يخططون للعيد كأنهم في منازلهم، ويتمسكون بلحظة يفرحون فيها، رغم أن المتاح في مخيم النازحين أقل مما هو عليه في منازلهم المتناثرة على الشريط الحدودي جنوب المملكة، التي أخلوها نتيجة المواجهات بين القوات المسلحة والمعتدين على الحدود. فحديث مجالس النساء في مخيم الإيواء في أحد المسارحة يكاد لا يخلو هذه الأيام من التخطيط للعيد وتفاصيل فرحه حسب المتاح والمتوفر، فهي - كما تقول الدهماء بنت محمد-، أيام مناسبة لنسيان الألم والحزن وفرصة لإعلان الفرح بالعيد المبارك وبأية طريقة كانت، فالمهم هو الفرح وكل ما عدا ذلك مجرد تفاصيل. وتؤكد ل «عكاظ»: أنها حرصت وعدد من زميلاتها على شراء الحناء التي تجيد نقشه، وترى أن الجغرافية أو الأمكنة يجب ألا تغير من عاداتنا وتقاليدنا التي كبرنا معها وكبرت بنا، موضحة أنها ستعجن الحناء كما في كل عام لتدليل خروف العيد (الأضحية)، ووضع الحناء في مقدمة، رأسه حسب الأعراف المتبعة. وتؤكد أن إدارة مخيم الإيواء لم تتأخر في توفير مساحة للمواشي في أرض فضاء متاخمة للمخيم بحيث «نتردد عليها برفقة أطفالنا لنستمتع بتجديد الحناء لأضحيتنا حتى يحين يوم التضحية». وتتابع الدهماء «قررت أن أتطوع بنقش الحناء لقريباتي وجاراتي في المخيم قبل العيد بأيام، بحيث لا تفوت الفرحة على واحدة منهن»، وتبتسم عائدة بالذاكرة «في مثل هذا الوقت من كل عام يعتبر ترتيب المنازل وتحضير الحارات وبعض الألعاب النارية استعدادا مهما له فرحة خاصة، وهذا العام سنكتفي بشراء الحلويات والعطور والملابس والتضحية بخروف العيد حسب الإمكانات المتاحة»، كما علينا أن نفرح بسلامة أرواحنا من الخطر الذي كان يحيط بنا قبل نزوحنا، وأن ندعو لجنودنا البواسل بأن ينصرهم الله ويحفظهم سياجا لهذا الوطن الغالي. ولا تعكر عيشة المخيم صفو المقيمة الفلسطينية حياة عبد الهادي، (نازحة من قرية الخشل) في تدبير تفاصيل عيد هذا العام بطريقتها البسيطة، إذ تكتفي بحناء للخروف وشراء حلويات جاهزة وملابس جديدة للأطفال، مؤكدة حرصها على توزيع الأضاحي صباح العيد. وتتذكر أيام العيد الماضي في قريتها بالقول: «كنا نستعد لعيد الأضحى قبل عشرة أيام من حلوله، بصنع الحلويات من معمول وكنافة وكعك، ويوم الثامن من ذي الحجة ليلة الوقفة كنا لا ننام ونحن ننقش الحناء على رأس الأضحية». وتستطرد: «يوم العيد بعد الصلاة نضحي ويستمر عيدنا أربعة أيام ونوزع بعضها ونطبخ فيما يتبقى منها الطبق الفلسطيني الشهير (المنسف)، وتجتمع عليه 25 أسرة فلسطينية من الخشل والقرى المجاورة لها ومعهم العدد نفسه من الأسر السعودية التي باتت تربطنا بهم علاقات أكثر من أخوة». والآن في المخيم تغيرت الظروف قليلا، لكننا استطعنا أن نتكيف معها وندعو صادق الدعاء أن يحفظ الله المملكة وقيادتها وشعبها. بدورها تعتبر تغريد المجرشي أن عيد الأضحى له مذاق خاص وهي تحمل حنينا إلى طقوس الجدات التي كن ينتظرنه، لخلط الأعشاب العطرية مع بعضها وصنع ما يسمى (العظية أو العكرة)، التي تزين تسريحة شعر النساء أثناء الاحتفال بالعيد وهي خاصة بكبيرات السن والأمهات. لكنها تعبر عن حزنها لغياب عقود زهر الفل التي تزين شعر الفتيات، موضحة أن غياب الفل ليس بسبب المخيم وإنما لحلول العيد في أجواء شتائية، إذ الفل ينضج في الصيف. وتلفت المجرشي إلى أن الفتيات يحرصن على نقش الحناء والاعتناء بحناء الأضحية والتسابق على تجديدها لخروف العيد.