«أبنائي أمانة في أعناقكم».. كانت آخر كلمات نطقها شهيد الوطن الجندي أول مظلي إبراهيم محمد النجمي قبل أن يقضي نحبه؛ دفاعا عن بلاده في المواجهات الجارية في الشريط الحدودي بين المملكة واليمن في جازان؛ إثر تعرضه لطلقة في صدره، أوصى بعدها أخاه في الدم والسلاح (علي) بالوصية السابقة، وفارق الحياة وسبابته متجهة للسماء. فيما ظل والده محمد النجمي، ودمعة تنساب من عينيه، يردد لدى زيارة «عكاظ» لمنزله في مكةالمكرمة البارحة، «لقد رحل البار، رحل الطيب، رحل المحب، رحل الحبيب، ولكن كله يهون فداء للوطن؛ فأبنائي جنود مجندون لحماية دينهم ووطنهم، ولدي ثمانية أبناء؛ خمسة منهم في القوات المسلحة، فقدت أحدهم والبقية يحملون أكفانهم بأيديهم فداء لمليكهم ووطنهم». وقال والد الشهيد إبراهيم «إن ابنه إبراهيم تحدث إليه هاتفيا أمس الأول، للاطمئنان والسؤال عليه وإبلاغه باستقرار أوضاعه وأشقائه الخمسة على جبهة القتال». ولكن قلب الوالد شعر بنبرة وداع، كما يوضح محمد النجمي في صوت ابنه الذي خلف وراءه ثلاثة أطفال؛ هم طارق (6 سنوات) وعبد المجيد (4 سنوات) ومها التي لم تتجاوز السنتين. يقول والد الشهيد «أحسست في حديثه نبرة وداع؛ لأنه دائما ما كان يعبر عن أمنيته في الاستشهاد دفاعا عن الوطن، وحين بلغني النبأ احترت هل أبكي على فراقه أم أسعد لموته شهيدا». ويوضح النجمي أن الشهيد من أكثر أبنائه برا فيه، حيث لم يكن يغمض له جفن قبل أن يتحدث إليه ووالدته، مضيفا «كان عطوفا على أشقائه وكريما لدرجة تحمله دين يفوق 400 ألف ريال، لمساعدتهم وإعانتي أنا أيضا». وأفاد والد شهيد الوطن أن ابنه أوصى أشقاءه قبل وفاته بأيام دفنه عند استشهاده في مكةالمكرمة. ولم يخفِ عبد المجيد (الابن الأوسط لشهيد الواجب) تعجبه من مفردة «شهيد» حين قال له جده «أبوك شهيد». وينتظر وصول جثمان الشهيد إبراهيم محمد النجمي إلى مكةالمكرمة صباح اليوم، واستلامه من قبل أسرته لإلقاء النظرة الأخيرة ودفنه في مقابر الشرائع بعد أن خدم في السلك العسكري طوال عشر سنوات، وسط شهادة زملائه ومرؤوسيه له بالانضباط في أداء العمل وحسن السلوك.