غابت البنوك كعادتها عن مأساة جدة، لم يعايش المواطن في تلك الأحياء بادرة ما، وكما قال بعضهم ليتها أسرعت وسجلت موقفا بإصلاح المكائن بدلا من ترك أجهزة الصراف الآلي معطلة، بل إن بعضها ما زال حتى اللحظة بلا نفس. مشقة كبيرة تكبدها الناس وهم يركضون من كيلو 14 في جدة مثلا إلى كيلو 7 للبحث عن جهاز يعمل. ومعاناة وسط الطرق المبتلة واجهها سكان جنوبجدة وهم يتنقلون من موقع لآخر، خصوصا في الأيام الأولى ولغاية الآن للبحث عن آلة تعمل. البنوك بلا مبادرة مازن فواز الرويثي قال: في كيلو 14 يوجد ما يقارب سبع آلات صراف تعطلت مع السيل، توقعنا أن تبادر البنوك بإصلاحها، لكن بقيت معطلة، أضطررنا للاستعانة بجهاز وحيد في كيلو 7، ولك أن تتخيل أن الصرافات لا تخدم كيلو 14 فقط وإنما كذلك أحياء الفاو، العليا، الحذيفات، الحرازات، أم السلم، كيلو 14، والمحاميد، كل سكان هذه الأحياء يعتمدون على أجهزة الصراف الموجودة في الحي. ويضيف الرويثي لكي تسحب مبلغا معينا عليك أن تبدأ رحلة البحث أولا عن آلة صراف صالحة، ثم تفكر في الازدحام الذي سوف تواجه، لقد تقاعست البنوك حتى عن مساعدة الناس بهذه الخطوة والتي لم تقدر أحوالنا، وما نطلبه أن تقوم هذه البنوك بواجبها. يتدخل عوض مسعد الصالحي قائلا: بعض المكائن مازالت معطلة حتى الآن ويمكن مشاهدتها في المنطقة عموما، فهل قمت بجولة ولاحظتها؟ سعيد مصطفى المولد يحكي معاناته: مع استلام رواتب ذي الحجة كنت بحاجة للنقود، وكغيري مررت على أجهزة صراف في كيلو 14، ثم توجهت إلى كيلو 10 ووصلت لكيلو 7، وفي تلك الفترة كان الطريق مليئا بالمياه، ما تسبب في عطل سيارتي عند العودة، حيث تحتاج إلى توضيب بقيمة ثلاثة آلاف ريال. يشاطره عبد الله سالم سرور بقوله: منذ يومين بدأت بعض البنوك بإصلاح صرافاتها في المنطقة، لكن ماذا ينفع الآن، كنا بحاجة تلك الصرافات في ذلك التوقيت الصعب، والذي سبب لنا مشقة، فأنا أقطع المسافة من الحرازات إلى الرحاب من أجل أن أسحب مبلغا من المال، وكلما مررت في طريقي أجد آلات الصراف إما معطلة وإما لا نقود فيها، وأذكر أنني اضطررت لسحب كامل المرتب لأتحاشى عملية البحث عن آله صراف، فماذا كانت النتيجة؟ يضيف سرور خلال عودتي ووقوفي أمام أحد المطاعم لشراء وجبة يبدو أنني أسقطت المحفظة وما بها من نقود، لقد فقدت المرتب في لحظة بسيطة والسبب معضلتنا مع ماكينات الصراف. لا يبتعد عبد الله البقمي حينما يقول: تعودنا في كيلو 14 أن نجد أجهزة الصراف أيام الرواتب خالية من النقود أو تعطلها، بل إن بعضها تسحب بطاقة الصراف وتتركنا في دوامة وإحراج، فبعد ثلاثة أيام من السيل جئت لآلة الصراف وكنت في ظرف لا يعلمه إلا الله وأردت سحب نقود من حسابي ففوجئت بآلة الصراف تسحب البطاقة وهذا سبب لي إحراجا ودفعني للاقتراض من أصدقاء ريثما أحل الإشكال. علي الشمراني مر بموقف أشد حيث قال: