برأ عصام عبدالله الخميس عضو لجنة تطوير المنتخبات السعودية، ساحة الرياضة المدرسية من الإخفاقات التي صاحبت الرياضة السعودية أخيرا، كونها ليست المعني الوحيد بما وصلت إليه رياضتنا، كاشفا خلال حواره مع «عكاظ»، عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انهيار المنتخبات وغيابها عن المحافل الدولية ودور الأندية في ذلك، إلى جانب استعراض الخطط التي تقوم بها لجنة التطوير لإعادة توهج الكرة السعودية، كما تطرق لمشاريع المنشآت والبنية التحتية للأندية، وتفعيل دور الجهات المعنية بالرياضة عموما، ، فإلى نص الحوار: • كيف ترى فريق عمل لجنة التطوير التي تعد أحد أعضائها؟ في البداية يكمن الهدف من عمل اللجنة إلى معالجة السلبيات ودراستها لتجاوزها، إلى جانب تعزيز الإيجابيات، والقيادة الرياضية برئاسة الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل، تحرص على تذليل كافة العوائق التي من شأنها إعاقة مسيرة الحركة الرياضية، كما أن اللجنة المشكلة روعي فيها تنوع الخبرات والتخصصات، حيث تم الاستعانة بخبراء عالميين إلى جانب الكوادر الوطنية الممثلة في رؤساء وأعضاء الاتحادات ورعاية الشباب، وعدد من الأكاديميين في الجامعات والقطاعات الحكومية ومدربين وطنيين، وهذا يدل على الرؤية البعيدة للقيادة، وإن شاء الله ستتوصل اللجنة لنتائج تسهم في إعادة توهج الكرة السعودية مجددا. توسيع القاعدة • ما هي أبرز الخطط التطويرية؟ ستكون الخطط على مراحل، حيث سيتم التركيز في المرحلة الأولى على رسم الخطوط العريضة للإشكالات التي تواجه الرياضة عامة، وكرة القدم بشكل خاص، ومن ثم وضع الحلول الكفيلة بتجاوزها بعد دراسة المعطيات السابقة وبعض البيانات والإحصائيات، إلى جانب الأفكار والمقترحات من أصحاب الخبرات الرياضية، والمرحلة الثانية تتضمن تنفيذ ومتابعة ومراجعة الخطة المعتمدة من خلال التواصل مع شرائح الوسط الرياضي من رؤساء أندية ومدربين، ومنسوبي الوسط الإعلامي الرياضي المتخصصين، ولاعبين ذوي خبرة وقادة المنتخبات السعودية السابقين، بالإضافة للاعبين الذين شاركوا في التصفيات الأخيرة للتعرف عن قرب على الصعوبات التي واجهتهم، ومن أهم واجبات اللجنة تفعيل الشراكة بين وزارة التربية والتعليم والرئاسة العامة لرعاية الشباب، وتوسيع المشاركة وقاعدة النشاطات الرياضية وفق أسس علمية صحيحة، بحيث تمنح فرصة اكتشاف المواهب ورعايتها بطريقة أفضل لتكون داعمة قوية للمنتخبات السنية في الناشئين. ضرورة ملحة • هل الاتحادات الرياضية بحاجة للجان مماثلة لرفع مستواها؟ هي بالفعل بحاجة ذلك والاستعانة بخبراء متخصصين في الاتحادات الرياضية لرفع من مستوى الألعاب في المحافل العالمية والقارية، خاصة وأن لدينا سجلا حافلا بالإنجازات العالمية، ولدينا من الكوادر والإمكانيات التي تؤهلنا للمحافظة على المكتسبات التي تحققت ومضاعفتها. عوامل مجتمعة • من وجهة نظرك ما هي أبرز العوائق التي تسببت في غياب المنتخب عن كأس العالم؟ حتى نكون منصفين كان هناك حضور قوي للكرة السعودية في السنوات السابقة منذ عام 84 م، بالحصول على كأس آسيا 3 مرات ، وتأهل منتخبنا لكأس العالم أربع مرات متتالية، وكنا قريبا من التأهل للمرة الخامسة لولا الظروف التي صاحبت المنتخب خلال التصفيات، إلى جانب بعض العوامل كتعدد المدربين الذين تولوا المهام الفنية، وعدم الاستعداد الكافي والجيد الذي يتناسب مع مستوى الحدث كما كان في الملحق أمام البحرين حيث كان التحضير عاديا جدا تخلله معسكر قصير افتقد للوديات أمام منتخبات عريقة تزيد خبرة اللاعب وحساسيته للمواجهات المهمة، ويستطيع المدرب عبرها معرفة نواحي الخلل والقصور ليتم معالجته في المباريات الرسمية، كما أن ضعف تطبيق الاحتراف في أنديتنا ساهم في الحد من تطوير المواهب، وكل هذه الأمور مجتمعة وأخرى لم يتم ذكرها، ساهمت بشكل مباشر في الإخفاق. سلسة مترابطة • ولكن الملاحظ أن جميع المنتخبات السنية فشلت خلال السنوات السابقة في إلى كاس العالم؟ هي سلسلة مترابطة، ولا يجب أن نفصل المنتخب الأول عن قطاع الشباب والناشئين الذي يعتبر الداعم الأول، وفشل المراحل السنية للمنتخبات يعود لافتقادنا مسابقة رسمية تحت «14 و 12 سنة»، وكانت هناك جهود سابقة بين وزارة التربية والتعليم والاتحاد السعودي لكرة القدم، ومبادرة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد عندما أقيم دوري تحت سن «14سنة» لمدة عامين متتاليين، وكان من نتائجها ظهور العديد من المواهب الذين أصبحوا من أعمدة منتخب الناشئين والشباب, والعام الماضي أقامت وزارة التربية والتعليم الدوري على نفقتها من ميزانيتها الخاصة، وكان الأمل أن تستمر كونها من أهم المسابقات التي يجب أن يتم الاعتناء بها، واتحاد كرة القدم أعلن عن إقامة دوري تحت سن «14سنة» بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ابتداء من العام المقبل، وهذه أولى خطوات التصحيح، وللأسف الشديد أن معظم إدارات الأندية اهتمامها ضعيف جدا بالفئات السنية، وتركيز مجالس إدارات الأندية ينصب على الفريق الأول، وعدم اختيار مدربين أصحاب كفأه جيدة وإمكانيات تدريبية متخصصة في صقل المواهب، حيث نرى أن من يتولى تدريب الفئات السنية مدربون يفتقدون لأبجديات الكرة وبرواتب منخفضة، في الوقت التي هي بحاجة فيه إلى مدربين متميزين ومتخصصين، لأنها الأساس في إتقان اللاعب لمهارات كرة القدم, ومنتخب الشباب والناشئين ما هو إلا نتاج ما تقوم به الأندية تجاهها، بالإضافة إلى أن مسابقات دوري الناشئين والشباب لا ترقى إلى المستوى المطلوب وتفتقد للمتابعة الجماهيرية والإعلامية التي تضمن الارتقاء بمستوى المسابقات، وعمرها في نفس الوقت قصير جدا، حيث لا يتجاوز موسمهم ثلاثة أشهر ثم يتوقف موسم كامل، مما يعني خوض مباريات محدودة جدا، وبالتالي عدم الاستفادة منهم، كما أن البحث يقتصر على المواهب في الدوري الممتاز، وهنا يكمن دور وزارة التربية والتعليم في تفريخ المواهب. محدودية الفائدة • كيف تقيم دور الأكاديميات التدريبية والمدارس الكروية في المملكة؟ لا يوجد لدينا في المملكة أكاديميات بالمعنى الصحيح باستثناء أكاديمية النادي الأهلي التي تعتبر تجربة رائدة وفريدة، ونتمنى أن نملك مثلها في القريب العاجل، خاصة وأننا تأخرنا كثيرا في أنشاء أكاديميات متخصصة لصقل المواهب منذ وقت مبكر، على أن تدعم ماديا وفنيا من الرئاسة العامة لرعاية الشباب حتى تستطيع أن تقوم بواجباتها على الوجه الأكمل. • هل المنشآت والمدن الرياضية كافية لممارسة الأنشطة؟ هذا الأمر يعتبر من أهم القضايا الملحة ومن صميم عمل لجنة التطوير، لدينا حاليا أزمة في الملاعب بالرغم من امتلاكنا ل153 ناديا على مستوى المملكة، المفترض أن يكون لكل ناد مقر نموذجي، بعكس ما هو حاصل الآن، حيث أن عدد المقرات الخاصة بالأندية محدود ب50 مقرا، وهذا بلا شك لا يقارن بعدد السكان والمساحة الشاسعة للمملكة، مثلا مدينة الرياض لا يوجد بها سوى أربعة أندية، وهو عدد محدود قياسا بعدد السكان الذي يتجاوز خمسة ملايين، والمفترض وجود عشرة أندية على الأقل، وكذا الحال يسري على مدينة جدة المكتفية بثلاثة أندية فقط الأهلي والاتحاد والربيع، وكذلك المنطقة الشرقية