سألني ذات مرة أحدهم في ضوء ما ينشرونه لي من صور صحافية آيلة بالإشارة إلى شخصي غير القابل من جانبي للتصنيف، فمن يرفعه الله فلا خافض له، ومن يخفضه الله فقطعا لا أحد يستطيع رفعه مرة أخرىر .. فهذه الحياة كلها مكابدات، ولكنها قطعا حلوة حلوة، بقضها وقضيضها أكتب بملء أصابعي نقرا على قاعدة الحروف أن الحياة حلوة حلوة .. ومن سوء تقدير المرء لمن يعمل معهم ويعملون معه أن يقول لهم صوروني .. فأنا لا أزال عريسا جديدا .. صوروني! لقد قال لي السائل: كم عمرك، وهو يعلم مسبقا أنه ليس بوسع إنسان التنازل عن يوم من حياته، وكما أنه ليس بمقدوري إقراضه شيئا من ذلك كله، فمن الطرف المقابل لا يستطيع بدوره ولو كان ملاكا أن يقرضني نصف قرن آخر من الزمان! وللواقع لا أعرف لي عمرا على وجه التحديد، لأنني أعيش منذ زمان بعيد بعض الشيء، وكل ما أعرفه أن هذه الصورة الآيلة إلى إحدى فترات حياتي قد جرى التقاطها عام 1986 أي ما يوازي عام 1406 للهجرة، ففي ذلك الوقت كنت أعمل صحافيا في جريدة المدينة وباسناد التدريب العملي مع جامعة الملك عبد العزيز، فقد عملت في تلك الفترة أستاذا لمادة الصحافة العملية بالتعاون مع دكتور بيروتي الذي، سوف أسعد كثيرا فيما لو أدركت أنه لا يزال على قيد الحياة، ... وفيما يبدو أنني كنت معجبا بطراز العقال القديم، وقد التقط لي تلك الصورة على عجل أحد مصوري الجريدة وأعتقد أنه لاحقا توفي بالسكتة القلبية أو هكذا أحسبه، وفي فترة وجيزة من تلك المرحلة تلقيت مع بعض الزملاء دعوة مفتوحة لزيارة بغداد، وذهبنا إلى بغداد، وجعلوا من فندق الميريديان فلسطين مقرا لنا، وتجولنا في كل الشوارع التي تأخذنا جيئة وذهابا منه وإليه، وبعد سنوات كنت أشاهد أشلاء الفندق من خلال نشرات الأخبار تتساقط تماما كما لو كان إنسانا عملاقا يلفظ آخر أنفاسه! وللواقع ينبغي على الإنسان ألا يدقق كثيرا في عمره ولا في أعمار الآخرين، فالعمر لا يدخل في الثوابت ولا في الأصول، لأنه غير قابل للحيازة مطلقا، فهو ليس مالا ولا عقارا يمكنك السيطرة عليه والمساومة حوله بما قد يحتويه أو لا يحتويه. إنه مجرد رقم ومن الصعوبة جدا في هذا الزمان مهما أدمن الإنسان صداقة العطار أن يصل عمره بالكاد إلى ثلاث خانات، ثم إن العمر بعد ذلك ومن قبل يدخل في عداد التحولات المفاجئة. إن له حركة مفاجئة لا تقل عنفا عن السيل الذي دهم الأهالي في جدة على حين غرة، فقد مات الكثير، رحمهم الله، ممن لم يفكروا قطعا ذات مرة أنهم سوف يلقون حتفهم في السيل، إذ يشق الأخير له دربا وسط الشوارع المأهولة بالسكان وكما سرق السيل أناسا، فهكذا الأيام تسرقنا أثناء النوم أو الغفلة، ربما يأخذني الوقت معه ذات مرة بمنتهى السرية، ولن يكترث فيما إذا كنت توحديا عاريا مثل أوراق الشجر إذا دهمها الخريف حيرانا هكذا يكون العمر أيضا ربما في أوله أو آخره ... فلا تسألني .. يا حبيبي أستمتع بممارسة الأختباء طويلا على طريقة البيات الشتوي، مع الاحتفاظ بلياقة التراسل الودود مع متغيرات الطقس وطوارئ الأحدث ... وفي النهاية لن يسمحوا لك بأخذ شيء معك. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة