بين الدعاء بالنصر للقوات المسلحة على المعتدين، والشعور بالاطمئنان في مركز إيواء أحد المسارحة بعيدا عن خطر القتال، تتحرك أمهات ومن هن في عمر الجدات اللواتي نزحن عن ديارهن الموزعة على الشريط الحدودي كل يوم بحالة معنوية مرتفعة، خصوصا مع تأكيد الجهات المسؤولة لهن أن تواجدهن في المركز لفترة محدودة. وتبدي نساء المركز فرحتهن الغامرة بوجود ألعاب ترفيهية للأطفال وسط المركز «لم يتغير علينا شيء وفرح الأطفال يفرحنا، والله ينصر قواتنا على الحدود». والراصد لمشهد المخيم يجد عدد الخيام في تضاعف مستمر، إذ تجرف الآليات يوميا المزيد من المساحات لتسويتها على مستوى المخيم لنصب الخيام، فيما عمال النظافة يتواجدون بين طرقات الخيام في عمل متواصل دؤوب لا يتوقف. تقول ل «عكاظ» تغريد حسن (نازحة من قرية الدقة)، طلبت منا القوات العسكرية إخلاء منازلنا سريعا من القرية ونقلونا إلى المخيم الذي نعيش فيه، لكن لم يتغير علينا شيء إذ والدي يمارس حياته الطبيعية في الرعي وأمي نقلت إلى المستشفى في حالة ولادة. وتضيف تغريد «في اليوم الأول للنزوح بشرونا بولادة شقيقتي وصايف وعودة والدتي من المستشفى ليلتئم شمل الأسرة في اليوم الثاني للنزوح داخل المخيم». وأعربت تغريد (18 عاما) عن حلمها بإيجاد صف لتعليم محو الأمية في مركز الإيواء، وذلك لمساعدة الفتيات اللواتي لم ينلن حظهن من التعليم في تدريسهن، كما تقترح تخصيص مساحة صغيرة تمارس الفتيات فيها دورات صغيرة ومفيدة مثل تعلم الخياطة والتدبير المنزلي. وبدأت المسنة أم حسن حديثها ل عكاظ» بالدعاء لرجال الأمن الذين طلبوا من أبناء قريتها إخلاء القرية سريعا حفاظا على أرواحهم، مشيرة إلى أنها تدعو للمدافعين عن حياض الوطن ليل نهار بأن يردوا كيد المعتدين في نحورهم. وأعربت أم حسن عن شكرها للقائمين على المخيم في كل ما يقدمونه لهم، إذ التم شمل أسرتها وأصبحت تراهم كل يوم فيما لم تكن تشاهدهم في القرية التي نزحوا منها إلا على فترات متباعدة، كما تشعر بالسعادة وهي ترى الأطفال يمرحون بألعابهم. وتلفت ليلى شراحيلي (نازحة من قرية حدودية) إلى أنها وشقيقاتها يشعرن بالدهشة وهن يسمعن صوت هدير الطائرات العابرة من فوق رؤوسهن، معبرة عن امتنانها لتخصيص مساحات واسعة للعب الأطفال الأمر الذي يشعر الأمهات بالارتياح الكبير بحسب قول ليلى. وعلى الجانب الآخر من المخيم تؤكد الأمهات وفتيات الأسر النازحة أن وجود المكيفات في كل خيمة يجعل النوم هادئا، إلا أن عدم توفر غسالة يجعلهن يغسلن بطرق بدائية كانوا قد نسوها في ظل التقنيات الحديثة التي طالت جميع المنازل في قراهم الحدودية. وتضحك أم محمد (نازحة في المخيم) وهي تتحدث عن غسيل ملابس أبنائها إنها اشترت أخيرا غسالة جديدة في منزلها لكن النزوح عن المنزل أعادها كما تقول إلى الغسيل باليد متذكرة جدتها بذلك. وتجتهد في خلط الصابون بالماء مقترحة إيجاد مسابقة للفوز بأفضل غسالة ملابس على الأيدي، وتضحك بصوت مرتفع وهي تقول عقدنا مؤتمرا لتمرير وعاء الغسيل فيما بيننا لمؤازرة بعضنا، إذ تعرفنا على مواعيد تنظيف كل أم لملابس أبنائها. ويأتي التصويت على أهمية الفرن من ربات المنازل، كما يحتل التلفزيون مساحة من الوقت وتقول أم محمد محظوظ من تمكن من نقل اللاقط الفضائي إلى خيمته.