أكدت صاحبة السمو الملكي الأميرة فهدة بنت سعود بن عبدالعزيز رئيسة الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية في جدة، وعضوة اللجنة التنفيذية للجنة تنسيق الأعمال الاجتماعية للأعمال الخيرية للأحياء المتضررة من السيول، الحاجة الملحة لاستحداث إدارة متخصصة في وزارة الشؤون الاجتماعية تعنى بإدارة الأزمات والحالات الطارئة عند وقوع الزلازل، كما وقع في العيص وفي جدة أخيرا حتى لا تتحول إدارة الأزمات إلى حقل تجارب، كما حدث في جدة. وطالبت الأميرة فهدة في حوارها مع «عكاظ» بمقاضاة أمانة جدة والتعويض عن الأموال التي صرفت بعد الكارثة. وكشفت رئيسة الجمعية الفيصيلية الخيرية في جدة أن معظم التبرعات العينية كانت من الأهالي «كنت أتمنى أن أرى رصد الملايين من تجار جدة لمساعدة المنكوبين». ورأت الأميرة فهدة أن إدارة الأزمة من قبل الغرفة التجارية والصناعية في جدة «فشلت بسبب عدم التخصص وتحتاج إلى وقفة جادة لتنسيق العمل من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية»، وإلى التفاصيل. ? كيف كان سيناريو بداية العمل الإغاثي في أزمة السيول؟ ألغينا الإجازات منذ اليوم الأول بعد أن اطلعنا على حجم الكارثة، فقد توقعنا أن الضرر بسيط، لكن الكارثة كانت كبيرة، وتبينت لنا الحاجة الملحة لاستنفار الجهود، وكانت البداية عندما علمت الجمعية بالمصادفة الساعة 12 ليلا عن عزم وزارة الشؤون الاجتماعية القيام بالعمل الميداني لإغاثة المنكوبين، وحضرنا الاجتماع واتفقنا على أن يكون العمل تحت مظلة الوزارة، ولكن تم تغيير مسمى اللجنة في اليوم التالي، وهذا التغيير جعل قيادة الأزمة للغرفة التجارية بدلا من وزارة الشؤون الاجتماعية ولا نعلم حتى الآن سبب اتخاذ هذا القرار. ? هل تقصدين أن الغرفة التجارية هي من أدارت الأزمة؟ نعم، اتضح لنا من خلال الاجتماعات أن الغرفة لا تملك أدنى خبرة لإدارة الأزمة. فمثلا، محاضر الاجتماعات والقرارات التي اتخذت لا تصل للجمعية، أسماء أعضاء اللجنة لا تصلنا، أول اجتماع كان بمثابة فوضى، كل اجتماع تتغير قراراته ونقاطه تماما، يهتمون فقط بإرسال محضر للمحافظة لا يتضمن الواقع أو ما قيل في الاجتماع وهذا تضليل للمسؤولين في المحافظة. مثلا، في ثاني اجتماع حضرته الجمعية في الغرفة التجارية تم الاتفاق في إطار توزيع الأحياء وحدد كيلو 14 الشمالي بالجمعية الفيصلية، ولكننا فوجئنا بأن إحدى الجمعيات ذهبت للمناطق المتضررة، ما بعثر جهودنا وأضاع الخدمات المقدمة لأهالي المنطقة وجعلها غير متوازنة، محاضر الاجتماعات تصلنا بعد خمسة أيام من الاجتماع وبعد طلبها، وللأسف تلك الاجتماعات تدار بفوضى وعشوائية حيث لا يوجد جدول أعمال ولا قرارات تنفذ، آخر اجتماع كان الأسبوع الماضي، لم يحضر سوى رئيس اللجنة، وتبين أن بقية المشاركين لم يبلغوا بالاجتماع. ? وهل تم فعلا إيقاف الأنشطة التطوعية؟ رئيس اللجنة هو من اقترح إيقاف استقبال الأعمال التطوعية في موقع الغرفة في شارع حراء ونقل المواد إلى مقار الجمعيات اعتبارا من يوم الأربعاء الماضي، وهذا مقترح ربما يتم التراجع عنه. أعتقد أن السبب يعود لعجز الغرفة التجارية عن الاستمرار في إدارة العملية، فالجمعيات الخيرية هي المتمرسة في هذا العمل والأقدر على إدارة مثل هذه الأزمات، والسؤال: لماذا قرروا التوقف؟.. بالطبع لأن ليس لديهم القدرة على الاستمرار، الغرفة التجارية كان المفترض منها في هذه الأزمة فقط توفير الدعم المادي والعيني وجلب التجار وليس إدارة الأزمة. قد يكون للغرفة التجارية القدرة على تنظيم مؤتمرات دولية ومناسبات كبرى واستضافة شخصيات بارزة وزعماء دول لكنهم لا يستطيعون إدارة أزمة سيول وتوزيع المساعدات وتقديم الخدمة الاجتماعية للأهالي. نحن لا نبخسهم دورهم في توفير موقع لتجمع المتطوعين في شارع حراء، لكننا نعتقد أن الوضع إلى الآن متأزم، فلا يعقل إدارة الحدث من منازلهم أو من مكاتبهم المكيفة في حين أن مسؤولات الجمعيات يجبن شوارع الأحياء المنكوبة ويواجهن واقع الأسر المنكوبة. ? وكيف كان تجاوب رجال الأعمال في مساعدة المتضررين؟ رجال الأعمال في هذه الأزمة يمكن تقسيمهم إلى ثلاث فئات، الفئة الأولى سارعت وبادرت إلى التحرك وتقديم ما لديها من إمكانيات مادية وآلية وبشرية وقدموا تبرعات متعددة. والفئة الثانية من التجار ذهبت إلى المناطق المنكوبة بفلاشات المصورين ولم يقدموا ما يوازي حجم الكارثة، وبعضهم لم ينزل من سيارته واكتفى بالابتسام للكاميرات وبعث صوره للصحف، والفئة الثالثة صم بكم عمي.. غابوا تماما عن المشهد، وهم قلة. ? وماذا عن تبرعات الأهالي؟ التبرعات من الأهالي تدفقت بشكل جيد، وهو ما يدل على تأصل الخير فيهم كذلك من التجار المتوسطين، لكن المشكلة تكمن في تباين وجهات النظر حول استقبال وتوزيع هذه التبرعات وسوء إدارة الأزمة. ? إذن المشكلة في إدارة الأزمة؟ نعم، الجهود التي بذلت كبيرة ومخلصة، أنا أطالب وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين باستحداث هيئة أو لجنة في الوزارة تحت مسمى إدارة الأزمات والكوارث تباشر مهماتها الخدمية بإشراك الجمعيات الخيرية والخبراء والمختصين في أي موقع في المملكة يتعرض لأية أزمة، كما وقع في العيص أو في المناطق الحدودية أو في جدة، بحيث تضم هذه اللجنة خبراء ومختصين يتم تدريبهم باستمرار، وذلك بهدف تنسيق الجهود والاستفادة من الخبرات المتراكمة للجمعيات الخيرية. ? ما حجم التبرعات المقدمة للمتضررين؟ التبرعات التي قدمت للمنكوبين مبالغ كبيرة، لا تحضرني الآن، لكن من المفترض أن نطالب أمانة جدة بأن تتحمل جميع هذه المبالغ، كونها المسؤولة عن الضرر الذي لحق بهؤلاء الأهالي الذين ذهبوا ضحية الإهمال والمشاريع التي لم تنفذ على مدى 30 عاما، دعني أصارحك أن مسؤولات الجمعية الفيصلية هن من يقمن بتوجيه عربات رش الأمانة والعاملين في الميدان في ظل غياب المشرفين الميدانيين، والجمعية اتصلت مرارا بالأمانة وبلدية أم السلم لطلب تحريك معداتهما لإزالة مخلفات أضرار كبيرة من المنطقة، وكانت