تبخرت آمال الجيل الذهبي لكرة القدم المصرية بفشل الفراعنة في تحقيق حلم 80 مليون مصري بالتأهل إلى نهائيات كأس العالم المقررة في جنوب أفريقيا الصيف المقبل للمرة الثالثة في التاريخ والأولى منذ عام 1990 في إيطاليا. ونزل ضياع تأشيرة العرس العالمي كوقع الصاعقة على 80 في المائة من لاعبي المنتخب المصري، بعدما منوا أنفسهم والجماهير المصرية باعتلاء قمة المجموعة الثالثة لسهولة المواجهات أمام زامبيا والجزائر ورواندا، وهم الذين فرضوا أنفسهم أبطالا للقارة السمراء في السنوات الأربع الأخيرة بتتويجهم باللقب عامي 2006 في مصر و2008 في غانا من خلال التفوق على أعتى وأقوى المنتخبات القارية في مقدمتها الكاميرون وساحل العاج. بيد أن الرياح جرت بما لا تشتهيه آمال وأحلام لاعبي المنتخب المصري ووقعوا في المحظور، بدء من المباراة الأولى بالسقوط في فخ التعادل أمام زامبيا 1 1 في قلب العاصمة المصرية القاهرة، ومن بعدها الخسارة أمام الجزائر في عقر دار الأخيرة 1 3. وإذا كان المنتخب المصري استعاد توازنه ونجح في رد الاعتبار بالفوز على الجزائر 2 صفر في القاهرة في الجولة الأخيرة وفرضه مباراة فاصلة في السودان فإنه خسرها صفر 1، وتبخر حلم المونديال وحلت محله جبال من الحزن والآلام ستبقى راسخة حتى التصفيات المقبلة عام 2014. وكان الفشل في التأهل إلى المونديال الأفريقي خيبة أمل كبيرة أصابت الشارع المصري وبالتحديد نجومه المخضرمين الذين كانوا يعقدون آمالا على تحقيق حلم الملايين ومقارعة كبار العالم بعد التفوق على كبار القارة السمراء، وذلك لتقدمهم في السن واستحالة استمرارهم حتى نهائيات عام 2014 المقررة في البرازيل، بداية من حارس المرمى عصام الحضري (36 عاما) الذي اختير أفضل حارس في أفريقيا عامي 2006 و2008، والمدافع عبد الظاهر السقا (35 عاما) وصانع الألعاب أحمد حسن (34 عاما) والمدافع وائل جمعة (32) وقطب الدفاع هاني سعيد (29 عاما) والقلب النابض محمد أبو تريكة (32 عاما) والجناح محمد بركات (34 عاما) وسيد معوض (30 عاما) ومحمد حمص (30 عاما)، إضافة إلى اقتراب معظم اللاعبين الذين يشكلون الركيزة الأساسية في التشكيلة من ال 30 مثل عمرو زكي (28 عاما) ومحمد شوقي (28 عاما) وأحمد عيد عبد الملك (29 عاما) ومحمد زيدان (28 عاما) وأحمد رؤوف (27 عاما). وتبقي الفرصة قائمة أمام حسني عبد ربه (25 عاما) وأحمد المحمدي (23 عاما) وأحمد فتحي (25 عاما) وعبد العزيز توفيق (23 عاما) وشريف عبد الفضيل (26 عاما) وعماد متعب (26 عاما) كبعض العناصر الأساسية في الفريق واحتمال استكمال مشوارها مع المنتخب وارد بشكل كبير. ذهبت أحلام الكبار وأسدل الستار على المحطة النهائية لجيل حقق ما لم تحققه كل الأجيال وترك بصمة لم تكن تخطر على بال أكثر المتفائلين بالفوز على إيطاليا بطلة العالم 1 صفر في كأس القارات الأخيرة في جنوب أفريقيا في حزيران (يونيو) الماضي، والأداء الجيد أمام البرازيل. وربما تكون كأس أمم أفريقيا المقررة في أنغولا من 10 إلى 31 كانون الثاني (يناير) المقبل شاهدا على اعتزال البعض اللعب الدولي والبعض الآخر الاعتزال النهائي للكرة والتفرغ لحياة جديدة داخل المجال أو خارجه. ورفض الجهاز الفني للمنتخب المصري بشكل قاطع قرار بعض اللاعبين أصحاب الخبرة ممن تخطوا ال 30 اعتزال اللعب دوليا والاكتفاء بما قدموه مع المنتخب في الفترة السابقة وترك الساحة للجيل الجديد لاستكمال المشوار مثل الحضري وأحمد حسن وأبو تريكة ووائل جمعة. واستطاع الجهاز الفني ثني اللاعبين على القرار المتسرع الذي جاء نتيجة حالة الإحباط التي أصابت الجميع عقب ضياع حلم المونديال، وتمت معالجتهم نفسيا ومطابتهم بالتركيز في بطولة أمم أفريقيا لتحقيق اللقب الثالث على التوالي، ليكون هدية الجماهير المصرية التي لم تبخل على اللاعبين بالمساندة أثناء الهزيمة قبل الفوز. وأكد الجهاز الفني للاعبين أن الفريق يحتاج إلى خبراتهم بجانب العناصر الأخرى التي قد يكون لها دور في المرحلة المقبلة، لأنها أحد الحلول السحرية أمام قوة الفرق الأفريقية في هذه البطولة، مضيفا أنه «مهما كانت الاستعانة بالعناصر الشابةالجديدة إلا أنها لن يكون لها دور إلا بسلاح الخبرة، وأكد الجهاز الفني ثقته الكاملة بهؤلاء اللاعبين وثقة الجماهير في قدرتهم على العطاء بجانب بعض العناصر الشابةالجديدة. وأكد أحمد حسن في تصريح لوكالة فرانس برس أن «فكرة الاعتزال كانت نتيجة حالة الإحباط التي أصابت الجميع بعد ضياع حلم المونديال واللاعب ليس ملكا لنفسه بل للمنتخب طالما أن اللاعب لا يزال قادرا على العطاء وكل قرارات الاعتزال التي صرح بها اللاعبون نابعة من العاطفة التي اعقبت الخروج من المونديال». مضيفا «إننا كلاعبين قررنا نسيان الماضي والتركيز في أمم أفريقيا والاستئساد على البطولة لمصالحة الجماهير التي قدمت كل ما تستطيع والدور علينا في تقديم الشكر لهذه الجماهير الوفية ببطولة كبيرة مثل أمم أفريقيا». وتابع «إن الخروج من المونديال بالتأكيد أحزن الجميع، لكنها سنة الحياة وسنحاول أن نثبت للجميع أن ما حدث كان مجرد كبوة ومرت». من جهته، قال وائل جمعة إن قرار اعتزاله اللعب الدولي جاء تحت ضغط عصبي عقب الخروج من المونديال وإحساسي بحزن الجماهير شعرت بأنني لابد أن أبتعد عن الكرة، ولكن بعد ثقة الجهاز الفني والرئيس والجماهير في اللاعبين أصحاب الخبرة وأمام الواجب الوطني لن نستطيع إلا الاستجابة والإصرار على ترجمة هذا الحب وهذه الثقة إلى إحراز بطولة أمم أفريقيا بأنغولا في كانون الثاني (يناير المقبل).