كان هذا هو عنوان المجموعة الشعرية التي صدرت أخيرا عن مؤسسة الرحاب في بيروت، لصديقنا الكاتب الجميل محمود الباتع، الذي فاجأنا بكونه شاعرا، لا يقل فخامة عن كثير من شعراء قصيدة التفعيلة، والتي يكاد يقضي عليها الشعر المنثور في هذه الأيام، لكنها ما تزال تقاوم، لتمنحنا بين حين وآخر شعراء رائعين أمثال محمود الباتع وعبد الإله زمراوي وغيرهما. المجموعة الشعرية بحق ممتعة ودسمة، وحاشدة بالصور البليغة واتكاءات الوجع الإنساني، سوى ذلك الذي يصدر من قلب العاشق لمعشوقه في قسمي الديوان الأول والأخير، أو ذلك الذي يعانق التراب العربي، ويبكي الحال العربي، ويستنجد بالتاريخ والماضي في استعارات سخية. لقد ذكرتني هذه القصائد بفحولة الشعر أيام كان في كامل فحولته، وأناقته وصوته المجلجل الذي يسمعه حتى الأصم، بأناقة الشعر ورشاقته أيام كان أنيقا ورشيقا، يرقص وترقص على موسيقاه الأنفس والقلوب، وكلنا يعرف ما مر به حال الشعر الآن، وما فعلته به الرواية، حين سرقت ديوانه، ومتكئه الوثير في أذهان القراء وجلست. وأخال لو نزع الشعراء زيهم الحالي، وعادوا إلى زيهم القديم، لربما عادت للشعر بعض هيبته، وزاحم الرواية. ولا شك أن محمود الباتع الذي يصدر مجموعة شعرية في زمن وعكة الشعر، وتجد ذلك الإقبال الكبير من محبي الشعر، في يوم توقيعها بمعرض الدوحة العشرين للكتاب، لجدير بأن يكون أحد الفرسان الذين يمكن أن يحملوا راية الشعر القديمة المجددة، يخوضون بها حرب استعادة المكانة كما أسميها. وقد كان الراحل محمود درويش أحد الذين ظلوا يمسكون بهذه الراية ولم تسقط حتى بعد أن سقط، أيضا يوجد عديدون في شتى أنحاء الوطن العربي، أوفياء للشعر، لم يكتبوه نثرا بلا معنى، ولم يطلقوه سعيا وراء شهوة السرد التي تصنع الرواية. وأنا شخصيا من عشاق الشعر بكل ضروبه، ولا أنكر أن في قصيدة النثر نفسها، شعراء كالماغوط، صنعوا أمجادا كبيرة. المجموعة في مجملها، لا يمكن أن تصنف مجموعة أولى بأي حال من الأحوال، وسأعتبرها بهذا النهج الذي ظهرت به، مجموعة رابعة أو خامسة، سبقتها مجموعات لم تر النور، لكنها مهدت الطريق لهذه المجموعة. تحية لصديقنا الشاعر المجيد محمود الباتع في قصائده الباكية أو الشاكية، ونأمل في كتابة مستمرة.