الردود تصل بعد 24 ساعة من الاتصال، وفي إحدى المرات طلبت مديرة الجمعية من عربات رش المبيدات الدخول إلى مناطق وأحياء منكوبة في كيلو 14 لم تدخلها من قبل، خاصة بعد أن استفحلت الأوضاع وانتشر البعوض والذباب، وبدأ أطفال الحي يشكون الإسهال وارتفاع درجات الحرارة، كل هذه الأضرار الصحية والبيئية نجمت عن الأمطار والسيول ولا بد من معالجتها. و قد استأجرت الجمعية الفيصلية قاعة أفراح في كيلو 14 ليكون مقرا إداريا وتنظيميا لها في قلب الحدث، واستضفنا في القصر جميع الإدارات العاملة في خدمة الأهالي من الصحة، الهلال الأحمر، الدفاع المدني... إلخ. وطلبنا ممن يرغب من الأهالي في أية معونة أو كشف طبي أو علاج الحضور إلينا، مع الإبقاء على خمس فرق ميدانية تجوب الحي وتقوم بتسجيل بيانات أهالي المنطقة في استمارات بحث خاصة؛ لتصبح لدينا قاعدة معلومات متكاملة، وهذا هو أساس العمل الإغاثي وليس إدارة الأزمة من المكاتب، وسنقدم هذه البيانات لمحافظ جدة الذي يتابع الحدث يوميا معنا، وكلف مندوبا دائما من المحافظة لتسهيل كل أعمالنا وطلب الجهات الرسمية للمساعدة. ? كيف تواصلتم مع فرق التطوع؟ دعني أولا أثني على جهود الشابات والشبان ممن تطوعوا في إغاثة إخوانهم، ومنهم فريق (تكاتف) المكون من 500 فرد، كما أن بعض رجال الأعمال ممن قدموا بعيدا عن الأضواء يستحقون الشكر والتقدير والإشادة، وكنا وما زلنا ننتظر من غرفة جدة الاهتمام بهذا الجانب، كونها الأقدر على الوصول إلى رجال الأعمال والتفرغ لذلك وترك إدارة شؤون الأزمة للجمعيات الخيرية الأكفأ والأكثر خبرة منهم، وهنا أود التحفظ على الخطوة التي قام بها رئيس اللجنة التنفيذية لتنسيق العمل الاجتماعي بوضعه حساب تبرعات موحدا يصب في حساب جمعية البر، وهذا خطأ فادح تم تداركه لاحقا. ? ما الذي أوصلكم إلى هذا التأزم؟ عدم أو سوء التنسيق بين الجهات المشاركة، لا أكثر ولا أقل. ففي أية أزمة يبادر جميع أفراد المجتمع بالعمل لكن لا بد من وجود القيادة، والقيادة هنا كانت عشوائية لعدم وجود الخبرات الكافية لدى من قام بقيادة الأزمة، وعدم الاعتراف بالخطأ بل والأهم أن مسؤولية التخطيط الاستراتيجي الذي كان يجب أن تقوم به اللجنة لم يكن واضحا لديهم، التفاعل الذي حصل في جدة وفي أنحاء المملكة للمساعدة كان ممتازا لكنه لم يستثمر للأسف، فالشباب المتطوعون يجب استثمارهم وتدريبهم ليكونوا نواة لأي عمل تطوعي في المستقبل، في الحقيقة نحن سعداء بالذين بذلوا جهودا تفوق جهود بعض الجهات المعنية. ? هل لديكم شح في المعونات حاليا؟ لدينا شح فى المعونات الخاصة بمستلزمات المنزل وشح في القوى العاملة. ? ما دور الجمعية الفيصلية في مساعدة متضرري السيول؟ الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية في جدة أخذت على عاتقها مسؤولية إغاثة متضرري السيول في عدد من الأحياء، منها حي كيلو 14 الشمالي منذ بداية الأزمة وما زالت مستمرة حتى اليوم، وتعد هذه المنطقة من أكثر المناطق تضررا جراء السيول ومياه الصرف الصحي التي اجتاحت المنازل وخلفت العديد من الأضرار في الأرواح والممتلكات، وقامت الجمعية الفيصلية بوضع خطة للمساعدة، وشكلت لجنة لمساعدة متضرري السيول المكونة من عدة فرق عمل تعمل على توفير الاحتياجات الأساسية للأسر المتضررة وتأمين إعادتهم لمنازلهم ووضع حد لمعاناتهم، من خلال عدم الاعتماد على الإعانة الإغاثية فقط، بل تقديم خدمة متكاملة تقي أهالي المنطقة من أية كوارث إلى حين إزالة هذه الأضرار الناجمة عن السيول. ? هل شكلتم فرق عمل لذلك؟ نعم، وهذه الفرق هي فريق المسح الميداني الذي يقوم بعملية حصر أعداد المتضررين (الأسر والأفراد) بالإضافة لعدد المنازل وفقا لطبيعتها وتقدير حجم الأضرار الناجمة. وفريق النظافة والصيانة الذي يتولى مسؤولية رفع الدمار وسحب وشفط المياه من المنازل والشوارع، بالإضافة لقيامه بالتأكد من سلامة مياه الشرب من التلوث، حيث أن ذلك سيقلل بمشيئة الله من انتشار الأمراض الوبائية أو الالتهابات الجلدية، وذلك من خلال عمليات التطهير بالإضافة لعمليات الرش الداخلية للخزانات لمنع انتشار القوراض، ولكن تواجه الجمعية صعوبة في ارتفاع منسوب المياه الجوفية وظهورها في الشوارع وداخل خزانات المياه؛ لذا سيتم الرفع فيما يخص الشوارع الى أمانة جدة، أما الخزانات فبعد تعقيمها سيتم وضع فلاتر مياه توصل الخزان بمضخة ماء لتنقيته للسكان. وفريق التموين الذي يقوم بتوفير المواد الغذائية الأساسية وتصنيفها ومن ثم توزيعها بعد التأكد من تاريخ صلاحيتها، إضافة إلى باقي الفرق (فريق الكسوة، وفريق المستلزمات المنزلية) اللذين يعملان على توفير كافة الاحتياجات الأساسية للأسر المتضررة والتي تشمل المستلزمات المنزلية، الأثاث، الكسوة، وغيرها. وقد بدأت هذه الفرق وما زالت حتى الآن مستمرة في عملها. ? ربما لأن الغرفة التجارية لديها إمكانيات أكثر أو خبرات أكبر؟ الغرفة كقدرات مادية ممتازة، ولكن إدارة الكوارث تحتاج لعقلية اجتماعية وإنسانية وإدارية متخصصة في وضع الخطط الإغاثية، تستطيع حصر حجم الكارثة وتضع تحليلا تنظيميا للهيكل الإداري الذي يدير الأزمة، وتعمل على تقسيم العمل على أساس التخصص لا على أساس الأحياء، وهذا لا يتوافر لدى الغرفة التجارية، كذلك فإن التنسيق بين الجمعيات لا أعتقد أنه يدخل ضمن اختصاصاتها. ? وهل فعلا وصلت مواد منتهية الصلاحية؟ هذا صحيح، وقد وصلنا حليب ب (السوس)، ووجدنا معلبات منتهية أو أوشكت على الانتهاء، فقمنا باستحداث لجنة في الجمعية لفرز كل المواد ومراقبة الصلاحية، وللأسف أن تلك التبرعات كانت من بعض التجار. ولكننا رفضنا هذه التبرعات، ولم نقم بتوزيع أي مواد غذائية إلا بعد التأكد منها ومن تاريخ صلاحيتها. ? هل ترون الحل في إنهاء الشراكة مع الغرفة؟ لا، الغرفة التجارية جزاها الله خيرا أعطتنا المكان، وحاولوا مساعدتنا، لكن الغرفة طلبت إيقاف العمل التطوعي، ربما هم بحاجة للموقع، فهذه الغرف اسمها غرفة تجارية، ونحن اسمنا جمعية خيرية، وكل جهة لها دورها.