تستحوذ ملفات المسارات الكفيلة بدعم الأمن والاستقرار في أفغانستان، وتعزيز الجهود الدولية التي انبثقت عن مؤتمر لندن، الذي عقد الأسبوع الماضي لإعادة الإعمار، على مباحثات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الأفغاني حامد كرزاي، خلال زيارته للمملكة اليوم. وتتناول المناقشات ما من شأنه تعميق العلاقة بين الرياضوكابول في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والتجارية. وتعتبر زيارة كرزاي للمملكة، هي الأولى له بعد الإعلان عن فوزه في الانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي. وأكد الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في حوار مع «عكاظ»، أن لقاءه مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز يكتسب أهمية مطلقة ومصيرية، نظرا للظروف التي تمر بها بلاده، الأمر الذي يستدعي دعما سعوديا، إسلاميا ودوليا، وصولا إلى تحقيق الأمن والسلام والمصالحة التي طرحها أخيرا، لافتا إلى أن زيارته للرياض تمثل فرصة لمناقشة المستجدات على الساحات الإقليمية والآسيوية، والدولية، إلى جانب الوقوف على نتائج الإجماع الدولي في لندن المعني بإعادة إعمار أفغانستان، وكيفية استحداث آلية لتنفيذ توصيات المؤتمر. واسترسل قائلا، إن زيارته للرياض تأتي من منطلق حرصه أن يطلع خادم الحرمين الشريفين بطبيعة التحرك الأفغاني المقبل، خاصة عقب النتائج الإيجابية التي خرج بها مؤتمر لندن. الملك عبدالله ذو رؤية سياسية ثاقبة ووصف الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالشخصية السياسية المحنكة، ويتمتع برؤية استراتيجية بعيدة المدى، ولعب ومازال، يلعب دورا بارزا في تعزيز الأمن والسلام، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، بل في المحيطين الإسلامي والدولي. المملكة لم تتوان في دعمنا وأشار الرئيس كرزاي إلى أن مبادرات خادم الحرمين الشريفين، سواء في ما يتعلق بالسلام في المنطقة، أو حول حوار الحضارات والتعايش السلمي، حققت نجاحات عالمية، وحظيت بدعم غير مسبوق، مستدعيا أن المملكة دعمت الاستقرار في أفغانستان، ولم تتوان في تقديم المساعدات الإنسانية طوال السنوات الماضية، ولايمكن تجاهل دورها في تحقيق السلام والأمن والتنمية في بلاده. وتابع، إن أجندة قمة الرياض ستكون شاملة، خاصة في ما يتعلق بالوضع في جنوبي آسيا وأفغانستان، مبينا أن اللقاء سيكون فرصة لكي يشرح للملك عبدالله ماتحقق من إنجازات على الصعيد الداخلي، فضلا عن جهود كابل في مكافحة الإرهاب، وتعزيز التقارب والمصالحة الأفغانية سعيا لبلورة تطلعات الشعب الأفغاني المشروعة للعيش بأمن وسلام على أرض الواقع. تعزيز الأمن والمصالحة في الأولويات وحول أولوياته في المرحلة المقبلة، أقر الرئيس الأفغاني أن وضع ما ينشد إليه الشعب الأفغاني في تعزيز الأمن ورفع مستوى المعيشة، يبقى من أهم الأولويات خلال السنوات المقبلة، بجانب تحقيق التنمية وتكريس مخرجات التنمية، مستدركا أن مشروع المصالحة يرتكز على ضرورة قبول الدستور الأفغاني، وإنهاء العنف، وقطع العلاقة مع المتطرفين والاندماج في المجتمع الأفغاني. وركز على أنه بصدد الإعلان عن إنشاء مجلس وطني للسلام والمصالحة، سيعقبه طلب عقد مجلس اللويا جيركا «مجلس الأعيان القبائلي»، بغية تجذير مبادئ الوحدة الوطنية وإعطاء دفعة للحوار الداخلي. وعقّب أن بلاده تسير ببطء، ولكن بثبات، تجاه تحقيق الوفاق والاستقرار وإرساء دعائم المستقبل المزدهر، موضحا أن الشعب الأفغاني عانى الكثير من الأزمات، بيد أنه صمد أمامها، وسيصل إلى بر الأمان، مضيفا أن جهود حكومته تنضوي على بناء