حماية المستهلك شيء ما مثل المذنبات والنيازك فنحن نسمع عنها وتمر سنوات العمر دون أن نراها، أذكر أنني رأيت أحد المسؤولين عن هذا الشيء الذي يسمونه (حماية المستهلك) في قناة الإخبارية قبل عدة أشهر، وقد شعرت حينها بالاستغراب لأنني اكتشفت أنهم بشر مثلنا يرتدون الغترة والعقال ويتحدثون اللغة العربية ويمكن رؤيتهم بالعين المجردة دونما حاجة إلى التلسكوب الإلكتروني. ولكن المحزن في الأمر أن حماية المستهلك لا تظهر في المواسم الطبيعية التي يفترض أن تظهر فيها، ويكفي أن يتجول الواحد في الأسواق هذه الأيام ليشاهد بأم عينيه حجم التلاعب بالأسعار، حيث تتكرر سنويا حكاية استغلال موسم العيد فتصبح ملابس الأولاد والبنات المصنوعة في الصين وتركيا وسورية أغلى من ملابس نجوم هوليود. لا أحد يضع اعتبارا لوزارة التجارة، لا أحد يخشى جمعية حماية المستهلك، وكل التجار ابتداء من كبار الموردين من المواطنين (السوبر ديلوكس) الذين اعتادوا قضاء العيد في جزر سيشل! ومرورا بأصحاب المحلات من الوافدين (الفل أوبشن)، وانتهاء بأصحاب البسطات بمخالفي أنظمة الإقامة (الهايدروليك)، يشاركون جميعا لا دون خوف أو وجل أو خجل في فعاليات المهرجان السنوي للضحك على الذقون، وليس ثمة موسم تكون فيه الذقون جاهزة لأن تكون ميدانا للضحك أكثر من هذه الفترة، حيث يستعد الجميع للحظة النحر وهم لايعرفون أنهم سينحرون في السوق على يد التجار الجشعين، وستتولى أم العيال مهمة سلخهم بسكين الطلبات التي لا تنتهي. أما خروف العيد فقد نطح كل مؤشرات السوق ولم يتبق إلا أن يتم عرض أسعاره المتذبذبة في النشرات الاقتصادية على شاشة التلفزيون، ولو كنت مكان مدمني سوق الأسهم لبعت أسهمي في الشركات البائسة وأشتريت ألف رأس من الأغنام ووضعت لها السعر الذي أريد في الوقت الذي أريد حيث لا رقيب ولا حسيب. كان العيد فرحة الصغار والكبار، ولكن رب الأسرة اليوم يشعر بأنه هو الأضحية كلما اقترب العيد، فهو يجوب الشوارع المزدحمة وكله يقين بأنه يخوض معركة التسوق وحيدا، حيث ينتظره الباعة بالسكاكين والسواطير، وكلما حاول الفرار بجلده (أو صوفه!) دفعه أولاده إلى الأمام وهم يقولون: (بابا لا تخاف.. كلها خمس دقايق وينتهي الموضوع)!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة