.. في زمن تسود فيه المصالح.. والمنافع، لا مكان للضعفاء، والخائفين، والقانعين، والمسالمين، والأذلاء. .. لا مكان إطلاقا لأصحاب «الخد الشمال» بعد أن أباحوا «خدهم» اليمين للصفعات. .. هذا الزمن زمن القوة والجبروت والبطش والاعتداءات الآثمة على الدول المستضعفة.. والفقيرة والعاجزة عن حماية شعبها. .. وهو أيضا زمن الوحوش التي تبتلع الأضعف منها.. وتمزقه إربا وتستغل خيراته وتستنزف موارده. .. وفي ظل هذا الوضع الآثم لا مكان لسلام عادل بين شعوب الأرض وبين الأغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء. .. «والساتيجراها» العتيقة التي اعتنقها «غاندي» وآمن بها، وهي تعني «المقاومة السلمية». لم يعد لها مكان في عصرنا الحديث الذي يمتلىء بالشرور والأحقاد والأطماع والاعتداءات المدمرة. .. وكل الذين قاوموا «سلميا» قتلوا.. أو أبيدوا.. أو اعتقلوا، ومنهم الزعيم الأسود «مارتن لوثر كنج» الذي خرج يهتف بصوت مبحوح: «إننا نريد كسب خصومنا لصفنا.. نريد السلام لإخوتنا البيض كما نريده لنا.. ولا نريد هزيمة لأحد.. كلنا لنا قلوب تحن وتحب وتنشد السلام، فلماذا يقتل بعضنا بعضا». وقبل أن يكمل كلماته تلك قتلوه علنا في ساحة عامة تكتظ بالبشر من أعوانه ومناصريه ومساعديه.. وكان بينهم أيضا مناوؤه وأعداؤه ومعارضوه. .. وقبل مارتن لوثر كنج قتلوا «غاندي» العاري الذي لم يحمل سلاحا قط في حياته سوى مغزله وحفنة من الملح في يده.. نثرها في الهواء ليطرد بها شرور المستعمرين والأغبياء. .. كل الداعين إلى السلام والحرية والعدل ذبحوا.. أو سجنوا، أو تم نفيهم من أوطانهم. .. باختصار أود أن أقول: إن الشر المتأصل في نفوس البشر لن ينتهي، وإن دعاة الحروب والقتل والدمار لن يتوقفوا.. وإن شهوة العدوان التي تملكت بعض الدول القوية والغاصبة والمعتدية لن تقف إلا بإملاء شروطها المذلة على شعوب الأرض المستضعفة.. وهكذا فالقوي المنتصر يملي شروط انتصاره وقوته على الضعفاء. .. وإذا كان هذا هو «حال الدول» فهو لا يبعد كثيرا عن حال الأفراد في أي مجتمع.. فالقوي هو السيد وهو الذي يسود، والذي لا يعرف حقه لاحق له.. والأذلاء الجبناء الخائفون يؤكلون ما بين «الصلاتين».. ولا أزيد. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 254 مسافة ثم الرسالة