أثبتت أحداث متعددة كان آخرها حدث الأربعاء الأسود أن نقل الحقائق والوقائع ما عاد محتكرا على وسائلنا التقليدية (صوتا وصورة ونصا) التي تجرعت فشلها الذريع أمام قدرة (المشاهد والمستمع والقارئ) على صناعة الرأي العام بعدسة هاتفه المحمول أو تدشين المجموعات التطوعية أو سكب المداد (الصريح) مطالبة بفضح بارونات الفساد. قد يكون لضخامة حدث الأربعاء وما ترتب عنه دور كبير في قلب أكثر من معادلة، كان أبرزها تحول وسائل إعلامنا إلى تتبع ما تعرضه مواقع «يو تيوب» و«فيس بوك» من مقاطع وحملات ومطالبات، كان المحرك الأول فيها أفراد بسطاء تفننت «النخب» وأوساطهم في وصفهم بالدهماء والرعاع و«الشارع» إمعانا في التقليل من شأنهم، حتى وقوع الحدث وكشفه لشعار «من هو المؤثر؟» بين كفتي النخبة وعامة الناس، والجواب لا يحتاج إلى عبقرية نيوتن في تحليل جاذبية الحدث. حقيقة الحدث المتجلية تقول: إن صناعة الرأي العام لم تعد مقتصرة على شريحة محددة من الأعمدة والكتاب، أو أقنية تحتكر عرض الصورة وفقا لأجندتها وسياسات شاشتها، أو وكالة إخبارية تظن أن العقول لم تغادر حقبة «الراديو» فتستبدل وصف «الأتراح» بالأفراح، وأصبح من نقل لنا صور السيل الهادر ولقطات غرق الحرث والنسل وسرد قصص فرمان علي خان والطفلة مريم.. مؤكدين على انتهاء عصر احتكار المعلومة والخبر وإقصاء رأي الآخرين لمجرد وصفهم بعامة الناس. قرار تشكيل لجنة تقصي الحقائق أوضح لنا كيف فشلنا إعلاميا في تعاملنا مع الحدث، وكأن وسائل إعلامنا كانت تنتظر إشهار الضوء الأخضر لتبدأ ويبدأ معها كثير من «الساكتين» بالحديث والتصريح بعد الإطباق سنوات وسنوات، وأعتقد أن حجر الزاوية المؤثر بشكل مباشر في الحدث وتبعاته هو الفرد البسيط الذي سير وأنقذ وشارك ونقل وغيره نايم في العسل. وعلى الرغم من تشاؤمي لردود أفعال الوسط النخبوي لما حدث في جدة التي لم تحرك فيهم ساكنا، ولم نشاهد على أقل تقدير واحدا منهم يتجاوز «خناقاته» و«عنترياته» ويصرح ولو «جبر خاطر» وهو من أتخم الأرض ضجيجا في حديثه عن الفساد ويبدو هكذا تفكر النخب، ولهذا: اعتبروها دعوة مني لتصفح حملة «مواطنون ضد الفساد» على موقع «فيس بوك» لتفهموا كيف يفكر هذا الجيل والبون الشاسع بين مساراته ومسارات من قبله القابع في زاوية «كل شيء تمام». [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة