تنشط عصابات الكبتاجون مع دخول الاختبارات وسط الطلاب، خصوصا طلاب الثانوية العامة؛ لنشر سمومها بدعوى أنها تساعد على السهر واستذكار الدروس ومنح النشوة التي تقود للنجاح، فيقع غير قليل من طلابنا في هذا الفخ أو هذه «الأوهام» فيقبلون على تناولها دون أدنى إدراك لأضرارها وتأثيراتها على عقولهم، ولا يعلمون أن بإمكانها أن تمحو ذاكرتهم في أية لحظة؛ للخلل الذي قد يصيب المخ وهو ما توصلت إليه النتائج الطبيةالحديثة، فيما يخشى مستقبلا أن يقعوا في براثن الإدمان، وأسر المخدرات بعامة، بتعاطي أنواع أفتك لعقول الطلاب من الكبتاجون كالحشيش المخدر. فلماذا يلجأ بعض الطلاب لتعاطي هذه الحبوب المخدرة، وما تأثيراتها عليهم، وكيف نحميهم من الآثار الضارة المترتبة عليها؟ للوقوف على حجم الخطر الذي تمثله عصابات الكبتاجون، ما أعلنته وزارة الداخلية عن جهود المكافحة في الشهر الماضي بالحيلولة دون تهريب ثمانية ملايين وثلاثمائة وواحد وخمسين ألفا وسبعة وثمانين قرص كبتاجون تم إخفاؤها داخل إطارات معدة ثقيلة (شيول) منقولة على متن شاحنة، تقدر قيمتها السوقية بمائتين واثنين وتسعين مليونا ومائتين وسبعة وثمانين ألفا وسبعمائة وثلاثين ريالا، حيث تم ضبط مستقبليها بالتنسيق مع مصلحة الجمارك، وعددهم ستة أشخاص. وأحبطت مكافحة المخدرات في بداية 1429ه تهريب أكثر من مليون حبة مخدرة، وكميات كبيرة أخرى من المخدرات، بعد القبض على شبكة من جنسيات وافدة كانت تنوي ترويج تلك السموم داخل الأراضي السعودية، مستغلين قرب فترة الاختبارات، بتهريبها داخل شاحنة. وفي الطائف ألقت الجهات الأمنية القبض على اثنين من أشهر مروجي أقراص «الكبتاجون» في سيارتهما بين طلاب المدارس المتوسطة والثانوية، كما عثر في السيارة على كيسين آخرين وتم القبض على المروجين وبحوزتهما 1516حبة كبتاجون، وأحيلا إلى إدارة مكافحة المخدرات لاتخاذ الإجراءات النظامية حيالهما. وفي الرياض تم أخيرا ضبط مائة وتسعة آلاف وخمسمائة وثماني حبات مخدرة، حيث تمت الإطاحة بعصابة من عدة أشخاص حاولوا تهريب هذه الكمية بإخفائها داخل تجاويف ليف الاستحمام، في محاولة فاشلة منهم للتضليل على رجال المكافحة، فيما تكثف الجهات الأمنية دورياتها حول المدارس والأحياء الشعبية لتعقب المروجين الذين ينشطون خلال تلك الفترة. «عكاظ» التقت عددا من المسؤولين والتربويين وأولياء الأمور والطلاب للكشف عن هذه الظاهرة المدمرة لعقول أبنائهم والتي تهدد مستقبلهم. يتناولون المنشطات يرى محفوظ الغامدي (مدير متوسطة هارون الرشيد النموذجية في جدة) أن نقص الوعي لدى بعض الطلاب وأولياء الأمور يجعلهم يخطئون في بعض التقديرات الاجتهادية، فنجد في فترة الاختبارات بعض الطلاب يحرصون على تناول المنشطات والبحث عنها دون حسيب ولا رقيب، وفي المقابل يتصيد مروجو هذه الحبوب ليبثوا سمومهم للطلاب ويستنزفوهم ليس فقط بهذه المنشطات، بل قد يزيد الأمر ليصل إلى أنواع أخرى من الحبوب المخدرة، وقد يكون ذلك في غياب من الأسرة التي تطالب ابنها بما يزيد على طاقته مهما كان الثمن، وعلى صعيد الميدان التربوي ثبت أن متعاطي هذه الحبوب يصيبهم الكثير من الإجهاد وفقدان التركيز وإذا وفق في مادة فهو ضائع في غيرها من المواد لأن لهذه المواد تأثيرا لا ينقطع أثره، خصوصا أن الذين يروجونها يستغلون هذه المواقف ليروجوا غيرها ما يقتل مستقبل الطلاب ويؤدي بهم إلى الكارثة. طلاب مستهدفون مسند الجهني (معلم) يقول: طلاب الثانوية قد يكونون أكثر من غيرهم بحثا عن هذه المنشطات، وهم الهدف الأول لمن يروج لمثل هذه الحبوب المنشطة بحكم أن طالب الثانوية العامة على عتبة مرحلة مفصلية في حياته ويرى أنه فيما لو استخدم هذه المنشطات فأثرها لن يطول، لأنه يعتقد أنه سيتركها بعد الاختبار مباشرة ولا يدرك أنها من الممكن أن تكون بداية النهاية