أثار تنازل المواطنة فاطمة عسكر النزال عن قاتل والدها، الذي سجن أكثر من 20عاما ، ورفضها مبلغ 100مليون ريال دهشة وإعجاب الكثيرين من المواطنين والمسؤولين، كما نال شكر وامتنان المعفي عنه وأسرته وأقاربه، حيث أكدت أن هذا التنازل جاء ابتغاء وجه الله، وطلبا للدعاء لها ولوالدها ولاسرتها بالأجر والمثوبة، كما جاء تقديرا لوساطات وجهود عدد من الاشخاص الكبار والمسؤولين. وكانت المحكمة العامة في تبوك شهدت يوم أمس الأول أمام رئيس المحاكم المكلف الشيخ سعود بن سليمان اليوسف تنازل أصحاب الدم عن المواطن عبدالله هلهول الصقر الذي قام بقتل المواطن عسكر بن سعود النزال قبل أكثر من عشرين عاما، حيث أقرت ابنة المجني عليه فاطمة (21) عاماً التي رافقت أحد أعمامها يوم الأربعاء الماضي من أجل التصديق على حكم القصاص بحق قاتل والدها والذي صدر بحقه صك شرعي يقضي بحكم القصاص بحقه إلا أن فاطمة عند مثولها أمام رئيس المحاكم الشيخ اليوسف كانت تضمر في نفسها التنازل براً بوالدها الذي ودعته ورحل عنها وهي في الشهر الثامن من عمرها. أوضحت فاطمة، التي تدرس في جامعة تبوك، أكثر من مرة أن تنازلها كان طمعاً في أن يتغمد الله سبحانه وتعالى والدها بواسع رحمته، وأكدت أنها كانت تنوي التنازل قبل أكثر من عام وأنها رأت أن الوقت مناسب الآن للعفو ليكون متزامناً مع عودة سمو ولي العهد إلى أرض الوطن سليماً معافى، معتبرة هذه العودة عوضاً من الله عن مصابها. كما أن والدتها زوجة المجني عليه قد صدَّقت تنازلها أيضاً. وأشارت فاطمة في حديثها أن الذي غرس روح التسامح فيها هي وشقيقها سعود هو جدها جديع بن محمد الجديع والد امها، وقالت: أنا لم أرَ والدي المتوفى ولكن جدي هو من رباني انا وشقيقي، وهو الذي غرس فينا التسامح وجعل الخير مبدأنا، لذا ادعو الله ان يرزقنا الاجر جميعا سواء والدي او جدي أو والدتي وشقيقي سعود المقيم في الجوف، والذي اكد اللحاق بها وامها للتنازل. ومن جهته أوضح رئيس محاكم منطقة تبوك الشيخ سعود بن سليمان اليوسف أنه استدعى الفتاة برفقة أحد أعمامها في محاولة أخيرة منه للتنازل عن الجاني أو إتمام إجراءات القصاص إلا أنه فوجئ بأن الفتاة على قدر كافٍ من الوعي حيث استوعبت ما ذكرت به من فضل عظيم يعود على والدها فيما لو أقرت بالتنازل. وأكد الشيخ اليوسف أن التنازل خالصاً لوجه الله وطمعاً في الأجر من الله سبحانه من قبل الفتاة ووالدتها، وأضاف الشيخ أن أمير منطقة تبوك كان متابعاً بصفة يومية لهذه القضية وقضايا أخرى ودائماً ما يوجهنا بالسعي وإصلاح ذات البين وعندما أبلغنا سموه بهذا التنازل كان في غاية السعادة والغبطة بهذا الموقف النبيل الذي جسدته هذه الفتاة في المجتمع. أما المعفي عنه عبدالله هلهول الصقر فأعرب عن امتنانه الشديد لهذا الموقف النبيل، وقال أن كلمات الشكر تقف عاجزة امام هذا الموقف والذي ادعو فيه الله ان يرزقهم الاجر عليه والذي أعادني الى أبنائي والى أسرتي بعد عمر طويل قارب الواحد وعشرين عاما. ومن جانبه قدم العميد منصور المطلق مدير سجون منطقة تبوك تهنئته الى المواطن الصقر على العفو الذي حصل عليه، مشيرا الى ان الصقر يعتبر من خيرة السجناء الذين مروا على السجن تعاملا وخلقا، وهو معروف منذ أن كنت ضابطا حديثا في سجن تبوك، ولكن ادعو الله ان يرزق ذوي المقتول الأجر والمثوبة على هذا العفو الذي يبتغون منه وجه الله.