تتسم رواية «الديناصور الأخير» للكاتبة السعودية سحر السديري بطموح يمكن أن يلخص بأنه سواء، حيث نجح أو حيث لم ينجح، محاولة لرسم مصير البشرية إذا استمرت سائرة على ما هي عليه. وما هي عليه هذه البشرية يحفل بكثير مما يسميه البعض شرورا تجعل الإنسان أشبه بما وصفت به النار من أنها «تأكل نفسها». وعلى رأس هذه الشرور كما نستنتج عند سحر السديري الظلم والاستبداد وحرمان المرأة من حقوق عديدة ومن الكرامة في أحيان كثيرة. ولأن الديناصور هو في أيامنا هذه، الرمز الأكبر للانقراض والزوال، فقد درج البعض في ظل ظروف كثيرة منها ما هو من صنع البشر مثل التغير في المناخ والحروب النووية والكيماوية والجرثومية والظلم والفقر والجوع وغيرها على تحذير الإنسان مما قد يصح أن نستعمل له تعبير «الدنصرة» أو مواجهة مصير الديناصور. عمل سحر السديري ربما كان أول رواية بالعربية تستعمل تلك الكائنات الجبارة المنقرضة التي قيل في تاريخها التطوري إنها مرت في مرحلة الطيور، وصولا إلى مرحلة الحيوانات، قبل أن تصل إلى مرحلة الانقراض. ولعل السديري هي أول من كتب رواية «أنسنت» فيها الديناصور، وفي الوقت نفسه «دنصرت» مسيرة الإنسان. الرواية التي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، جاءت في 144 صفحة متوسطة القطع، وبغلاف حمل لوحة تشكيلية لأنسام رزق من فلسطين. أما الخط الذي كتب به العنوان، فقد جاء ناطقا ببلاغة إذ وردت كلمة «الديناصور» بالحبر الأسود، وتلتها كلمة «الأخير» بحبر أحمر دموي. إلا أن هناك خطا أحمر آخر كان لا من المستحب فقط بل من المطلوب بشكل أساسي ألا يلمحه القارئ في الرواية، وهو كثرة الأخطاء اللغوية. ترسم الكاتبة عالما يشبه في بعض نواحيه عالم الأساطير، وحتى أجواء بعض الملاحم. وتبدو لنا أحيانا كأنها تدير لعبة دمى تجعلها تنطق وتتصرف وتتحرك لتقول ما يريدها «مشغلها». إلا أن هذا العالم يبدو دائما عالما بشريا تحاول أن تلبسه الكاتبة قناعا حيوانيا. إلا أن القناع جاء شفافا جدا.