يمكن لك ألا تكون إنسانا بسهولة، لكنك ستحاسب على هذا حسابا عسيرا يوم القيامة، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى خلقك إنسيا وأراد لك أن تحيا إنسانا، وأعانك على ذلك بالعقل والضمير والجسد والعلم والحرية الكاملة، فأنت لا تعبد سواه ولا تخضع لغيره، ولا تنتمي لغير دينه وشريعته ولا تطلب إلا وجهه، بعد كل هذا العون أبقى لك سبحانه فرصة أن تكافئ، وما دمت ستكافئ فلا بد من رهان ولا بد من كسبه، وليس قبل ذلك ولا معه ولا بعده إلا رحمة الله، والرهان بسيط، لكنه ليس سهلا، وهو أن تكون أيها الإنسان إنسانا، فهل تقدر؟ اسأل نفسك إذا هل أنت حر؟ وهل تتجه بنفسك كل ساعة أو كل يوم إلى حرية أعلى وأكبر؟ هل أنت قادر على خلافة الأرض، تعيد صياغتها فتعمر الصحراء وتكتشف الدواء وتسعى إلى تقريب الحياة، لتكون صورة بشرية متخيلة عن الجنة، هل أنت عادل وصادق ومحب ومتفاعل مع أخيك الإنسان ومع بقية الكائنات؟ هل تصنع؟ هل تزرع وتحصد؟ هل تبتكر؟ هل تتخيل؟ هل يرق قلبك أكثر مما مضى؟ هل أنت متواضع فعلا؟ هل تكسب حلالا وتبذل حلالا؟ هل تعطي لبدنك ما عليك من حق؟ هل تصل الرحم؟ إن كانت كل إجاباتك على هذه الأسئلة نعم فأنت بخير، شرط أن تبحث عن أسئلة أخرى تقربك من إنسانيتك وتجتهد لتكسب رهانها أيضا وإلا فأنت مثلي.