تعيش الفنانة التشكيلية هبة عابد حالة من الغربة؛ غربة عن كل ما يحيطها. ألوانها غالبا أسيرة طيف لوني متوحد، وهي في أعمالها محكومة بسيطرة الشخوص بما يشبه الإقصاء المتعمد بعين الحس والخيال في محاولة لعبور المكان في رحلة البحث عن الزمان. تسجل هبة عبر أحادية لونية وتعددية حركية ديناميكية الحياة وملامحها غير المرئية على البعد الخيالي للوحة، وفي عملها «حنين الأرض» وزعت ألوانها الحارة بتناغم وبمساحات مضيئة، وتقاطعات هندسية غير منتظمة تشعر المتلقي، أن تلك الأشياء المهملة جاءت من حضن الطبيعة، كما هي الشخوص الجميلة وألوان الصحراء. هذه الفكرة من صلب التجريد الحديث، فإذا كان التجريد في الرسم قد تبنى غاية تشويه الأشكال، وسلخها من وحدتها، فإن التجريد المعاصر يفكك ذلك التجريد. إن الابتعاد عن المباشرة سمة فنية بارزة في الأداء التشكيلي المعاصر محليا وعالميا، لكن تبقى الأعمال الفنية الغربية تحتفظ بميزة إبقاء وعي المتلقي الجمالي متواصلا معها من خلال عناصر الإثارة أو البهجة، تجاهد لتصل للمتلقي، ولو بأشد الوسائل غرابة. أما أعمال هبه فهي تحقق المعادلة التي تعطي إثارة بأسلوب سهل ممتنع، أعمالها تفرض نفسها عبر عالم الألوان الموحدة في الطرح، والمتقاطعة في المساحة، والمنفصلة في الوحدة. والمتلقي يدرك دائما أن لون الفنان لا يفرض نفسه بايقاع متغلب على أعماله، فالمتلقي هنا أمام رموز متوحدة تمارس تمردا على السطح الصقيل، وإن كان من المرجح أن هذه الخشونة هي تمرد آخر تمارسه هبة على رموزها ذاتها، وربما كانت معنية بما تسقطه على رموزها أكثر من دلالتها على سطح اللوحة. هبه عابد تنظر إلى رموزها عبر شاشة طفولية متموجة ومنكسرة أحيانا، فتمنحها ملمسا خشنا على خلاف الملمس الذي تمنحه للأرضية. في أعمالها قطع تتحرك ضمن مستويين؛ الأول: مستوى إقصاء كل ما يشتت التركيز على الرمز من مفردات الحياة، مما يجعل حياة لوحاتها متوحدة اللون. الثاني: تحديد مساحاتها الهندسية بديناميكة اللون في الفصل بين الكتل. هبة حائزة بكالوريس فنون إسلامية بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف عام 1427، وتتمنى إكمال دراستها في التداوي بالألوان "Chromo therapy" بغية نشر أهمية الألوان واستخدامها كعلاج مكمل. وهي عضوة الدعم الفني والمعلومات في إدارة مركز تسامي للفنون البصرية في جدة.