قلبه الرياض، غنيت جدة وأهلها، واشتقت لطعم بحرها ودعابة ساكنيها. رددت كثيرا «جدة مدينة تسكنك لا تسكن فيها»، كنت ألقي بهذه الجملة في حضن كل من يسألني: «هل اشتقت لجدة ؟»، ورجعت إلى جدة فوجدتها شبت ونضجت رغم جروحها النازفة وشرايينها المتجلطة بالسيارات والبشر. رغم ذلك بقيت جدة بفتنتها، بعذوبتها مدينة تحتوي كل من يهوي إليه عاشقا للساحل الغربي. جدة اليوم ليست تلك التي كان يجمعنا مسؤولون حولهم قبل عشرة أعوام ليطلقوا الوعود، تخيلنا جدة أجمل بل تجاوزنا باريس ونيويورك، حتى بلغنا فانكوفر، الكل كان يدلي بدلوه ليجد مساحة في صحيفة يمط فيها ابتسامته وشماغه قدر الإمكان. أعترف وزملاء مثلي كثر أننا صدقنا كذبا لا يغتفر، ليس لنا حول ولا قوة؛ لأن مهمتنا نقل ومعالجة الخبر ولاحق لنا أكثر في أعراف وقوانين الصحافة. جدة ليست حزينة اليوم، بل هي في حفلة أحزان، تجولت أمس في أحياء قويزة فرجعت بذاكرة مزدحمة بالأسئلة: كيف ولماذا، وما هو العقاب؟ الناس هنا شرق جدة رفعوا أكفهم شكرا لله ثم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إثر صدور أمره الملكي التاريخي، مؤمنين أن الإنصاف مقبل على يد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل حاكم منطقة مكةالمكرمة. الدمار هناك موجع رائحة الموت تفوح من كل مكان البكاء سيد الموقف، أنقاض لا تنتهي على مد النظر الخراب لحق كل شيء حتى النفوس، ولكن الأمل حي في رجال وطني المخلصين. لن يخلو وطني من الصادقين، سيقفون ويشهرون الحقائق، ويعلنون مواقف شجاعة مستمدة من شجاعة ملك الحق والإنسانية عبد الله بن عبد العزيز. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة