سهر بعض الأزواج خارج المنزل لساعات طويلة هل هو هروب من طلبات الزوجة أم لافتقاد الطرفين لغة الحوار المشتركة أم لأن الزوجة انطوائية والزوج اجتماعي، جميع هذه التساؤلات طرحناها على عدد من الزوجات واللواتي تتصدر مشكلة سهر الأزواج مع الأصدقاء قائمة مشكلاتهن اليومية، وفي السياق نفسه طرحنا المشكلة على طاولة مستشارة في العلاقات الأسرية قدمت للمتزوجات مجموعة من النصائح للحد من تفاقم الأمر: زوجي يتهمني بأنني «نكدية»، هكذا تبدأ الحديث نهى عبدالرحمن، «تكاد تكون مشكلة تفضيل زوجي للخروج مع أصدقائه سواء للبحر أو لعب كرة القدم محور الاختلاف الدائم بيننا، وعندما أسأله يقول بأنني زوجة نكدية ليس لي سوى مطالباته وأبنائه بالمشتريات»، وتضيف: حاولت كثيرا أن أتخذ موقفا وأذهب غاضبة لبيت أهلي ولكن دون اهتمام منه وأعود للمنزل من أجل المحافظة على استقرار أبنائي، وحول موقفها في إعادة زوجها البيت وعدم الهروب بالخروج مع الأصدقاء تعترف بأنها لم تعد تهتم، فهي متحملة عبء المذاكرة للأولاد مؤكدة بأن الزوج عندما يمل من تجمعات الأصدقاء حتما سيعود للمنزل. تقول حنان محمد، إن حال زوجها في الخروج نهاية الأسبوع يشكل عليها ضغطا، فهي المسؤولة عن اصطحاب الأبناء للألعاب وشراء الاحتياجات الأمر الذي يجعلني وأبناءه لانشعر بأننا أسرة من المفترض أن تجتمع نهاية الأسبوع وأصبحت أعتمد في الخروج للفسحة مع أخواتي وصديقاتي. وعن سؤالها ما إذا كان لها دور في هروب زوجها لتجمعات الأصدقاء، تقول ربما تنشغل الزوجة بالأبناء ومتطلباتهم ويوميات المدرسة والمذاكرة ولكن هذا لايعطي الزوج الحق في أن يحملها مسؤولية ذلك، فابتعاد الزوج عن البيت يوجد فراغا بين الطرفين ويكاد يكون الحوار محدودا وما عدا ذلك يراه الزوج ثرثرة لاداعي لها. ومن جهتها، تقول عبير خالد، معاناتي لاتنتهي مع مشكلة خروج زوجي مع أصدقاء العمل، وتضيف المشكلة أن بعض الأصدقاء إذا اعتذر الزوج عن الخروج معهم يعتبرونه سلبيا ويخاف من زوجته، وبالتالي ينتفض من هذه الصفة أمام أصدقائه ويقول أنا لا أخاف من زوجتي. وعن محاولته للحد من خروج الزوج مع الأصدقاء وقضاء الوقت مع الأسرة تقول: حاولت أن أوفر له الجو المناسب ولكن دائما يتعذر بأنني لا أتحدث معه سوى عن الطلبات والمشاكل بيننا مع أهله فيجد أن جو الأسرة خانق. خلافات زوجية ومن جانب آخر، ومن واقع تجربتها تقول عهود أحمد: في بداية سنوات الزواج الأولى كانت مشكلة خروج زوجي مع أصدقائه تتصدر قائمة الخلافات والزوج بطبيعته لايحب إحساس الأمر من الزوجة فلا يمكن التخلي عن أصدقائه وخاصة عند الطلوع للبحر والسباحة وممارسة هواية الصيد، ولكن واجهت الموضوع بالتجاهل وعند مطالباته بعدم الخروج بالرغم من أنني كنت أشعر بالغضب بإهماله لي ولكن بعدما أنجبت طفلي الأول اختلفت طباع وأولويات زوجي فلم يعد يهتم بالخروج وأصبح يخصص وقته لأسرته الصغيرة. «زوجي يخرج مع أصدقائه بحجة أنني في آخر اهتماماته»، هكذا تقول نوال عبدالرحمن حيث يرى أنني مشغولة بالخروج والحديث مع الصديقات وعندما أتناقش معه يقول لا أسمح لك بالتحكم في خروجي مع أصدقائي، وتضيف أن الزوج عندما تطلب منه المرأة بتغيير أسلوب حياته اليومية يعتبر ذلك تحكما لايرتضيه، وعن محاولة تغيير الوضع تجيب حاولت تغيير الوضع فدائما ما أجهز له الحلويات والقهوة لأحاول تعويضه عن الخروج فيستجيب حينا وفي أوقات كثيرة يشعر بالملل. رأي الأمهات وعند استطلاع رأي الأمهات عن الخلافات المتكررة مع الأبناء حول الخروج للتجمعات الشبابية تقول أم هاني: من الصعب السيطرة على بعض الأبناء في سن الشباب فهو يريد إثبات ذاته وأن رأيه مستقل حتى لا يكون بصورة الشاب الصغير الذي تتحكم فيه أسرته وبالتالي يأتي خروجه مع الأصدقاء لكي يثبت أنه حر في تصرفاته ولكن الأسرة الواعية هي من يحرص فيها الأب على مصادقة أصدقاء أبنائه، حتى يتعرف على أخلاقهم ويكون خروجهم على علم منه ولكن من حق الأسرة إذا رأت أن الخروجات تكررت مما يشكل مضيعة للوقت فهي بدورها تمنع الابن حرصا على مصلحته. وتقول أم عبدالله: كان ابني شديد الالتصاق بنا فلا يخرج ويأتي إلا بصحبتنا ربما لأنه الوحيد وكنت فرحة بهذا الوضع ولكن طبيعة تصرفات الشباب تتغير طبعا لبيئة الأصدقاء المحيطين، فعندما أصبح في المرحلة الثانوية لاحظت أن شخصيته تغيرت ويريد الانطلاق ومانعت هذا الوضع في البداية، ولكن وجدت أن التصادمات ازدادت بيننا فكل ممنوع مرغوب ولكن أصبح خروجه بحدود ويتعرف والده على أصدقائه، وبالنسبة لي أتواصل معه بالاتصال إلى أن يعود للبيت. وترى أم ماجد أن خروج أبنائها معروف إما للبحر أو للخروج للعب البلياردو أو كرة القدم ومن المهم تحديد ساعات العودة وعمل عقاب أثناء التأخر حتى لايشعر الأبناء أن الأمور متروكة بحرية ليس لها حدود. الشأن الإجتماعي ولتسليط الضوء على الشأن الاجتماعي حول مسببات خروج وتجمعات الأزواج مع الأصدقاء أوضحت استشارية العلاقات الزوجية والأسرية الدكتورة أريج داغستاني أن هناك العديد من الزوجات اللواتي يتساءلن في مدى مقدرتهن على ملاحقة حياة أزواجهن، إذ تلاحظ بعض الزوجات أنه بعد مرور عدد من السنوات أصبح يهتم أكثر بأصدقائه ويشاركهم مختلف النشاطات التي يقومون بها، فتشعر بغيرة ساحقة في داخلها، لأنها لا تتحمل انشغاله عنها. فهما يشكلان ثنائيا رائعا، وهي لن تسمح لهذه الصداقة أن تحول زوجها إلى مراهق، وتدفع بزواجهما إلى الهاوية، وتضيف الدكتورة أريج أن أسباب هذا الوضع متعددة منها اختيار شريك الحياة بدون اقتناع تام بالطرف الآخر، بدون شعور بالحب ولا القبول للطرف الآخر، وإنما مجرد قبول للأمر الواقع وخيار ليس له بديل وذلك لأن الزواج يكون لأسباب معينة منها على سبيل المثال أسباب تعود للأسرة والزواج من شخص دون الاقتناع به وذلك بسبب العنوسة وهذا الأمر يخص النساء أكثر من الرجال، ويوجد أيضا الزواج من شخص مع عدم الاقتناع به بسبب الحالة الاجتماعية «مطلقة، أرملة» ...تضطر إلى الزواج من أي شخص يعرض عليها الزواج حتى وإن كان غير مناسب لها، إلى جانب الظروف المادية الصعبة لها دور كبير في التأثير على رأي من يرغب في الزواج مثلا امرأة تتزوج شخصا كبيرا في السن أو غير مناسب لها من أي وجه بسبب ظروفها المادية الصعبة ومن الأسباب أيضا اختلاف الشخصية بين الزوجين، قد يكون الزوج اجتماعيا والزوجة انطوائية فيشبع رغبته في الاجتماع من خلال الأصدقاء إضافة لمسببات أخرى، منها عدم تعويد الأهل للزوج على الالتزامات الاجتماعية التي يحقق من خلالها التوازن بين بيئته الأسرية وبيئة الأصدقاء، فينتج عن ذلك اختلال توازن مثلث العلاقات عند الرجل نتيجة شدة التنافر بين المسؤوليات والرغبات، فالحياة الاجتماعية رأس المثلث فيها الزوجة والأولاد وأحد ضلعي المثلث أهل الزوجة وأهل الزوج والضلع الآخر للأصدقاء، فإذا شعر الزوج بالمسؤولية التي تتضمن القيام بشؤون الأسرة وتنظيمها والإشراف عليها ومتابعتها والالتزام بواجباتها، كل هذه الضغوط توجد عنده رغبة شديدة في الانسحاب إلى الملاذ الآمن الخالي من المسؤوليات مجتمع الأصدقاء من يشاركونه الخبرات والتجارب والأفكار، ومن الأسباب أيضا بعض السيدات لا يفقهن في لغة التحاور مع الرجل فتستفزه وتقتحم عزلته، وبعض الرجال يهربون إلى مكان الأصدقاء ليجلسوا مع أنفسهم على انفراد ويحترم الأصدقاء هذه الرغبة لأنهم يدركون أهميتها دون الحكم عليه بتجاهلهم أو الاستخفاف بهم، كما تقوم المرأة أيضا بفرض طريقة تفكيرها على الرجل وتتوقع منه أن يقوم بما ترغب به، مقارنة رغباته وتفكيره برغباتها وتفكيرها فيهرب إلى من يفهمونه ويفكرون مثله دون أن يشعر أنه من كوكب آخر. معالجة السهر وعن معالجة مشكلة السهر مع الأصدقاء تنصح الدكتورة أريج الزوجات بأن يكون هدفهن من الزواج هو تحقيق الاستقرار فلا تجعلي أيا من الأمور تبعدك عن هدفك مما يوجد عندك نوعا من المرونة والصبر في حياتك الزوجية هناك اختلافات بسيطة وأخرى كبيرة بين الناس فالاختلافات البسيطة هي النظرة تجاه الأشياء أما الاختلافات الكبيرة فهي كونها سلبية أو إيجابية، وتضيف ينبغي للمرأة أن تفهم مشاعرها الحقيقية المسببة لرفضها لخروج زوجها مع أصدقائه هل الغضب نتيجة إحساس بالظلم لأنها عوملت معاملة غير عادلة أم الخوف نتيجة شعورها أن هناك خطرا يهدد ذاتها أم الشعور بالذنب لأنها كان يجب أن تقوم بشيء مطلوب فعله ولكنها لم تقم به لسبب غير مبرر كالنسيان أو الإهمال، أو قامت بفعل كان يجب