ثقة الشعب وإحلال الأمن، وتحقيق العدالة وتنبي الحكم الرشيد، علاوة على تركيز جهود التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار. وذكر أن الحكومة الأفغانية تعتزم خلال السنوات المقبلة تحمل مسؤولية فرض الأمن تدريجيا على أجزاء أكبر من الأراضي الأفغانية. تضحيات الشعب الأفغاني وعما إذا كانت هناك نجاحات أنجزت خلال الفترة الماضية، قال كرزاي: «هناك نجاحات تحققت في السنوات الثماني الماضية، ولكنها لم تكن لتتحقق دون التضحيات التي قدمها الشعب الأفغاني، مذكرا أن هناك تحديات كبيرة يجري التعامل معها، من ضمنها تحسين الوضع الأمني، خلق بيئة مواتية للاستثمار، وتعزيز النمو الاقتصادي». لا أمن بلا تنمية وقال: «نحن ندرك الضرورة الملحة لتحسين الوضع الأمني، لأننا نؤمن أنه لا تنمية بدون أمن ولا استقرار بدون أمن»، موضحا أن انعدام الأمن مرتبط بجملة من المعطيات تتعلق بخارج الحدود، مايستدعي تضافر الجهود والتعاون الشامل، وسيتطلب إقرار الأمن أيضا، توسيع نطاق التنسيق بين بلدان المنطقة. نسعى لتعاون إقليمي أوثق وحول إمكانية إجراء انتخابات برلمانية قريبا، قال: «نحن نتطلع إلى إجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة خلال السنة الحالية»، مؤكدا أن هذه الانتخابات ستوفر فرصة للشعب لممارسة حقه في التصويت، وانتخاب مرشحيه في أجواء ديمقراطية وشفافة. هذا، ويرافق الرئيس حامد كرزاي في زيارته القصيرة وفد أفغاني رفيع المستوى، يتضمن وزير الخارجية زلماي رسول، ومستشار الرئيس للعلاقات الدولية الدكتور بسنتا، ووزير الحج يوسف نيازي أحمد، بالإضافة إلى عدد من كبار المسؤولين الأفغان. وسيؤدي الرئيس الأفغاني مناسك العمرة قبيل التوجه إلى الرياض اليوم. تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأفغاني حامد كرزاي شدد في الكلمة التي ألقاها في الجلسة في المؤتمر الدولي الذي عقد في لندن الأسبوع الماضي لمناقشة الوضع في أفغانستان، على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه المملكة في إنجاز المصالحة الوطنية وجلب الاستقرار والسلام إلى أفغانستان. وفي المقابل، أوضح وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في المؤتمر نفسه، إن المملكة تتحفظ على دور في جهود إحلال السلام في أفغانستان، إلا إذا كفت «طالبان» عن توفير ملاذ آمن لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وقطعت علاقاتها بشبكات المتشددين. واشترط مؤتمر لندن، لزيادة المساعدات المباشرة التي يقدمها إلى حكومة أفغانستان بنسبة 50 في المائة في غضون سنتين، بتحقيق كابول تقدما في مجال مكافحة الفساد، فيما أعلن عن دعم مالي مخصص لزيادة عديد الجيش الأفغاني وقوات الأمن وتطوير أدائهما. وأقر المؤتمر استراتيجية تلزم الدول الغربية بالمساعدة في بناء الجيش والشرطة والاقتصاد في أفغانستان. ورحب المؤتمر بخطة الحكومة الأفغانية حول محاورة عناصر من طالبان لإقناعهم بإلقاء السلاح وقطع علاقاتهم مع تنظيم القاعدة وباقي المنظمات الإرهابية، وإدماجهم في الحياة السياسية. كما أعلن أن الدول المانحة تعهدت ب 140 مليون دولار لتمويل جهود المصالحة. والتزم المؤتمر بدعم قوات الأمن الأفغانية وتدريبها بغية رفع عددها إلى نحو 300 ألف عنصر بحلول أكتوبر 2011. وفي ذات الصدد، سيلتقي الرئيس كرازي اليوم مع الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي في مقر الأمانة العامة في جدة. وسيجري خلال اللقاء بحث تعزيز التعاون بين المنظمة وأفغانستان ومناقشة نتائج مؤتمر لندن وبرنامج إعادة إعمار أفغانستان. وكان الرئيس كرزاي قد وصل جدة أمس.