يخيب رجاء من اعتقد أن التميز أمر سهل، وعليه يكون التميز محالا على الخائرين والكسالى وسهل المنال على الطامحين المتجشمين عناء السفر إليه حتى يصلوا وإن كان في مغيب الشمس عنهم لا يحملون معهم إلا الأمل والصبر. من هنا أدرك الكثيرون ممن يبحثون عن هذا المعنى أنه لابد أن يمتطي صهوة الصبر وأن يتحلى بالتؤدة والأناة، فإذا كان التميز معاناة فإن الوصول إليه حتما سيكون من خلال طريقه الوعر والشاق وبالتالي الوصول إلى النهاية يعني معنى آخر ذا صبغة شعورية تعتري المتميز بمعناه الجديد، ومن هنا نستطيع أن نعرف أن التميز معاناة ومعنى. معاناة للوصول إلى هذا الجانب العظيم والحالة الشعورية الرائعة والمكسب المادي والمعنوي الجيد عندها يتنفس الصعداء في حال الوصول إلى التميز وبالتالي الشعور بالنشوة والارتقاء بالذات في حس شعوري معنوي رائع، فتكون قد اطمأنت النفس وارتاح البال لهذا الإنجاز وإن كان لجانب من جوانب الحياة، لأننا نعني بالتميز كل جوانب الحياة فالبعض يرى أن التميز لا يكون إلا في التحصيل العلمي والدراسي فقط.. وهذا قطعا غير صحيح لأن هناك جوانب أخرى قد تميزك عن غيرك فإذا أخذنا جانب الفن والجمال فإن الرسام والخطاط والنحات والشاعر وغيرهم يعيشون التميز ذاته ونحن في الطرف الآخر ينالنا نصيب ونتذوق ما يعيشه المتميز، بمعنى أن الجماليات ذات نفع متعدد فأصبح ذلك باعثا للبهجة وشارحا للصدر ومسرا للخاطر بعد أن تزاحمت فيه الأفكار لتتلاقى في اتفاق ينبىء عن ميلاد ميزة جديدة استحق على أثرها كلمة ( هو مميز ). ثم يأتي بعد ذلك المعنى بدوره هو الآخر حيث تتجلى جوانبه المعنوية فهو شعور ذاتي يكتنف الإنسان بل لا أبالغ إن قلت إنه يخرج الإنسان من رتابة الحياة اليومية في انعتاق دائم كلما عاش الفن نفسه بشعوره الداخلي. إنه شعور نفسي راق يعكس نفسه، إنه استقرار نفسي، أما المرتقون على أكتاف الآخرين دون حضور المعاناة نفسها فإن المعنى عندهم مفقود نهائيا والشعور لديهم بهذا الحس لا معنى له، وبالتالي تراهم في تخبط دائم في البحث عن المعنى الحقيقي أو حتى معنى آخر يبرزهم نصبا ولو حتى كالخشب المسندة، وغالبا نظرتهم لأنفسهم ما تكون موشحة بالغرابة والدهشة، صدق أو لا تصدق أن القناعة في ذواتهم مفقودة لأنهم فقدوا المعنى الحقيقي المتميز. عوضة علي الزهراني الرياض