ألا تقوم به، وترتب على كلا الأمرين تقصير في حق الزوج أو إخلال بالمسؤوليات فتشعر أنها السبب الرئيس وراء هروب زوجها إلى الأصدقاء، وأن تفهم المرأة لأسباب ردات الفعل سوف يعطيها القدرة على إدارة وتوجيه هذه الانفعالات بطريقة تسمح بالتكيف مع الموقف وترى أهمية معرفة أي نوع من الأزواج زوجك أثناء الخلاف حتى تختاري الأسلوب الأمثل لمد جسر التواصل معه هل هو من النوع المهاجم الذي يحرص على اتهام الآخرين بألفاظ قوية وتصرفات شديدة، فهذا لابد من بدء الحديث معه بذكر إيجابياته وأثرها على الحياة الزوجية وأن هناك بعض السلبيات المنغصة للسعادة ... أم هو من الأزواج الذين يفضلون الانسحاب عند حدوث مناقشة لأنه سوف ينسحب بقوة للأصدقاء أم من النوع المسالم الذي يهمه سلامة العلاقة مهما كانت النتائج فهذا بمجرد ما توضحين له أثر بعده عن البيت يستجيب فورا. تغيير الأسلوب وتستطرد الدكتورة أريج أن على الزوجة تغيير أسلوب تناول المشكلة، وتنصح باستخدام الاحتواء ونعني به استيعاب المشكلة وحسن التعامل معها والحرص على عدم زيادتها بل والسعي لإيقافها وتجميلها بحيث لا تثير المشكلة إلا إذا وصلت إلى مرحلة الإفراط إلى جانب تعلم الزوجة فن الطلب، فإذا أرادت الزوجة أن تطلب من زوجها عدم الذهاب اليوم إلى أصدقائه فلابد أن يكون طلبها بأسلوب مباشر وموجز، فإذا كان يريد أن يفهم أكثر فسيسأل لماذا؟ حتى عندما يسأل أعطيه سببا واحدا أو أكثر، وإذا كان محتاجا لمعلومات أكثر سيخبرك. وأضافت، الخطوة الثانية هي أن تجعليه يدرك أن بإمكانه أن يقول لا وأن يتلقى في نفس الوقت حبك .. فيكون ردك طيبا لا مشكلة أذهب الله معك .. أو طيب أتمنى لك سهرة ممتعة، استعملي هذا الأسلوب فقط في الحالات التي لا يكون فيها بأس حقا لأن يقول لا. وتابعت، الخطوة الثالثة تعزمين بكل قوتك على أن تحصلي على ما تريدين، وإذا بدأ يوجد الأعذار فاعرفي أنه في طريقه للموافقة ولكنه يقاوم حركة تغيير اتجاه القديم فانتظري ولا تردي قليلا ثم اشرحي له ما الذي تخططين القيام به معه. وفي السياق نفسه توجه الدكتورة أريج لضرورة تعلم أساسيات الحوار الناجح مع الزوج والحرص على مد جسور التواصل معه بالنقاش في أمور الحياة عامة وحياتكما خاصة، وتبادل الآراء والأفكار والمشاعر بصراحة ودونما مواربة، إذ انتهزي من الوقت فراغه كلما سنح، كفترة الغداء أو المساء لتجلسا معا وتتحدثا عن أمور حياتكما اليومية، وما يواجهكما من مشكلات، وما يتعلق بالأبناء وشؤون العائلة، ومن المهم بمكان أن يعطى كل منكما للآخر الفرصة كي يعرب عن أفكاره ومشاعره دون أن يقاطعه الآخر أو ينتقده أو يسخر منه، وإنما الاستماع بهدوء وصدر رحب متجاوبا بمودة واحترام، وعلى الزوجين أيضا أن يعتمدا منهاج الصراحة كأساس للتعامل فيما بينهما متوخين الصدق والوضوح.