ممثلة في الاتفاق والقادسية والنهضة، وهذا يعتبر عددا قليلا في مناطق رئيسيه تتميز بالكثافة السكانية، مما يحد من استيعاب عدد كبير من الشباب، والرقم الحالي لعدد الأندية منذ "30" عاما لم يتغير, ويجب زيادة عدد الأندية في جميع مدن المملكة لاستيعاب الشباب الذين يمثلون الشريحة الأكبر من المجتمع، ويجب أن يكون هناك مقر نموذجي لكل نادي في المملكة، وهذا يعتبر من أسس تطوير مستوى الرياضة السعودية، كونها تعتبر المحطة الأولى والمدرسة التي تنطلق منها المواهب، ونأمل في المرحلة المقبلة وضع خطط طموحة تتضافر فيها الجهود بين وزارة التربية والتعليم والرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة المالية، وتكون كفيلة بإنشاء مقرات لجميع الأندية السعودية خلال الخمس سنوات، وهناك طلبات عديدة لدى الرئاسة العامة لرعاية الشباب لإنشاء عدد كبير من الأندية في مختلف مناطق المملكة. خطة مستقبلية • وماذا عن المجمعات الرياضية التعليمية، هل عددها يغطى الأنشطة والبطولات المدرسية؟ خطتنا المقبلة استكمال المجمعات بحيث يكون لكل إدارة تعليمية مجمع رياضي متكامل، عوضا عن العدد الحالي المحصور في 13 مجمعا، وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، ستكون البنية الأساسية قوية في الملاعب والمجمعات الرياضية، وستسهم بمشيئة الله في تطور الرياضة السعودية. أساس التطوير • هل هناك خطط لتطوير الرياضة المدرسية تواكب ما تقوم به اللجنة؟ أساس التطوير في جميع دول العالم المتقدمة وليس فقط في السعودية يبدأ من المدرسة التي تعتبر رافدا هاما ورئيسيا لتطوير الرياضة بشكل عام وللحركة الرياضية، وهناك خطوات سابقة في التعاون بين وزارة التربية والتعليم والرئاسة العامة لرعاية الشباب، إلا أنها لم تصل لمستوى الآمال والطموحات، وسيتم بإذن الله تعالى، تفعيل هذا الجانب بخطوات عملية وتطويرية للنهوض بالرياضة المدرسية من خلال الاهتمام بالقاعدة، التي تستوجب علينا الاهتمام بها ورعايتها من سن مبكرة، بخلاف ما هو حاصل الآن، حيث أن معظم الناشئين في الأندية ينتظمون بدءا من تحت «16 سنة»، وأقل من هذا السن يدخل في نطاق الاجتهادات الشخصية، والطموحات والأمنيات أن يكون هناك دوري تحت «12و 14 سنة»، على أن يسند لوزارة التربية تنظيم دوري بالتعاون مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب. تعاون قائم • هل من آلية جديدة تضمن مشاركة الطلاب في الدورات المدرسية على أن لا يتعارض ذلك مع ارتباطاتهم مع الأندية والمنتخب، كما كان سابقا؟ التعاون والتنسيق قائمان بين الرئاسة العامة ووزارة التربية، وفي المستقبل سيكون هناك تنسيق بشكل أكثر فعالية للبطولات المحلية والخارجية سواء للأندية أو المنتخبات، لضمان عدم تعارض المشاركات للاعبين، وفي الحقيقة الأمر يدعو للتفاؤل خاصة وأن من يقف على رأس الهرم في وزارة التربية والتعليم شخصية بحجم ومكانة الأمير فيصل بن عبد الله الذي عرف بأنه رجل رياضي ومتمكن، وسبق أن ترأس الاتحاد السعودي للفروسية ولديه خلفية رياضية جيدة ويعتبر داعما للرياضية المدرسية والأنشطة بشكل عام، وسيكون معينا لتبني هذا التوجه لتفعيل دور الشراكة بين الجهات المسئولة عن تطوير الرياضة. مراكز إضافية • كيف ترى ضرورة إنشاء وزارة التربية لمراكز رياضية متطورة في عدد من مناطق المملكة؟ بلا شك الضرورة هنا حتمية، وزارة التربية والتعليم تملك 22 مركزا موزعة على مختلف المناطق خاصة فيما يهتم بالناشئين، حيث توجد خمسة مراكز لألعاب القوى وستة مراكز للسباحة، ومركزين للفروسية، ومثلهما في كرة السلة وكرة القدم، وكذلك في كرة اليد والطائرة وألعاب المضرب والجمباز، ونتمنى أن يكون في كل منطقة تعليمية مركز مستقل بذاته، وهذا ما وعدنا به الأمير فيصل بن عبد الله إلى جانب تخصيص ميزانية تفي باحتياجاتها، وبدورها لتكون رافدا أساسيا في العناية بالمواهب منذ وقت مبكر، وصقلها لتكون دعما للمنتخبات الوطنية. • النقاد أرجعوا الإخفاقات لضعف دور الرياضة المدرسية؟ الرياضة المدرسية للأسف لا تذكر إلا عند الإخفاقات، ويجعلها بعض النقاد الشماعة لتعليق الأخطاء, وعندما تتحقق الإنجازات تغيب تماما عن دورها، للآسف الإعلام الرياضي يغيب الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم التي تقوم بعمل جبار في تفعيل الدورات الرياضية المدرسية، والدليل على ذلك رفع عدد الدورات خاصة في مكةالمكرمة التي احتضنت 6 دورات، وستكون المقبلة السابعة خلال الفصل الدراسي الثاني، بالإضافة إلى أن هناك ثمان ألعاب رسمية مدرجة في البطولة وأربعة العاب أخرى لطلاب التربية الخاصة، والدورة انطلقت منذ عام 1419 ه ويشارك فيها عدد كبير من الطلاب في مختلف مناطق المملكة، حيث تشارك 15 منطقة تعليمية فيها، وتعتبر دورة منتظمة ومتسلسلة وتحظى باهتمام ومتابعة من قبل المسئولين في وزارة التربية والتعليم ومبرمجة إلى عام 1441 ه بإذن الله، وتقام كل عامين، وأجزم أن كثيرا من الإعلاميين لا يعرفون عن هذه الدورات المدرسية التي تفتقد إلى إبرازها، وهذا يعكس الفجوة بين الإعلام الرياضي ووزارة التربية والتعليم، أيضا يوجد 30 ناديا مسائيا فضلا عن البطولات المركزية السنوية في الألعاب الجماعية والفردية، والمشاريع التطويرية منها التعاون القائم مع اتحاد السلة لتنفيذ المشروع المدرسي للعبة، ومشروع تنمية المواهب الرياضية في ألعاب القوى، والمشاركات الخارجية على المستوى العربي والخليجي والدولي واتي تحقق من خلالها الكثير من الإنجازات لرياضة المدرسية التي لا يتسع ذكره، وللأسف الإعلام الرياضي لم ينظر لكثير من الإنجازات التي تحققت، وكانت نظرة غير منطقية ومنصفة، وهي نتيجة طبيعية لعد الإلمام بمجهودات وإنجازات الرياضة المدرسية، ويجب علينا الإدراك أن وزارة التربية والتعليم معنية بتخصصها البعيد عن النشاطات الرياضية، وليست الرياضة هي الرسالة الوحيدة التي تؤديها، وإنما هي جزء من اهتماماتها، ولكن رسالتها الأولى هي التربية والتعليم ولديها الكثير من الاهتمامات منها المناهج والمعلمين والطلاب والمباني المدرسية، وأحب أن أؤكد أن الإعلام حمل الرياضية المدرسية ما لا تحتمل، ونتمنى فتح قنوات التواصل والتعاون بين الرئاسة العامة مع وزارة التربية والإعلام ليكونوا شركاء في النجاح. نظرة شمولية • المنتخبات المدرسية تستعين بلاعبي الأندية في المشاركات الخارجية، وهناك من يطالب بأن يكونوا طلابها هم من يمثلونها؟ أصبحت هجرة معاكسة بدلا من استعانة الأندية بطلاب المدارس أصبحت المنتخبات المدرسية تسعين بلاعبي الأندية، المفروض أن تكون العملية متبادلة وينظر لها بنظرة شمولية، لاعبو الأندية مشاركتهم محدودة كون بطولاتهم لا تتجاوز الثلاثة أشهر خاصة لاعبي الدرجة الثانية وفي دوري المناطق، وعندما تتاح له فرصة المشاركة في البطولات الخاصة بالتعليم، فإن ذلك يعتبر فرصة لتطوير مستواه وتعويض فترة التوقف في ناديه، وليس من المعقول أن يحرم اللاعب من من المشاركة في البطولات المدرسية لأنه ينتمي إلى ناد معين، فقطاعا التعليم والرئاسة مكملان لبعضهما، وكل ذلك ينصب في مصلحة الرياضة السعودية. •كلمة أخيرة؟ نشكركم على هذه الاستضافة ونتمنى أن نوفق وإياكم لما فيه الصالح العام.