تعطلت سيارتي فجأة بسبب البطارية، فطلبت من شخص نقلي إلى أقرب آلة صراف وكانت في أول الطريق المؤدي للحرازات من كيلو 14 عندما وضعت البطاقة التهمتها الآلة، بت في موقف حرج أولا مع أجرة صاحب السيارة الذي قرر مساعدتي وثانيا مبلغ شراء البطارية، خصوصا أن سيارتي تقف في منتصف الطريق. ويضيف الشمراني الذي كان ينقلني بسيارته لا أعرفه كان شهما وتنازل عن حقه، بل أوصلني لشراء بطارية من جيبه الخاصة، ثم أعدت حقه لاحقا، والمصيبة أن تلك الآلة تسحب بطاقة الصراف ليس بسبب انتهاء صلاحيتها، وإنما بسبب خلل فيها. أعطالها مع الرواتب ويقول محمد حسن العمري: أكثر من شهر مضى على السيل ومازالت هذه الآلات لا تعمل، فأعطال الصراف في هذه المنطقة ليست حديثه، وإنما نعتبرها مألوفة. ويؤكد فهد الزهراني: أجهزة الصراف هنا لا تعمل إلا أياما، ثم تتوقف وتصبح صائدة لبطاقات الصراف، بل إن هناك آلة صراف تسحب المبلغ من حسابك ثم لا تخرجه، كل هذا يحدث ولا يوجد من يحاول متابعتها دوريا، فإذا تعطلت آله فالأمر يحتاج لأسابيع ليأتي البنك ويصلحها. أما أحمد عطية الزهراني فيقول وهو يوشك في التعامل مع آلة صراف: هذه الآلة الرابعة التي أتمنى ألا تخذلني، فبادره محمد الزهراني قائلا: لا، سوف تخذلك فلا يوجد بها نقود وعليك التوجه إلى كيلو 10 يمكنك أن تلحق آلة الصراف هناك ولعلها تعمل، فأنا قادم من هناك ولكني فقدت شاحنة الماء، فقد اتفقت مع سائقها على السير خلفي للبيت، في الطريق تذكرت أنني لا أحمل المبلغ، فطلبت منه الانتظار ريثما أسحب النقود، لكن حينما عدت كان صاحب الوايت قد غادر ولا ألومه، فلو كنت مكانه لما انتظرت صراف يسرق مروان عبد الستار المحنبي يسرد مأساته في تسديد المستوصف قائلا: تعرضت الوالدة لوعكة وحتم الأمر عليّ بضرورة نقلها للمستوصف الخاص، وكنت أعلم أن المبلغ الذي بحوزتي لا يغطي تكاليف الكشف أو حتى العلاج، لكن كنت أتعشم بأن هناك الشبكة الخاصة بالدفع تعمل لدى المستوصف، لكنني فوجئت أنها لا تعمل وهذا يعني اعتذار المستوصف عن إجراء أي فحوصات ما لم أدفع النقود، فتركت الوالدة في الاستقبال ووصلت لغاية بحرة حيث وجدت آلة صراف هناك وضعت بطاقتي بها وأردت سحب مبلغ خمسمائة ريال، لكن غطاء الآلة الذي يخرج النقود تعلق ولم يفتح، وفوجئت بأن المبلغ سحب من حسابي، المشكلة أن آلة الصراف لا تتبع البنك الذي به حسابي ولأنني في عجلة من أمري فقد أسرعت وبحثت عن أخرى لم تكن بعيدة وسحبت خمسمائة على أساس الانتظار لريثما انتهي من علاج الوالدة ثم أذهب للبنك للاستفسار عن الخمسمائة التي علقت في الصراف الأول. ويضيف المحنبي بالرغم من المراجعات، إلا أن المبلغ لم يعد في حسابي، ويبدو أنني فقدته لأنني أعلم أن لا طائل من المراجعات، خصوصا أن البنك يؤكد أنه خطأ مني؛ لأنني قررت السحب من صراف لا تتبعه، وكأن الظرف يسمح لي بالبحث عن صراف آخر.