تعيش غدا منشأة الجمرات الاختبار الحقيقي أمام حشود المتعجلين الذين يتوقع أن يتجاوز عددهم أكثر من مليوني حاج. فريق عمل استثنائي من ناحية الدقة وقوة الملاحظة كاشتراط تتطلبه إدارة المنشأة الفريدة من نوعها على مستوى العالم بعد إعلان حالة التأهب والأخذ في الاعتبار التعامل مع حشود المتعجلين التي يتطلب العمل فيها إدارة أزمة. «عكاظ» وعلى مدى ساعتين ومن داخل أبراج التحكم والسيطرة في تلك المنشأة، واجهت القادة المسؤولين عن إدارة أكثر من 509 كاميرات موزعة لتسهيل مهام رجال الأمن المكلفين بتسهيل حركة جموع الحجيج وخرجت بمحصلة كان مجملها مايلي: • «عكاظ» سألت قادة منشأة الجمرات؛ كيف خططتم لإدارة الحشود البشرية، لا سيما يوم غد الذي يمثل عنق الزجاجة في موسم الحج في ظل وجود هذه المنشأة الضخمة وبعد تشغيلها في طاقتها الضافية باستكمال الدور الرابع؟ العقيد ركن خالد قرار المحمدي، قائد قوات الطوارئ الخاصة التي تمثل القوة الأكبر في إدارة المنشأة بين بقية الجهات، قال «الخطة ارتكزت على محاور مهمة عدة جاءت بعد أكثر من عدد من ورش العمل التشاورية بين جميع الجهات المعنية بخدمة الحجاج، إذ رصدنا أبرز الملاحظات والسلبيات التي وقعت الأعوام الماضية لتلافيها هذا العام والاستفادة من الرؤى الجديدة التي تخدم الخطة بشكل عام، ففي عام 1427ه طبقنا تجربة المسار الواحد التي آتت أكلها ونجحت فعلا، فالقرار في خطة الحج ليس اجتهادا شخصيا بل دراسات عملية وتجارب ميدانية تقود في مجملها إلى ولادة قرار محكم يصب في راحة ضيوف الرحمن وسلامتهم. وعن دور التقنية في رسم خطة إدارة الحشود، وما يمكن أن تسهم فيه من تطور العمل ميدانيا، كشف مدير غرفة المراقبة والتحكم في منشأة الجمرات الرائد سليم عمر الهذلي عن وجود تقنيات حديثة ومتطورة داخل تلك الغرفة التي استحدثت في البرج الرابع في المنشأة بطابقها الثالث، والتي تمثل القلب النابض للجمرات، وقال «تم تجهيز هذه الغرفة بالوسائل التقنية الحديثة كافة، الكفيلة بإدارة الموقف في الميدان وفق الخطط المرسومة، حيث تم تشغيل 509 كاميرات إضافية ترصد على مدار الساعة كافة التحركات في منطقة الجمرات وتضم فريق عمل مكونا من 38 ضابطا وفردا من المؤهلين للتعامل مع هذه التقنية توزع أعينهم (دقيقة الملاحظة) على 72 شاشة داخل الغرفة. أما فيما يتعلق بحزمة التدابير والاحترازات التي اتخذتها قوة الطوارئ الخاصة في منشأة الجمرات لمواجهة يوم التعجل، فأجاب على هذا التساؤل العقيد قرار بقوله «من خلال عملي الشخصي في الحج لمدة تجاوزت ربع قرن، فأنا أستطيع القول بأن الحج مهمة ومسؤولية عظيمة يجب التعامل مع جوانبها كافة ككتلة موحدة دون تجزئة، حيث يتحرك قرابة 3 ملايين حاج في منطقة جغرافية محدودة وفي زمن محدد ونسك مقيد، ومع هذا فإننا نضع الافتراضات كافة وقد دربنا القوة للتعامل مع كل الفرضيات المتوقع حدوثها، لذا لا نفرق بين يوم وآخر ولا نتجاهل أي جزيئات فيه، وهذا ما تم في كل الفرضيات والتدريبات التي خاضها رجال الأمن. كما تمت مراعاة الظروف المستجدة على منشأة الجمرات بعد تشغيلها في طاقتها الاستيعابية الضافية بتشغيل الدور الرابع ووضع تصورات لإبراز التحديات والمخاطر التي قد تواجهنا أثناء تفويج الحجاج من وإلى الجمرات كعمليات تفكيك الكتل البشرة الموحدة التي تندفع دون وعي باتجاه الجمرة