في ظل الأحداث المؤلمة التي خلفتها كارثة السيول بمحافظة جدة، كان للندوة العالمية للشباب الإسلامي، جهودها الواضحة حيث لم تدخر وسعاً في تقديم ما يمكن تحصيله من العمل الخيري والإغاثي لمساعدة منكوبي السيول، حيث ظهرت جهود الفرق الشبابية التطوعية التابعة للندوة التي انطلقت للميدان تحصي الأسر وتقدم الغذاء والمعونات، كما بدى الاستنفار الفوري والرائع لجميع قطاعات الندوة بقسميها الرجالي والنسائي، حيث يتواصل العمل فيها بدون توقف من الثامنة صباحاً حتى الثانية عشر ليلاً. وحول دور الندوة وجهودها وتفاعلها مع الأزمة كان لنا هذا الحوار مع الدكتور محمد بن عمر بادحدح الأمين العام المساعد للندوة العالمية للشباب الإسلامي بمنطقة مكةالمكرمة الذي يظهر لنا حجم ما قدمته الندوة من جهود منذ بدء الكارثة. * بدايةً كيف استجابت الندوة لتداعيات الأزمة وماهي خطة عملكم؟ ** كانت الندوة في طليعة من نادى بتنسيق العمل الإجتماعي تجاه أزمة السيول، وكانت موجودة في أول لقاء تنسيقي رعته الغرفة التجارية وشاركت فيه جمعيات خيرية أخرى. ونحن خرجنا من اجتماعاتنا بالغرفة التجارية بمبادرة مكتوبة أخطرت بها المحافظة، و قام وفدٌ بزيارة سمو الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة، ليقف على التصور ومن ثم حظيت بالموافقة والتأييد، كما توج ذلك برعاية مكتب وزارة الشؤون الإجتماعية بمنطقة مكةالمكرمة، والذي شكل مجلساً تنسيقياً من كل الجمعيات، التي رغبت في المشاركة لمساعدة متضرري السيول وما زالت الإجتماعات التنسيقية تتوالى بصفة يومية. *نشاطكم يمتد في مختلف دول العالم فهل تم تجميد أو إيقاف ذلك النشاط والتفرغ لكارثة السيول؟ **كرد فعل أولي ولحين زوال الأضرار التي سببتها الأزمة أوقفت الندوة نشاطها العالمي، وأبلغنا مكاتبنا في الخارج بإيقاف الإتصال، وأطلعناهم بحجم المأساة وضخامة الأحداث، لأنه تم تفريغ كل العاملين في مكتب الندوة بجدة بقسميه الرجالي والنسائي، للتعامل مع هذه الكارثة الإنسانية في مدينتنا الحبيبة. * في ظل الأزمة التي ألمت بجدة، هل تعاونت معكم مكاتب الندوة الأخرى في المملكة؟ ** تم رفع تقرير بالحالة وتوابعها للأمانة العامة في الرياض، وتضمن كثرة الإتصالات التي تأتينا من جمعيات أخرى تطلب العمل والمساهمة ومد يد المساعدة في جهود الإغاثة وبالذات في فرق المتطوعين من الشباب، وعليه قامت الندوة بالتعميم على جميع مكاتبها، باستقبال التبرعات العينية والتنسيق عبر مكتب جدة ومن خلال لجنة التنسيق المشترك. * أحدثت كارثة السيول أضراراً بالغة في الأرواح والعقارات والسيارات والطرق والمحلات فما هي المجالات الإغاثية التي تحركت فيها اللجنة المشتركة بينكم وبين الجمعيات الأخرى؟ **في البداية كانت الرؤية غير واضحة للمجلس التنسيقي بين الجمعيات وذلك لعدم وضوح كثير من المعلومات، المتعلقة بالكارثة وأبعادها، وابتدأت اللجنة أعمالها بخمسة محاور منها: محور الرصد، وهو المحور الميداني ومحور الإغاثة، ثم المحور الصحي ومحور الإيواء، ومحور الرصد، ولكن بعد التنسيق والشراكة مع مندوبين من الدفاع المدني، ومن أمانة جدة تبينت صور وملامح المجالات التي يمكن لقطاع المجتمع المدني أن يشارك فيها، وتمثل عمل الندوة في (3) محاور. *ماهي هذه المحاور الثلاثة؟ ** شكلت الندوة العالمية للشباب الإسلامي بجدة، فريقاً خاصاً للتعامل مع كارثة السيول بجدة، يتناول العمل فيه على ثلاثة محاور: 1- محور الإيواء ويرأسه الدكتور سالم بن مرزوق الحربي -نائب المشرف العام للشؤون التنفيذية- ويقوم بالاتصال والمسح للوحدات السكنية المتوفرة في مدينة جدة ( سواءً تبرعا أو بمقابل) ومن خلال معالجة استمارات البحث الميداني التي ترد على محور الرصد والبحث الميداني وكذلك عن طريق الإتصال بعمد الأحياء المتضررة والمتطوعين في الميدان ووضع الأولويات للأسر الأكثر حاجة تمهيداً لإسكانهم 2- محور الرصد والإغاثة : ويرأسه الأستاذ خالد بن صالح حباني -نائب المشرف العالم للبرامج الداخلية- ويقوم فيه موظفو الندوة والفرق الشبابية التطوعية بجولات ميدانية في المناطق المتضررة والتعرف على أحوالهم في أماكن سكناهم وتعبئة النموذج المخصص للبحث الميداني ومن ثم تقديم الإغاثة المباشرة من المعونات والمواد المتوفرة لديهم . 3-محور التوثيق: ويرأسه الأستاذ محمد بن سالمين باقلاقل- مدير المكاتب الخارجية ويتولى جمع البيانات الواردة من الميدان وتقارير الأداء من المحاور الأخرى بكل أشكالها المكتوبة والمرئية والمسموعة ، ومن ثم يقوم بأرشفتها بطريقة سهلة يمكن الوصول إليها عند الحاجة ، وإصدار تقرير يومي عن أداء كافة المحاور. ولتكثيف العمل وتفعيل الأداء اتخذت الهيئة التنفيذية في اجتماعها الطارئ يوم الثلاثاء 14/12/1430ه قراراً لإعطاء أولوية مطلقة لهذه الخطة وتأخير كل ما سواها على مستوى مكتب جدة بشقيه الرجالي والنسائي، على أن يكون العمل مستمراً في المكتب من الساعة (8ص-12.30ليلاً) بدون توقف. * هل هناك مبلغ مالي رصده مجلس التنسيق في بداية العمل؟ ** في المبادرة الأولى تم الإتفاق بين الجمعيات الأساسية بتخصيص مبلغ (5) مليون ريال كنواة لبدء التحرك في العمل واستقطاب مزيداً من المساهمات والتبرعات العينية. * كيف كان الإقبال على التبرعات العينية؟ ** كان الإقبال عليها كبيراً جداً، مما اضطرنا لاستئجار مستودعات ذات مساحة كبيرة من بعض الشركات التجارية لاستيعاب التبرعات ودار العمل بها على مدار الساعة ، وتوفرت فيها كميات مختلفة ولم تتعرض في أي لحظة لنفاذ المواد الموجودة بها، بفعل أهل الخير جزاهم الله خيراً * ماذا عن السلال الغذائية؟ وهل وزعتم مبالغ نقدية ؟ ** وزعنا على مدار الثلاثة أيام الأولى للعمل (2400) سلة غذائية متنوعة ومتكاملة وفيها أنواع مختلفة من المواد الغذائية كشيء عاجل للفرق التي تنزل الميدان لتقصي حالة المتضررين، ومازال توزيعها مستمراً ويتواصل في الأيام المقبلة، كما وزعت (مبالغ مالية) في اليوم الأول والثاني ل (200) أسرة، لتمكين كل أسرة من إدارة البيت شؤونها لمدة يوم أو أكثر. * تحدثت عن تفريغ منسوبي الندوة بجدة بقسميها الرجالي والنسائي، للعمل الإغاثي، نريد إلقاء الضوء على آلية الإعداد لذلك؟ **يعمل مكتب الندوة بجدة على مدار أربع عقود، ويعتمد في برامجه وتنفيذ نشاطه على أهالي تلك المدينة الطيبة وأهلها الكرام، وحينما حلت الأزمة كان لابد من توقف كل شيء والإلتفات إلى لهذه المدينة التي قدمت الكثير من ألوان الخير، حيث تفرغ كل العاملين لهذه الجهود، وتحولت الندوة لخلية نحل، واستمر العمل من الثامنة صباحاً وحتى الثانية عشر ليلاً بصورة متتابعة، حيث تعاقب الموظفون على إدارة الأعمال وتلقي الإتصالات والزائرين والمتبرعين وتوزعوا على محاور الإغاثة الثلاثة التي عملت فيها الندوة بالإتفاق مع مجلس التنسيق بالغرفة التجارية. * هل قدمت لكم مساعدات من جهات أخرى؟ ** قدمت لنا شركة عبد اللطيف جميل مساهمة طيبة في جانب الخدمات ودعم حركة النقل من خلال شاحنات لنقل البضائع وسيارات دفع رباعي تستطيع أن تدخل إلى الأماكن المتضررة ، وقدموا العشرات منها لكل الجمعيات العاملة وجاء نصيب الندوة فيها (5) شاحنات و(5) سيارات. * حدثنا عن آلية التوزيع لأن بعض المتضررين يتحدث عن منح الإغاثات للمقيمين والإهتمام بهم أكثر من المواطنين والعكس؟ ** الكارثة نزلت بالجميع والكل تضرر وكل من أصيب يستحق المساعدة وتقدم له مباشرة بدون السؤال عن جنسه وهويته. * كيف تثمن دور مؤسسات المجتمع المدني في التعامل مع كارثة السيول؟ ** كان التفاعل معها كبيراً بحجم الكارثة، فالكل شارك رجالاً ونساءً شباباً وشابات، وفي ذاكرتي الخاصة أنه لأول مرة يكون هذا التفاعل والتعاون على مستوى مؤسسات القطاع المدني والحكومي لاسيما على صعيد مؤسسات العمل التطوعي، كما أتوقع أن يكون لها فعلها في تحريك ملف العمل التطوعي والمبادرات الإجتماعية والإسهام في خدمة المجتمع، كما أنها قفزت بالوعي في هذا الجانب قفزة كبيرة، ربما كنا سنحتاج لسنوات كي نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم من هذا المستوى الإيجابي، حيث قاد التوثيق في أول يوم (6) جهات واليوم ازداد العدد إلى (18) جهة خيرية في اجتماعات يومية لا تنقطع بدعم وزارة الشؤون الإجتماعية والغرفة التجارية. * كان للفرق الشبابية التطوعية بالندوة دورها الكبير في أعمال الإغاثة حدثنا عن هذا الدور وكيف تم توجيه الشباب لذلك؟ ** مشروع الندوة للفرق الشبابية نهض نهضة كبيرة في هذه الأزمة ، لأن الشباب في ظل هذه الأزمة، لأول مرة يشعرون بأنهم يقدمون شيئاً، وأن وطنهم يحتاجهم، والميدان الإغاثي يناديهم، فيقدمون كما يقدم الآخرون بل ربما يقدموا مالم يقدمه الآخرون، لامتلاكهم الحيوية والحماس والطاقة الفاعلة. * نستشف من ذلك أنهم تحملوا عن الندوة دوراً كبيرا في أعمال الإغاثة؟ ** نعم لقد حملوا عبئاً كبيراً ربما لا يستطيعه غيرهم في الحركة والتحميل والنزول للميدان والتشمير عن سواعد الجد والخوض في المياه والمستنقعات للوصول إلى المناطق المتضررة. * على ذلك هل يدفعكم ما رأيتموه من جهودهم أن تدعموا مشروعهم أكثر وأكثر؟ ** جملة القول أن الأزمة أثرت التجربة إثراءً كبيراً وأثبتت لنا ولهم أنه لابد من الإستمرار في هذا المشروع وتنميته وتطويره حتى يكون في مصاف ما نراه في الدول المتقدمة. * في ظل هذه الأحداث أترى أنها قد توجه بتفعيل ثقافة العمل التطوعي؟ ** الأزمة فتحت كثيراً من الملفات المغلقة ووسعت دائرة العمل والحركة في هذا المجال حتى أن وزارة الشؤون الإجتماعية تحدثت عن المسيرة التطوعية بأنها مظلة ممتدة بامتداد الجمعيات الخيرية. * ما هي المناطق التي تركزون عليها في نشاطكم الإغاثي؟ ** تعاون مجلس التنسيق من خلال الخرائط مع هيئة المساحة والجيولوجيا التي قدمت خرائط جيدة لمحافظة جدة والمناطق المتضررة وكذلك أمانة جدة عبر المجلس البلدي تم تقسيمها إلى قطاعات وأجزاء، وبدأت الجمعيات الخيرية توزيع العمل على هذه المناطق. * هل من شيء تود إضافته؟ ** أود الإشارة إلى الجهود الكبيرة في هذا الإطار لسمو الأمير - مشعل بن ماجد- وتجاوبه السريع مع كل الإتصالات والطلبات التي تقدمت بها الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني من أول يوم بدأت فيه المبادرة برعاية الغرفة التجارية التي ساهمت بفعالية في إنجاح المبادرة الإغاثية التي شاركت فيها أكثر من (18) جهة.