أبلغ «عكاظ» المشرف العام على الفرق الميدانية النفسية لكارثة سيول جدة نائب رئيس الجمعية السعودية للطب النفسي الدكتور محمد عبد الله شاووش، «أن الأطفال يمثلون نسبة عالية من المصابين بالأمراض النفسية نتيجة كارثة السيول التي شهدتها جدة أخيرا»، لافتا إلى أن أغلب الحالات التي شخصت كانت تعاني من الكرب الحاد، وهو «القلق ما بعد الكارثة». ودعا شاووش المسعفين من الهلال الأحمر والدفاع المدني والمتطوعين الذين يتعاملون مع جثث الضحايا باستشارة الطبيب النفسي في حالة ظهور أية أعراض نفسية، وعدم إهمال المرض. وفيما يلي نص الحديث: الكرب الحاد • ما هي أبرز الحالات النفسية التي رصدتها الفرق الميدانية المخصصة لكارثة سيول جدة؟ الحالات كانت مختلفة في تشخيصها النفسي، إلا أن أغلبها كانت تعاني من الكرب الحاد، وهو قلق ما بعد الكارثة، ولشدة أعراضه الناتجة سمي هذا القلق بالكرب الحاد؛ لأن المريض يعيش السيناريو نفسه الذي عاشه في الكارثة، لدرجة أنه يتخيل المشهد تلقائيا حتى لو كان يشاهد التلفزيون، ويصبح مزاجه متعكرا ومكتئبا جدا ويدخل في نوبات من الفزع وتنتابه الكوابيس، حيث إنه يتخيل كارثة السيل والجثث والسيارات. وهناك حالات أصبح لديها خوف من المطر، فأي صوت لدش الحمام يسبب لديها الرعب الشديد، ومجموعة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 12 عاما أصيبوا بالتبول اللاإرادي، ومجموعة أخرى تعاني من الذعر الشديد والخوف من النوم أو البيت أو المدرسة. تجاوب الأهالي • كيف كانت استجابة الأهالي مع الفرق النفسية؟ وماهي أكثر الأحياء التي تصدرت قائمة الأمراض النفسية؟ الاستجابة جيدة، ولكن من خلال «عكاظ» أناشد الجميع بضرورة علاج أية حالة تعرضت للمأساة في الكارثة لئلا يتفاقم المرض ويصبح مزمنا ويطول علاجه، فللأسف البعض يتساهل مع العلاج النفسي، لكن فيما بعد قد تظهر أعراضه بشكل أكبر، خاصة عند الأطفال. أما عن الأحياء، فإن أكثر الحالات كانت من حي قويزة. الأدوية النفسية • من الناحية العلاجية، هل صرفت الفرق الميدانية الأدوية النفسية للمرضى؟ تجاوبت صحة جدة معنا بشكل كبير في توفير الأدوية النفسية، وصرفت الفرق الميدانية الأدوية لجميع حالات المرضى التي تطلبت العلاج الدوائي، فيما حولت بعض الحالات التي تعرضت للكارثة وكانت أصلا مصابة بأمراض نفسية مسبقة إلى مستشفى الصحة النفسية، مع الإشارة إلى أنه بعد دراسة كل حالة على حدة من قبل الأطباء المتخصصين وجدنا أن 50 في المائة من الذين تعرضوا للكارثة يعانون من أعراض نفسية خفيفة وشديدة، ويتوقع أن 20 في المائة منهم سيدخلون في حالات شديدة ومزمنة تتطلب جلسات علاجية مكثفة وتحويلا إلى المستشفى. اضطرابات سلوكية • بما أن الأطفال الأعلى في حالات الإصابة النفسية، ما هي أبرز توصياتكم حيال ذلك؟ التعامل مع الأطفال يختلف عن البالغين والكبار، فالأعراض لديهم تظهر على هيئة اضطرابات سلوكية مثل المخاوف والعصبية الزائدة وتدهور المستوى الدراسي والتبول اللاإرادي والرعب الليلي، وهؤلاء يحتاجون إلى تأهيل نفسي. خط ساخن • كيف ترون دور المسعفين من الهلال الأحمر والدفاع المدني والمتطوعين ونصائحكم النفسية لهم؟ جهود كبيرة تبذلها هذه الفئة مع الكارثة، وهي جهودة مقدرة، ولكنني أنبه أيضا إلى أن هذه الفئة عرضة لقلق مابعد الصدمة، فأرجو منهم أيضا عدم التردد في استشارة الطبيب في حالة ظهور أية أعراض نفسية، وأشير هنا إلى أن الجمعية خصصت خطا ساخنا للتعامل مع الحالات وهو (2521516) من الخامسة إلى التاسعة مساء، وآخر (0594366986) من 11 صباحا إلى 11 مساء.