أحداث هنا وهناك... حروب... صراعات سياسية... كوارث... مئات بل آلاف القنوات والمحطات التلفزيونية والإذاعية... صحف ومجلات... وكالات أنباء... مراسلون مقيمون وآخرون قدموا من أماكن بعيدة بحثا عن تغطية خبرية مميزة لوسيلته الإعلامية... تجهيزات فنية ومحطات أقمار صناعية للنقل المباشر للأحداث... حشد هائل من الاستعدادات البشرية والفنية. في الطرف المقابل هناك الملايين من جمهور المتلقين لمخرجات هذه الوسائل الإعلامية يبحثون عما يشبع غرورهم ويزودهم بالمعلومة الصحيحة والدقيقة عما يجري على أرض الواقع من أحداث أو يدلي به المسؤولون من تصريحات. في ثنايا هذا الزخم الإعلامي والمتابعة الخبرية بالصوت والصورة والنص المكتوب نجد أن كثيرا من الحقائق تضيع، وكثيرا من الأخبار تعلن اليوم ليتم نفيها في اليوم الثاني. أين المصداقية؟ أين تحري الحقيقة لدى المراسل في أرض الحدث؟ شكوك في صحة ما يقال وينشر يدعمها استمرار إعلان الخبر ثم نفيه. بالأمس القريب، وخلال تغطية وسائل الإعلام لأخبار المتسللين المسلحين في جبل دخان جنوب المملكة وما حصل لهم من ردع من قبل القوات السعودية، ذكرت الأنباء أن أحد الضباط السعوديين تمكن من الهرب بعد أن كان معتقلا من قبل المتسللين، وقبل هروبه وعودته إلى الأراضي السعودية قتل عددا من هؤلاء المتسللين وأحضر معه مجموعة من الخرائط والمعلومات العسكرية. قبل بث هذا الخبر ذكرت بعض وسائل الإعلام روايات أخرى تتحدث عن مقتل هذا الضابط بناء على شهادة بعض زملائه الذين كانوا معه في أرض المعركة، وإلى الآن لم يعلن ما يثبت وفاته أو أنه لا يزال على قيد الحياة. خبر آخر جاء فيه أنه تم القبض على أحد قادة المتسللين ويدعى (علي عبد الله الحوثي) في جازان وهو يحمل بعض الأسلحة، وفي اليوم التالي جاء المتحدث الرسمي الأمني في وزارة الداخلية لينفي هذا الخبر. في عرف التغطية الخبرية لا يمكن قبول بث أو نشر الأخبار الخاطئة بحجة أن الهدف كان السبق الصحافي ومنافسة الآخرين... أية منافسة هذه التي تقوم على التضليل والتشكيك وفقدان المصداقية. لابد من محاسبة المخطئ في الوسيلة الإعلامية عند نشره معلومة غير صادقة وإفهامه أنه بفعلته هذه ضلل جمهور المتلقين، ومع تكرار فعلته ستفقد الوسيلة التي يمثلها المصداقية وبالتالي لن تجد من يتابع أخبارها أو يهتم بما تذيع أو تنشر من مواد أخرى. [email protected]