نتوه في دروب الحياة يمنة ويسرة نعرف أناسا فنحبهم ونلتقي أناسا نتمنى مفارقتهم. ولو فتش كل واحد منا في ذاكرته لوجدها حبلى بقصص فيها الوفاء وفيها النكران من أناس جمعتنا بهم دروب الحياة التي سنغادرها يوما ما. يظل الإنسان يظن الخير فيمن عرفهم ولا يخيب ظنه فيهم إلا عندما يعلنون بأنفسهم خيبتهم وما أكثر المواقف التي تكشف الحقيقة من الزيف في ميدان الصداقة لكن هنا يتملكني الحزن.. وأي حزن عندما أرى من لا يعرف قدر الصداقة إلا بالمصلحة فبعضهم يقيس صداقته بقربه من الناس وبعده بحسب مصالحه فيرهن علاقته بالناس بتحقيق مصالحه الشخصية فهي تقوى وتضعف وفق مصالحه ومدى تحققها. موليير يقول: «كلما زاد حبنا لأصدقائنا قل تملقنا لهم» إذا الحب الصافي الصادق هو مفتاح الصداقة الحقيقية وقيل صديقك من صدقك لا من صدقك وأعجب حينما أقرأ قول أبي العتاهية : احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة فلربما أنقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة سر عجبي من هذه الوصية التي تقطر توجسا من الصديق تجعلني أسأل هل أبو العتاهية أصيب في صداقته بانتكاسة حتى يحذر من الصديق ألف مرة؟ فأعود لأستدعي شرح معلمي من الذاكرة حينما كنت على مقاعد مدرستي، كان يقول لأن للصديق ابتسامة يخفي خلالها أسلحة غدره عندما يريد أن يغدر ويعرف عنك ما لا يعرفه غيره بينما كل أسلحة العدو مكشوفة فأقول الله عليك يا أبا العتاهية كم أنت خبير! وما أقرب ما قلت مع قول مالئ الدنيا وشاغل الناس المتنبي: ومن العداوة ما ينالك نفعه ومن الصداقة ما يضر ويؤلم لهذا يجب أن ننزل الناس منا بقدر ما هم ينزلوه من الحب والتقدير فإن كشفت الأيام زيف صداقتهم فلنأخذ بنصيحة الإمام الشافعي : ففي الناس أبدال وفي الترك راحة وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا محمد إبراهيم فايع خميس مشيط