قد سبق لنا بيان أثر الفلسفة على التصوف، وأنها أحد منابعه لأن الفلسفة عدوة الخرافة وصديقة الخرافة فهي تزعم الاعتماد على المنطق العقلي حتى ألف أرسطو المنطق وكان هو وأسلافه يستغيثون بالقبور والبسطامي خرجت من الحق إلى الحق حتى صاح فيّ: يا من أنت أنا وقال(سبحاني ما أعظم شأني)، وكان ابن تيمية يشكك في نسبتها إليه فله أقوال بألسنة هؤلاء نقلوا وحدة الوجود الأفلاطونية فهي الحقيقة الصوفية وسرُّ الأسرار وأوَّل موجود وجد هو العقل الأول الفعال وعنه نشأ العالم العلوي والسفلي. وعربي استبدل العقل الفعال بالحقيقة المحمدية ووحدة الوجود والحلول والإشراق والفيض هي عندهم. قال السهروردي: وأما أنوار السلوك في هذه الأزمنة القريبة فخميرة الفيثاغورثيين وقعت إلى أخي أخميم- ذي النون المصري- ومنه نزلت إلى سيار ستري وشيعته، أي سهل التستري، والمصطلحات اليونانية المترجمة كالفلسفة، الموسيقا، الموسيقار السفسطة، الهيولي. لذلك رأى كثيرون التصوف إيجاد الفلسفة اليونانية. ويمتزج التصوف والتشيع في وحدة المنبع كما عند القشيري قد تأثر بعقائد الإسماعيلية الباطنية وإخوان الصفا بسبب صِلاته القوية بهم، فزامنهم نشاطهم في الدعوة إلى مذاهبهم له أقوال في علم الباطن، والعلم اللدني، والاتحاد، وإرجاع أصل الخلق إلى النور المحمدي، وكان لعلمه باللغة القبطية أثره على حل النقوش والرموز المرسومة على الآثار القبطية في قريته مكنه من تعلم فنون التنجيم والسحر والطلاسم الذي اشتغل بهم والرسول من حيث الحقيقة الروحية قديم أزلي عندهم وكذلك علي والأئمة سواء الثلاثة عشر أو الاثني عشر أو السبعة، جزء من ذات القدس، وهو حي لا يفنى ولا يموت، لكنه من حيث التشخيص الجسماني حادث يمكن أن يضم الترب أعظمه وكذلك علي ملكوت رباني وجسم إنساني، هذا الكلام تلفيق من اليونانية وفق نظرية الفيض النوراني، وبين الخرافات الهندوكية التي تقول بتناسخ الأرواح. فالرسول أول موجود وأول مخلوق وهو القطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود من أوله إلى آخره.) وهو الذي منه انشقت الأسرار ولا شيء إلا وهو به منوط وهو عين الإيمان والسبب في وجود كل إنسان قال الدباغ إنَّ مجمع نوره لو وضع على العرش لذاب وقال المرسي جميع الأنبياء خلقوا من الرحمة ونبينا هو عين الرحمة والقطب هو المتحكم في حركة الأفلاك وهو الذي يدير ما دق وجل وهذه حقيقة الألوهية، وهي نظرية العقل الفعال المستمدة من الفلسفة اليونانية. وعناصر إخوان الصفا من المذاهب الأغريقية والنصرانية والفارسية والمانوي والزاردشتية وفيلون اليهودي وفلسفة الرواقيين. وقد سجل الكليني في الكافي أوصافاً للأئمة الاثني عشر ترفعهم إلى منازل معبودات اليونان في العصر الوثني كما عنون باب أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل وأن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيارهم وأن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنهم لا يخفى عليهم شيء وأن الأئمة عندهم جميع الكتب يعرفونها على اختلاف ألسنتها وأنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة وأنهم يعلمون علمه كله وما عند الأئمة من آيات الأنبياء وأن الأئمة إذا ظهر أمرهم حكم بحكم داود وأنه ليس شيء من الحق في أيدي الناس إلا ما خرج من عند الأئمة وأن كل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل وأن الأرض كلها للإمام.