للرمي، هنا جرى إعداد خطة تبدأ من توزيع القوة على شكل نقاط فرز غير مستقيمة عبر كردونات بشرية قبل الرمي من شأنها تأخير عملية الدخول للحجاج ونقاط مستقيمة بعد الرمي لتسيير الحشود، وذلك لإحداث عملية تناسب تضمن سير الحجيج داخل الجمرات بحسب طاقته الاستيعابية المحددة وكذلك تم عمل خطة رأس حربة عند كل جمرة، وهذه من شأنها توزيع الكتل البشرية على محيط الجمرة ومن الالتقاء باتجاه واحد قد يعيق حركة السير من أحد الجوانب. أما ما يتعلق بآلية اتخاذ القرار الحاسم في لحظات الذروة وتفاقم الوضع الميداني، رد مدير غرفة المراقبة والتحكم الرائد الهذلي ل«عكاظ» بقوله «مهمة هذه الغرفة تكمن في قراءة الميدان قراءة جيدة تعطي كل المؤشرات التي يمكن من خلالها اتخاذ وبناء القرار المناسب، وعند تطور الأمر -لا سمح الله- فإننا هنا نمرر الأمر كما هو إلى من يمتلك الصلاحية لاتخاذ القرار، ونحن مرتبطون بمقر غرفة القيادة والسيطرة لكن ما يخص إدارة الوضع الطبيعي في المنشأة، فإن ذلك من صلب عمل الغرفة التي تضم أيضا عددا من مندوبي وممثلي الجهات الرسمية المعنية بخدمة ضيوف الرحمن. وعن مداخل المنشأة وخطط التفويج المقترحة عليها وجديدها يجاوب العقيد المحمدي بقوله: الجديد في هذا العام هو انضمام الدور الرابع للخدمة الذي سيمكن الحجاج القادمين من الناحية الجنوبية للقطار. كذلك تم تخصيص 10 عربات (قولف) في الدور الثاني لخدمة كبار السن والعجزة القادمين من مكةالمكرمة؛ طاقة كل عربة 14 راكبا، كذلك تم تأمين عدد من المركبات ذات الاستيعاب الكبير وستشارك في نقل الحجاج القادمين من المنحدر المقبل من طريق الملك فهد خلف الأبراج، وذلك لخدمة ضيوف الرحمن، أما ما يخص طرق المشاة والجوهرة وسوق العرب فإنها تصب مباشرة في ساحات الجمرات ليتم توجيه الحجاج إلى الدور الأرضي والدور الأول من المنشأة وفق الكثافة البشرية، حيث يمكن تحويل المسارات وفق الوضع الميداني فيما سيتمكن الحجاج القادمون من مكةالمكرمة من الوصول إلى الجمرات الثلاث عن طريق الدور الثاني، كما خصص الدور البدروم لكبار السن والعجزة والمعاقين، كما يمكن لنا في الخطة استغلال الأبراج الموجودة في الساحة الشرقية برج 4 وبرج 5 لتحويل الكتل البشرية وتفتيتها على الطوابق المتعددة، كذلك فإن السلالم الكهربائية التي تدخل الخدمة في عامها الثاني بعد التجربة للمرة الأولى في العام الماضي. وعن دور غرفة المراقبة والتحكم في توعية الحجاج قبل وصولهم إلى منطقة الجمرات، يرد الرائد الهذلي بقوله: هذه الغرفة مرتبطة بجهات رسمية وأهلية عدة تقوم من خلالها ببث رسائل توعوية تسهم في زيادة وعي الحاج قبل الوصول إلى هذه المنشأة، فهناك غرفة مرتبطة بالحشود البشرية تسهم في قراءة الكثافة البشرية في منطقة الجمرات وغرفة أخرى مرتبطة بالرسائل التوعوية التي تعمل من خلال أربع قنوات توعوية؛ قناة مخصصة للرسائل التوعوية وقناة مخصصة للبث المباشر لما يدار في الجسر، حيث تنقل صورة حركية حية إلى مقر مؤسسات الطوافة الست، وقناة خصصت لعرض برامج التفويج في المخيمات ومواعيد الجدولة لجميع مجموعات الخدمة الميدانية، والقناة الأخيرة خصصت لبث أفلام إرشادية أعدتها وزارة الشؤون البلدية والقروية للتعريف بمنشأة الجمرات ومخارجها وممراتها وطرق الذهاب إليها والعودة كذلك بحيث تمكن الحجاج من التعرف على هذه المنشأة.