أنا أم لطفلين أحدهما عمره ثلاثة أعوام، لكنه عصبي ويغضب بسرعة ويضرب بقية الأطفال، كما أنه قد يضربني أنا أمه ويتعامل معي بنفس الطريقة العصبية، مع أنه يعتذر حين يشعر بأنه أخطأ. حاولت أن أعالج المشكلة بالحنان والكلام والتشجيع، ولاحظت أن ذلك يحل المشكلة لوقت قصير ثم يعود لشقاوته من جديد، مما يضطرني لضربه لأنه يؤذي بقية الأطفال، وبخاصة أخته، وهو طفل ذكي جدا وسريع الفهم والتعلم، حتى أنه تعلم حروف اللغة العربية والإنجليزية، وكذلك الأرقام، ويحاول أن يظهر لي أنه يفهم ويطلب مني ملابس ذات ألوان فاقعة كالأحمر، ويميز بين الألوان ويحب أن يناديه الآخرون باسمه ولا يحب ألقاب الدلع، وهو لا ينام إلا إذا مسك يدي وفي حضني، المهم عنده أن أكون بجانبه، وإذا استيقظ ولم يجدني يظل يعاتبني طوال النهار، حاولت فهم سبب ضربه للآخرين فوجدت أن أول الأسباب هو أفلام الكرتون التي يشاهدها لأنه يقلد ما يرى، ويقول أنه «جنجر» ويمارس حركاته ثم يعود مرة أخرى ليقول أنا رجعت، السبب الثاني غياب والده الطويل بسبب العمل مع أنني أشرح له سبب غياب والده، فماذا أفعل حتى أقلل من غضبه وضربه لبقية الأطفال؟ أم نايف جدة هناك أمران تحتاجين لعلاجهما في تعاملك مع ولدك، أولهما: ضبط ساعات مشاهدته للتلفزيون وبالتحديد مشاهدته لأفلام الكرتون المشبعة بالعنف، فقد ذكرت في رسالتك أنه يقوم بتقليد جنجر، ويبدو أن ما يشاهده من مقاطع تتعلق بسلوك جنجر هي مقاطع مشبعة بالعنف، وعليك أن تتذكري يا ابنتي أن دراسات كثيرة تناولت تأثير أفلام الكرتون العنيفة على الأطفال وأظهرت أن آثارها السلبية كانت كبيرة، إضافة إلى أن مجرد المشاهدة تترك أثرها على حركة الطفل وعنفه مع الآخرين، فكلما زادت ساعات مشاهدة الطفل للتلفزيون بغض النظر عما يشاهده من مواد فإن ذلك يترك أثرا سلبيا عليه ويزيد من عدوانه، ولك أن تتخيلي كيف سيكون حال طفلك لو أنه يشاهد التلفزيون كثيرا وما يشاهده مليء بمشاهد العنف، عندها سيكون التلفزيون مصدرا قويا من مصادر عصبيته وثورته وعدوانه، والحل هو تقليل ساعات المشاهدة إلى الحد الذي لا يزيد على ساعة إلى ساعة وربع في اليوم بأي حال من الأحوال، ويفضل أن تكون على دفعتين، وكلما قلت ساعات المشاهدة كان ذلك أفضل، إضافة إلى إلغاء المواد العنيفة التي يشاهدها، ولا بد من تذكيرك بأن هذا سوف يحملك عبء البحث عن وسائل تملأ وقت فراغه وألعاب الفك والتركيب والمكعبات سوف تنفعه كثيرا إضافة إلى ركوب الدراجة وتأمين مكان يستطيع أن يجري ويتحرك فيه، أما السبب الثاني لزيادة عنفه وعدوانه فيكمن في ضربك أنت له، لأن مثل هذا الضرب يجعله يوقن أن الضرب بحد ذاته أمر مشروع، ولو لم يكن كذلك لما استخدمته أنت، ويصبح ضربك له مقويا ومعززا لسلوكه العنيف مع أنك تستخدمين الضرب لتقليل عنفه، ويبدو أن سلوك الضرب قد عزز لديه أيضا فكرة أن الضرب جائز حين يكون من القوي باتجاه الضعيف لذا فهو يستخدمه مع من هم أضعف منه، لذا عليك الانتباه لهذا ومحاولة التخلص من هذا الأسلوب، وعليك اللجوء لأساليب الحرمان والعزل وهي أساليب تجدينها في بعض الكتب المتوافرة في المكتبات، أما عن رغبته الملحة في النوم بجانبك ومسك يدك والتعلق الزائد بك، فهو نتيجة طبيعية لشعوره بقلة الأمن نتيجة عنفك معه، كما أن غياب أبيه ربما يصب في هذه الزاوية وهي زاوية ضعف أمنه وزيادة قلقه.