تغص الشقق المفروشة في جدة بقصص واقعية يرويها النزلاء الناجون من مأساة قويزة حول ساعات الغرق المشؤومة.. فمنهم من يروي قصة غريق يستغيث قبل أن يلفظ أنفاسه، ومنهم من يروي كيف أنقذ أسرته، ومن بينهم من يشيد بوقفة الدولة في تأمين السكن والإعاشة للأسرة الناجية.. ومن بين هذه القصص يقول عوض جروان السلمي (رقيب في إدارة مرور جدة): إنقاذ عائلتي المكونة من 12 فردا في ذلك اليوم المشؤوم كان ضربا من الخيال، ويستطرد كنت وقت هطول الأمطار في منطقة مكةالمكرمة أؤدي واجب عملي، وفجأة جاءني اتصال هاتفي من عائلتي يخبرني بأن المنزل يغرق وعلى الفور استأذنت من السؤول وتوجهت بسيارتي مباشرة إلى جدة وتحديدا إلى منزلي في حي قويزة، حيث فوجئت بأن الطابق السفلي من قد غطته المياه تماما، ولم أستطع إخراج أي شيء من العفش الذي بداخله وصعدت إلى الطابق العلوي لإنقاذ أسرتي المكونة من زوجتين و12 طفلا وقد تعثرت في شيء ما أدى إلى إصابتي في كسر في يدي. وضع سيئ ولا يختلف كثيرا محمد حسين الشمراني (متقاعد) عن سابقه فيقول: فوجئت كغيري من سكان حي قويزة بهطول الأمطار، حيث كنت أنا وأسرتي المكونة من تسعة أفراد في منزلي أثناء الكارثة، ولكن من حسن الحظ أن منزلي في مكان مرتفع فهو فوق جبل، ما أبعد الضرر لكن نظرا لخطورة الوضع انتقلت مع أسرتي إلى مكة حتى يتوفر سكن في مكان آمن بعيدا عن موقع الخطورة، والحمد لله وفقت في إيجاد سكن مناسب في وسط جدة في شقة مفروشة وتكفلت الحكومة بتسديد كامل إيجارها. مخطط النكبة سعود الزهراني (موظف حكومي) من سكان قويزه متزوج ولديه ثلاثة أبناء يقول: أول المتضررين كان موقع الدفاع المدني وهم الذي كنا نعلق آمالنا عليه بعد الله سبحانه وتعالى في انقاذنا ولكن لقوة هطول الأمطار وجريان السيول التي غطت موقع إدارة الدفاع المدني بالكامل ولم تستطع معداتهم وسياراتهم من التحرك لأداء واجبها على الوجه الأكمل حيث تضررالموقع خاصة أنه موجود في مخطط المساعد الذي أطلقنا عليه (مخطط النكبة). ويضيف سعود، من المشاهد المأساوية التي مرت عليا شاهدت مرور سيارة ليموزين جرفتها قوة المياه وبداخها السائق يستنجد ولا مجيب لندائه ثم رفع اصبعه ولفظ الشادة قبل يغرق حيث ظل يردد بصوت مرتفع" أشهد أن لا إله الا الله وان محمداً رسول الله". كتب المدرسة تلاشت ومن أمام رصيف إحدى الشقق المفروشة وجدنا الطالب عبدالكريم الحارثي (15 عاماً) طالب في ثالثة متوسط ( مدرسة عمير بن الحمام) يقول وقت هطول المطر كنت نائماً حيث أن استمتاعي بالاجازة مع أبناء الحي قبلها أنهك جسدي مما جعلني أدخل في نوم عميق تخللته أحلام وردية ولكن للأسف لم تدوم طويلاً حيث فوجئت بأخي الأكبر يوقظني مفزوعاً من نومي ويقول لي بصوت مرتعد (عبدالكريم) هناك مصيبة أنهض فالمطر يملأ منزلنا الشعبي بالكامل واحتمال سقوطه في أية لحظة طبعاً لم أستطع أخذ أياً من أغراضي الخاصة أو كتبي المدرسية نظراً لضيق الوقت وحجم الكارثة التي ألمت بنا. ويضيف عبدالكريم الذي كان جالساً أمام الوحدة السكنية بإنتظار عودة والده من إدارة الدفاع المدني الذي ذهب من أجل أخذ المؤونة اليومية مسترجعاً مشهد إنجراف منزل صديقه صايل العتيبي، يقول طبعاً لم يمهلنا المطر كثيراً حيث انهار منزلنا بالكامل بعد خروج عائلتي المكونة من 9 أنفاس من المنزل ولولا لطف الله لكانت النتائج مخيفة. ومن المشاهد المأساوية التي مرت عليا بيت صديقي صايل العتيبي حيث أن العائلة بالكامل انتقلت لرحمة الله حيث جرف المطر منزلهم بالكامل ولم يتقى سوى جدار واحد مما ولد لدي حالة من الخوف والرعب والحزن في نفس الوقت وأصبحت لا أنام الليل بسبب ذلك الوضع المخيف وحالياً نحن نسكن في إحدى الشقق المفروشة في وسط جدة ولا أعلم متى سوف أعود لمنزلي وأصدقائي اللذين لا أعلم عنهم شيء أو مدرستي لا أعلم متى العودة؟. الوضع جيد عبدالرحمن بارفعة (موظف استقبال شقق مفروشة) يقول لدينا 13 عائلة كاملة بعدد افرادها يسكنون لدينا وقد تم التنسيق بيننا وبين وزارة المالية المتكفلة بدفع جميع تكاليف إقامتهم لدينا وإدارة الدفاع المدني تؤمن لهم التموين بالاضافة إلى أن وزارة المالية هي المتكفلة بدفع التكاليف المالية لمدة أسبوع فقط وفي حالة وجود أية حالات طارئة فإنهم يقومون بالتمديد لهم إلى أن يزول الخطر. ويضيف عبدالرحمن بصراحة لم أر في حياتي مأساة مثل هذه حيث أنني كنت أرى الخوف والرعب يتملك العوائل وأرباب الأسرة المقيمة لدينا مما ولد لدي حتى أنا خوف ورعب ولكن لطف رب العالمين يحيط بنا فنحن لا نتوانئ عن خدمة المقيمين لدينا على أكمل وجه ولو كان الأمر بيدي لأعطيتهم السكن مجاناً ولكن الأمر لله من قبل ومن بعد.