إذا أردت أن تجرب صوتك، فاستغث واستنجد بمن تشاء من أجل حماية تراثك الإنساني، واصرخ إلى آخر مدى يمكن لصوتك أن يصل إليه، فلن تجد مجيبا. وكثير من الكتاب تشقق سقف حلقه وهو يستغيث ويندب إزالة أو طمس معالمنا الأثرية من غير أن تجد استغاثته أي تجاوب، وإن وجدت استجابة فستجد أولئك (الجهلة) الذين يتهمونك بإحياء الزمن الوثني. ومع هذا الرد لن توسع استغاثتك لأن من يسمعك سيخشى على نفسه الدخول في تهمة إحياء الوثنية. إلا أن هذه التهمة الجاهزة لم تمنع الأصوات المستنيرة من مواصلة استغاثتها، فها هو الدكتور عاصم حمدان يكتب مقالا في صحيفة المدينة يستغيث لحماية جبل سلع مما يحدث له من تشويه وطمس في وضح النهار. وجبل سلع من أكثر جبال المدينةالمنورة حفظا للآثار النبوية. وفي ظل غياب القرار حتى وإن وجد كما سنذكر لاحقا بمنع أي طمس أو إزالة لأي أثر فقد غيبت يد (الجهل) كثيرا من الآثار الإسلامية وتحديدا في مكةوالمدينةالمنورة وفي طيبة الطيبة غيبت كثير من الآثار الإسلامية (فمن دورها الأثرية التي أتت عليها عوادي الزمن دارا كلثوم بن الهدم وسعد بن خيثمة في قباء، والداران كان ينزل فيهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم). ومما يؤسف له أن أمانة المدينة بدلا من أن تحافظ على موقع هاتين الدارين أقامت مكانهما أو بالقرب منهما سوقا تجارية أثارت سخط الناس وغضبهم ونقمتهم. وكان آخر الدور الأثرية المهمة ذهابا؛ دار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وهو من بني النجار خؤولة جد النبي صلى الله عليه وسلم، ووالده. وفي العقد الأخير من الزمن هدم مسجد واقعة بني قريظة، كما هدم البعض من المساجد السبعة وأقيم في موضع أحدها ماكينة للصرف الآلي، وفي ذلك امتهان لهذه الآثار العظيمة. ومن أهم المواقع الأثرية التي أزيلت سقيفة بني ساعدة وكانت تقع قرب بئر بضاعة وهو القول المرجح عند أهل السيرة والتاريخ، وفي هذه السقيفة جرى انتخاب سيدنا أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) خليفة للمسلمين، وتعتبر تاريخيا أول برلمان أو مجلس شورى في الإسلام.وبقيت آطام المدينة (وهي القلاع المحصنة) أثرا بعد عين مع أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما يروي سيدنا عبد الله بن عمر (رضي الله عنه) نهى عن أن تهدم آطام المدينة، وفي رواية أخرى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: لا تهدموا الآطام فإنها زينة للمدينة). فإذا صح هذا الحديث فهذا يعني أن حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصية بالبقاء على جماليات المكان وعمقه التاريخي. وكما يقول الدكتور عاصم حمدان: (إنه من المتفق عليه شرعيا وتاريخيا أنه ليس هناك من دين تعرف مشاعره المقدسة، وموضع مولد نبيه الخاتم (صلى الله عليه وسلم)، ومكان وفاته، ودور صحابته (رضي الله عنهم)، وآثاره النبوية الشرعية على وجه الدقة، مثلما هو الحال في الدين الإسلامي). لكن المشوهين للآثار الإسلامية تجرأوا على كل شيء، فها هو الدكتور محمد أنور البكري ذكر أن هناك أمرا صدر من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز (حفظه الله) بعدم التعدي على هذا الجبل التاريخي الذي ترتبط به واحدة من أهم الغزوات في التاريخ الإسلامي. لكن أمانة المدينةالمنورة لا يعنيها شيء، فكل الآثار المدنية طمست في عهدنا بينما عبرت كل الأزمان وهي محافظة على وجودها، فأي أناس نحن؟. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة