تشكل عدوانية الأطفال في بداية طفولتهم مشكلة كبيرة للأهل والمعلمين وأصدقاء الأطفال أنفسهم، تؤدي الى مشاكل سلوكية خطيرة في المستقبل، مثل الجنوح في سن المراهقة والعنف في سن البلوغ الذي يؤدي إلى السلوك الإجرامي في ما بعد. إلا أن المختصين يحذرون من مشاهدة الطفل للأفلام التي لا تناسب فئته العمرية، مما قد يدفعه الى تصرفات سلبية تكون نهاياتها محزنة. وبحسب دراسات أجريت على نماذج من الأطفال، تنبه الباحثون الى عوامل عدة قد تؤثر سلبا في عدوانية الأطفال، مثل أسلوب الضبط السلبي الذي يتبعه الأهل، وسلامة الحي الذي يعيش فيه الأطفال، اضافة الى الفترة الزمنية التي يتعرضون فيها للتلفزيون، فبعد سماع الموسيقى، تعد مشاهدة التلفزيون من أحب الأشياء إلى قلب الطفل في هذه الفئة العمرية. يقول الطفل خالد عبيد «أحب مشاهدة أفلام الأبطال والحروب»، وعند سؤاله عن سبب متابعته لهذه النوعية من الأفلام أجاب «عشان أتعلم أدافع عن نفسي في المدرسة». أما حازم غازي فأكد أنه يعشق متابعة أفلام سباقات السيارات وقال «أتمنى لما اكبر يكون عندي مثل سياراتهم وأشارك في السباقات الخطيرة». وأوضح حازم أنه لا يعرف معنى العنف، وأنه لا يفرق بين أفلام الكرتون العادية وبين أفلام الكبار، وقال «إيش يعني عنف وأفلام الكبار». وفي استطلاع ميداني أجرته «عكاظ» ظهر إجماع 65% من الأمهات على أن أطفالهن يشاهدون التلفزيون بمفردهم لمدة ساعتين في اليوم، وبمعدل 5 6 ساعات أثناء متابعتهم مع أسرهم بشكل غير مباشر. وأكدت الأخصائية النفسية حنان اليامي أنه بعد تحليل النتائج تبين أن مشاهدة الأطفال للتلفزيون بشكل مباشر، وغير مباشر عاملان يرتبطان بالعدوانية عند الأطفال، مشيرة إلى أن الجلوس أمام التلفزيون يؤثر سلبا على برنامج الطفل اليومي مثل الأكل والمقدرة على التواصل، ويقلل من الوقت الذي يقضيه في مزاولة النشاطات الأخرى. وتؤكد على أن زيادة ساعات مشاهدة الطفل للتلفزيون يمكن أن تؤدي إلى طفولة سلبية وسيئة تدفع الطفل إلى تصرف عدواني تجاه الآخرين. وتضيف أن مشاهدة الأطفال للتلفزيون دون رقابة تضعف إحساسهم ضد مشاهد العنف، فيصبح الطفل لا يميز بين العنف الحقيقي والعنف الافتراضي على شاشة التلفزيون، فهو يعتاد على تلك المشاهد ويتقبلها بدلا من رفضها وإدانتها، مشيرة الى خطورة الإفراط في مشاهدة العنف التلفزيون الذي يؤدي إلى أن يصبح الأطفال أكثر عدوانية مع رفاقهم في الملعب، ومع معلميهم، ومع الأهل، ويتضح هذا بشكل كبير عندما يدخلون سن المراهقة. وأوضحت اليامي أن بعض أفلام الرسوم المتحركة تحتوي مشاهد عن الموت دون مبالاة لتحقيق هدفهم وهو إضحاك الطفل، دون ادراك لخطورة هذه المشاهد على الطفل الذي يتأثر بشكل كبير بتلك المشاهد، ولا يستبعد أن يؤدي الى كارثة حقيقية، مطالبة بالحد من مشاهدة الأطفال للتلفزيون بشكل متواصل دن رقابة، والاستعاضة عن ذلك بممارسة أنشطة أخرى مثل: القراءة واللعب، وتوجيههم إلى ممارسة الهوايات التي يميلون إليها. وأكدت «من الضروري أن يراقب الأهل ما يشاهده أطفالهم، وعدم السماح لهم بمشاهدة الأفلام الخاصة بالبالغين فهي أكثر خطورة على الطفل»، مطالبة بمنحهم الوقت الكافي للرد على استفساراتهم الناتجة عن مشاهدة الأفلام، واطلاعهم على أن ما يحصل على الشاشة غير حقيقي، وإنما هو تمثيل «وهذا مهم جدا لتهدئة الطفل وإزالة مخاوفه وتوجيه اهتماماته بشكل سليم».