عزلت السيول التي اجتاحت تبوك على مدى اليومين الماضيين المنطقة الصناعية وحولتها إلى مستنقعات مائية، كشفت بوضوح عيوب البنى التحتية للمنطقة وانعدام مشاريع تصريف مياه الأمطار فيها واهتراء جميع شوارعها، لافتقادها عمليات الصيانة. وحمل أصحاب المعارض والورش الصناعية أمانة المنطقة، متهمينها بإهمالها وتركها دون صيانة منذ تأسيسها، رغم أنها (الأمانة) ترفع الإيجارات على أصحاب الورش والمعارض بصورة تعسفية ودون إبلاغهم، «وتهددنا بالطرد من موقعنا الذي تكبدنا فيه خسائر تقدر بمئات الآلاف». وأكد ل«عكاظ» عدد من أصحاب الورش في المنطقة الصناعية والتي عزلتها السيول افتقار منطقتهم لشبكات تصريف المياه السطحية، والصيانة غائبة عن المنطقة منذ تأسيسها قبل 20 عاما، رغم كثرة الوعود بإنشائها. وقال رجل الأعمال خلف الفرحان (صاحب معرض سيارات وورش): طالبنا الأمانة مرارا بإنشاء شبكة لتصريف المياه السطحية، منعا لغرق المنطقة الصناعية، وأكدت لنا الأمانة أحقية طلبنا، إلا أننا لم نر شيئا على أرض الواقع، مشيرا إلى أن وضع المنطقة يزداد سوءا يوما بعد يوم. ولفت الفرحان إلى أن الأمانة لم تتردد يوما من رفع الإيجارات على المستأجرين وتجبرنا على ذلك بتهديدنا بالطرد من مواقعنا التي خسرنا عليها مئات الآلاف من الريالات، مطالبا وزارة الشؤون البلدية والقروية بتشكيل لجنة للوقوف على وضع المنطقة الصناعية. من جانبه، يتطرق رجل الأعمال منصور البلوي (صاحب معرض)، إلى اهتراء الشوارع المهترئة والتي حولتها المياه إلى مستنقعات كشفت العيوب والإهمال وستتحول مع مرور الوقت إلى محاضن للضرر بالبيئة ونقل الأمراض عبر تكاثر الحشرات الناقلة للمرض. وقال إن المنطقة الصناعية سقطت من ذاكرة الأمانة، إذ جميع مشاريع البنية التحتية معدومة تماما، وأي مشروع إصلاح سنتحمله نحن أصحاب الورش في المنطقة، مؤكدا أن بعضهم يردم المستنقعات على حسابه الخاص. وأفاد رجل الأعمال جزى العنزي (صاحب ورشة)، أن المنطقة الصناعية بلا خدمات، وأن هطول الأمطار كشف للعيان سوء تخطيط الأمانة وإهمالها المتعمد للمنطقة الصناعية الوحيدة، التي ينبغي أن تكون واجهة حضارية وتساهم في توفير الخدمة اللازمة للمجتمع الاقتصادي في منطقة تبوك. واشتكى العنزي من الشوارع المدمرة التي تصبح مستنقعات مائية في كل مرة يهطل فيها المطر، بالإضافة إلى غياب النظافة، إذ أن المنطقة الخلفية للمعارض باتت أكبر مجمع للنفايات وتهدد حياتنا بالخطر. ويتطرق رجل الأعمال فوزي العرادي (صاحب ورشة) إلى أن غياب الخدمات والصيانة عن المنطقة الصناعية، كبد أصحاب الورش المزيد من الخسائر. وبين أن المعارض الجديدة التي تحاول الأمانة توزيعها على تجار جدد باتت عبارة عن بحيرات مائية، مطالبا بمحاسبة المقصرين. وأقر عمدة معارض منطقة تبوك هليل الخلاف بوجود تقصير الأمانة تجاه المنطقة الصناعية، وافتقارها لمشاريع تصريف مياه الأمطار وكذلك مشاريع الصرف الصحي وشبكات المياه وغياب الصيانة للطرق والكهرباء. وقال ل«عكاظ» إن الأمطار الأخيرة كشفت تقصير الأمانة، وتحولت شوارع المنطقة إلى مستنقعات تفوح منها روائح نتنة. وردا على سؤال حول حقيقة رفع الإيجارات على أصحاب الورش أجاب عمدة المعارض بأن ذلك يتم دون إطلاع أصحاب المحلات عليه، مشيرا إلى أن الهدف الأساسي من بناء المنطقة الصناعية هو خدمي وليس استثماري كما يحدث حاليا. عبد الرحمن الشمراني، محمد الساعد، أحمد العطوي تبوك كثفت أمانة منطقة تبوك أمس أعمالها لنزح المياه من الشوارع التي امتلأت جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت أمس الأول على المنطقة. وأوضح ل«عكاظ» أمين المنطقة المهندس خالد بن محمد الهيج أن الأمانة وزعت نحو 60 آلية على مناطق مختلفة من مدينة تبوك وشفطت ما يزيد عن 300 وايت في أقل من 24 ساعة، بنسبة تجفيف وصلت أكثر من 90 في المائة في بعض المناطق التي تجمعت فيها المياه، ولا يزال العمل جاريا في بقية أنحاء مدينة تبوك. وأكد الهيج أن شبكة التصريف السطحي الحالية