لمستقبله، وهنا يأتي دور المدرسة والأسرة متضامنين في صنع سياج يحمي الطالب من براثن من يتربص بهم ويوهمهم أن هذه الحبوب هي مفتاح النجاح، والأمر لا يعدو كونه مؤقتا وتبسيط الأمور بهذه الشكل قد يجر الطالب إلى متاهات لا نهاية لها، في حين يلعب الإعلام دورا بارزا في إثارة هذه القضايا في هذه الأوقات كونه يدق ناقوس الخطر الذي يحيط بأبنائنا الطلاب لينتبهوا لأنفسهم. أولياء الأمور أنور محمد البخاري (ولي أمر) يقول: للأسرة دور مهم في تنشئة الأبناء بطريقة صحيحة وسليمة ولا يتم ذلك إلا من خلال المتابعة وبذل الجهود المضنية في سبيل تحقيق الغاية الإيجابية المرجوة مستقبلا، لذلك هناك عدة عناصر يجب على ولي أمر الحرص عليها وهي؛ توفير الجو المناسب للأبناء سواء أيام الدراسة العادية أو قبل بداية الاختبارات، متابعة أصدقائهم بالإضافة لأعمارهم فاختلاف الأعمار له تأثير مباشر على الأبناء، إعطاؤهم الوقت الكافي وذلك من خلال الاستماع لهم وبما يدور في خواطرهم وإعطائهم النصائح بشكل دوري من أجل تفتيح مداركهم، ومتأكد أنه سوف تكون هناك بوادر إيجابية مستقبلا وأن القضاء على هذه الآفة لن يتم من خلال الجانب الأمني فقط، بل على الجميع التعاون والتكاتف. طلاب الثانوية عمار ولي وحسن محمد باشماخ وعبد الملك باقبص (16 عاما-أول ثانوي) اتفقوا على أن مخالطة أصدقاء السوء تعتبر في المركز الأول من ناحية السوء، وفي ضوء ذلك ينصحون زملاءهم الطلاب بالابتعاد عن هذه الأفكار السوداوية لأنها وقوع في وحل الوهم والسراب البعيد تحت مسمى التركيز والنشاط، الذي يعتقدون أنهم يستمدونه عن طريق تلك الحبوب المخدرة (الكبتاجون). استباق مخططات أكد المتحدث الأمني لوزارة الداخلية منصور التركي في وقت سابق اتخاذ إجراءات وقائية لاستباق مخططات المفسدين الذين يستهدفون المملكة بآفة المخدرات وإحباطها قبل وصولها، بتنسيق الجهود في مكافحة تهريب المخدرات إلى المملكة من مصادرها، والحيلولة دون تمريرها عبر الحدود، وملاحقة متزعمي النشاطات الإجرامية والقبض عليهم لتقديمهم إلى القضاء لنيل جزائهم العادل. وحذرت اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات طلاب المدارس من تعاطى الكبتاجون، مؤكدة أنه يدمر المخ والأعصاب ويؤدي إلى إعاقة ذهنية مستديمة، مشيرة إلى أنها تنسق مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ومجمع الأمل للصحة النفسية في الرياض وعدد من الجهات لوضع خطة عمل مشتركة لتوعية الطلبة وتنويرهم بما تسببه المخدرات من مآس وفضح الأساليب التي يستخدمها مروجوها. خطر الكبتاجون ناشد الدكتور عبد الله بن محمد الشرقي (استشاري الطب النفسي ومستشار اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات) في وقت سابق الطلاب بالابتعاد عن تعاطي مادة الإمفيتامين (الكبتاجون) التي لا تقل خطرا عن تعاطي مادتي الهيروين أو الحشيش، مشيرا إلى أن تناولها يؤدي إلى تدمير مراكز الأعصاب المركزية في المخ، ما ينتج عنه إعاقة مستديمة في السلوك العدواني العنيف والاضطرابات الاضطهادية، كما يؤدي إلى فقدان الأهلية العقلية في مدة قصيرة، لافتا إلى تشكيل فريق متخصص لإخضاع ظاهرة تعاطي الحبوب البيضاء وإعداد دراسة مستفيضة حول مادة الإمفيتامين (الكبتاجون) ومدى تأثيرها وبيان خطورتها على المتعاطي، وما تسببه من هلاك متسارع لخلايا الدماغ وزيادة عدد المدمنين عليها، مبينا أن سمية الإمفيتامين ترجع إلى مقدرة هذا المركب على إنتاج مواد أيضية مؤكسدة مثل نورادرينالين وهيدروكسي دوبامين، إضافة إلى ثنائي هيدروكسي تربتامين التي لها المفعول السمي، ما ينتج عنه إعاقة ذهنية مستديمة حتى بعد سحب الإمفيتامين من الجسم، وزيادة فترة بقاء المدمن في المصحات ومراكز العلاج، وبالتالي زيادة فترة انتظار المدمنين الذين لم يتمكنوا من الدخول إلى تلك المراكز.