تأثر التصوف بالفلسفة وتعريفات التصوف مأخوذة من الفكر الشعوبي الإيراني المجوسي والغنوصية اليونانية والأفلاطونية الحديثة وإن قدماء اليونان أي الحكماء السبعة مثل سولن الأثيني وطاليس المالطي يعتقدون قبل تهذيب الفلسفة بعقيدة الهنود بأن الأشياء إنما هي شيء واحد وليس للإنسان فضل على الجماد إلا بسبب القرب للعلة الأولية في الرتبة والوجود الحقيقي هو العلة الأولى نفسها لغناها بذاتها وما سواها محتاج في الوجود إلى الغير فوجودها في حكم الخيال والحق هو الواحد الأول فقط وهو قول السوفية وسوف الحكمة وبها سمي الفيلسوف بيلا سوبا أي محب الحكمة. وتظهر عقيدة الحلول والاتحاد الحقيقية والشعورية عند الفارابي فيطلق عبارات أنه والله تعالى صارا شيئا واحدا هو الله تعالى حيث فني عن ذاته وبقي بذاته تعالى كشعور المحب العاشق مع محبوبه ومعشوقه. ولذلك يقوم التصوف على الغموض والاختصاص وليس كل يصلح للتصوف إلا بالرياضة وهذا كلام ابن سينا إن الرسول مصقول القلب بالرياضات البدنية فوصل قلبه بالصقل لنيل الفيض عن الفلك العاشر والخفاء لا ينكشف إلا لصاحب الذوق والسكر ولهذا الفيلسوف نبي الخاصة والرسول فيلسوف العامة لذلك رأى بعض العلماء أن التصوف الإسلامي هو إيجاد الفلسفة اليونانية. يقول الرازي في المطالب العالية إن فلاسفة اليونان كانوا يستمدون الفيوض من القبور وأهلها إذا اعترتهم مشكلة من المشكلات وكان الفلاسفة من تلاميذ أرسطو إذا دهمتهم نازلة ذهبوا إلى قبره للحصول على المدد والفيض ومن ثم استجاز ابن سينا الاستغاثة بالأموات لأن النفس الفلكية هي المؤثر في حوادث العالم فإن الإنسان إذا أحب صالحا ميتا فزار قبره فإنه يحصل لروحه اتصال بروح ذلك الميت فيما يفيض على الروح المفارقة من العقل الفعال أو النفس الفلكية يفيض على هذه الروح الزائرة المستشفعة من غير أن يعلم الله بشيء من ذلك بل وقد لا تعلم الروح المستشفع بها بذلك ومثلوا ذلك بالشمس إذا قابلتها مرآة فهكذا الشفاعة عندهم وعلى هذا الوجه ينتفع الزائر عندهم بالقبور وهذا فعل الصوفية وزعم أن الفيلسوف يعلم الغيب في اليقظة كالنوم لأن العلم بالحوادث منتقش في العقل الفعال أو النفس الفلكية فإذا اتصلت النفس الناطقة بذلك علمت الغيب و الموجب ضعف تعلقها بالبدن والضعف لجنون أو مرض أوللجوع أو لرياضة لأن النفس كما أثرت في بدن نفسها بالتحريك تؤثر في عنصر العالم ويكون كالبدن لها فتؤثر بالزلزلة وإنزال المطر وغيره وهذا هو علم الأولياء للغيب. والقشيري في رسالته أول من عرَّف التوحيد بالمعنى الصوفي وأول من وضع تعريفات للوجد والسماع وأول من استعمل الرمز في التعبير عن حاله وتأثر بالإسماعيلية الباطنية وإخوان الصفا، وذو النون أول من وقف على الثقافة اليونانية والأفلاطونية الجديدة وبخاصة ثيولوجيا أرسطو في الإلهيات متأثراً بالغنوصية. فنقل هؤلاء مقالة الفلاسفة في بدء الخلق وأن أول شيء بدأ في الخلق هو الهباء الذرات وأول موجود هو العقل الأول العقل الفعال وعنه نشأ العالم العلوي السماوات والكواكب ثم العالم السفلي هذه الفلسفة القديمة جاء ابن عربي ونقلها للفكر الصوفي فغير العقل الفعال للحقيقة المحمدية فأول الخلق كان هباء وأن أول موجود الحقيقة المحمدية هي أول الموجودات وأول عين تشكلت من الذرات الحقيقة المحمدية فهي التي استوت على العرش.