تعمل بشكل جيد لكن كمية الأمطار الغزيرة التي هطلت كانت أكبر من قدرتها، ما أدى إلى تجمع المياه في بعض الأماكن، مبينا أن العمل يجري حاليا في الخطوط الرئيسية للتصريف، وستشكل في حال الانتهاء منها نقلة نوعية للتصريف في تبوك. من جهة أخرى، أوضح الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني في منطقة تبوك المقدم ممدوح العنزي أن اللجنة المشكلة من الدفاع المدني والمالية وجهت بإخلاء خمس أسر من منازلها في حي كريم، وأمنت لها السكن البديل والمناسب. عبد الرحمن الشمراني، أحمد العطوي تبوك أعلن ل «عكاظ» مدير الدفاع المدني في منطقة تبوك اللواء سليمان الحويطي عن أن فرق الإنقاذ انتشلت أمس 112 محتجزا من سيول الأودية في محافظة ضباء ومحافظات المنطقة، وخاصة وادي ضحكان في ضباء والوجه. وأكد اللواء الحويطي استقرار الأوضاع، إذ لم تسجل أية حالة احتجاز وانخفض منسوب المياه في الأودية إلى مستوى لم تعد تشكل خطورة، نافيا الأنباء التي ترددت عن وفيات جراء الأمطار والسيول التي شهدتها ضباء ومنطقة تبوك خلال اليومين الماضيين. وأوضح أنه ليس لدى الدفاع المدني ما يخفيه، إذ أعلنا كل عمليات الإنقاذ عبر وسائل الإعلام بكل شفافية ووضوح، مشيرا إلى أن الدفاع المدني مستمر في متابعة الأوضاع، لا سيما وأنه دعم بكوادر بشرية وآليات وطائرة عمودية من الرياض، تحسبا لأية مستجدات. وحذر الدفاع المدني المواطنين والمقيمين من سيول وادي ضبعان داعيا إياهم لعدم الاقتراب من حواف وبطن الوادي. إلى ذلك، كشفت جولة «عكاظ» أمس على حي رحيل جنوبي تبوك عن استمرار إغلاق مدرستين للبنات لليوم الثاني على التوالي، نتيجة حصارها بالمياه التي خلفتها الأمطار في ظل غياب أمانة منطقة تبوك وعدم تحرك آلياتها بنزح المياه التي حاصرت كذلك عددا من المنازل والمحال التجارية. وأوضح ل «عكاظ» أمين منطقة تبوك المهندس خالد الهيج أن موقع مدرستي المتوسطة ال 27 والابتدائية ال 20 يشبه نصف الهلال، يساعد على تجميع المياه في محيطهما، مؤكدا في الوقت ذاته أن آليات الأمانة شرعت في سحب المياه. كما أفاد بأن الأمانة عمدت مقاولا بهذا الخصوص لعمل مسار تصريف للموقع وتحويلها إلى مجريي الوادي. أحمد حبيب ضباء أغلقت الأمطار الغزيرة التي ضربت محافظة الوجه صباح أمس جميع الطرق الرئيسية في المحافظة والمؤدية إلى قراها المجاورة، نتيجة تجمع المياه في حفر كبيرة وتحولها إلى مستنقعات لا يمكن تجاوزها. واستنفرت فرق الدفاع المدني وبلدية الوجه وتوزعت في عدد من المواقع الخطرة مع معداتها الكاملة لإنقاذ المواطنين الذين احتجزتهم المياه. وغرق ثلاثة من جنود القوات البحرية أثناء توجههم بواسطة زورق مطاطي لإنقاذ مواطنين جرفهم السيل في أحد أودية الوجه، ما زاد من تعقيد عملية الإنقاذ، إذ احتاج هؤلاء الجنود إلى من ينقذهم وتعلق أحدهم بسور منزل والثاني والثالث تمسكا بشجرة، ولم تتمكن الزوارق البحرية من إنقاذهم بسبب قوة السيل، ما اضطرت فرق الإنقاذ للاستعانة بالطيران العمودي لمساعدتهم، وتمكنت من إنقاذهم، ونقلهم إلى مستشفى الوجه العام لعلاجهم. وأسقط تدفق السيول القوية لأودية كبرا، المياه، الحمض، والأعرج سور المقبرة القديمة في محافظة الوجه، وجرفت المياه كل ما وقف في طريقها، كما سقطت أعمدة الضغط العالي بسبب شدة الرياح وانقطعت الكهرباء في مناطق كثيرة من الوجه، شلت الحركة فيها. من جانبه، أكد ل«عكاظ» مدير القطاعات والقوات البحرية في محافظة الوجه العقيد سلطان أحمد الغبان أن الأمطار الغزيرة والسيول القوية، تسببت في غرق ثلاثة من جنود الإنقاذ، «واضطررنا للاستعانة بالطيران العمودي لإنقاذهم». بدوره، أكد مدير شرطة الوجه العميد صالح الجهني أن إدارته أرسلت فرقا عدة لمباشرة المواقع المتضررة، وإنقاذ المحتجزين، مؤكدا أنه لم تسجل أي حالة وفاة حتى الآن. فيما أوضح رئيس المجلس البلدي في الوجه قاعود غبان أن المجلس عقد اجتماعا طارئا وبحث فيه موضوع سوء تصريف السيول وكيفية مواجهة الأضرار المحتملة من كوارث السيول.